قال السفير الأمريكي بصنعاء ماثيو تولر إن بلاده ومجموعة الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية تدعم جهود الرئيس عبدربه منصور هادي، في ايجاد الحل السلمي لكل المشكلات التي تعانيها اليمن، حيث أن أي مواجهات مسلحة ستدمر حياة اليمنيين. وشدد على كافة الأطراف اليمنية إعادة التركيز في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وكذا مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. وأبدى تولر – في أول مؤتمر صحفي له في صنعاء منذ تعيينه في مايو الماضي- استعداد الدول العشر والمجتمع الدولي لاتخاذ أي اجراءات ضد أي طرف يهدد الوضع الأمني ويعرقل المرحلة الانتقالية في اليمن، معتبراً لجوء الحوثيين لاستخدام السلاح والقوة يجعلهم محل شك في نواياهم وطموحاتهم السياسية. ودعا عبدالملك الحوثي وجماعته ان يسلكوا العمل السياسي السلمي، كما تقوم بذلك بقية الأطراف اليمنية، وقال "ان الحوثيين سيكسبون الكثير اذا انخرطوا في العملية السياسية، ويمكن ان يتم التعاطي حينها مع أي مظالم من الماضي بصورة سلمية، أما عندما يلجئوا إلى استخدام السلاح والعنف للتهديد وتخويف الآخرين فإنهم يضعون انفسهم في موضع يجعلهم في مواجهة المجتمع الدولي كطرف مدان في عرقلة العملية السياسية والمرحلة الانتقالية. وأوضح تولر أن العملية السياسية هي مصالحة وتنازلات ولا يمكن لأي طرف ان يحصل على كل ما يبتغيه من خلال العملية السياسية، كما ان لجوء أي طرف لم يحصل على ما يبتغيه إلى العنف أمر مرفوض، وهو الخطر الذي نحذر منه جماعة "انصار الله"، الذي قال انه يجب ان يتجهوا إلى العمل السياسي وان يشكلوا حزباً سياسياً ويعيدوا الأسلحة التي لديهم إلى الدولة، "فلا يجب أن يعملوا أي شيء مخالف لما سبق ان اتفقوا عليه داخل الحوار وضمن مخرجاته". وعبر السفير الامريكي عن القلق من استغلال إيران للوضع المتزعزع في بعض دول الإقليم وتدخلاتها بشأن جيرانها، لكنه رفض التعليق حول دعم ايران للحركة الحوثية، لافتاً إلى أن بيانات سفراء الدول العشر قد عكست قلق عميق بالتدخل الإيراني في اليمن، داعياً أي بلد يهمه الوضع الأمني في اليمن أن يستقر، بأن بدعم المبادرة الخليجية. وأشار تولر إلى أن هناك من يستغل الأوضاع الحالية في اليمن لمصالحة الضيقة، مضيفاً: "ونحن راقبنا عناصر داخل المؤتمر الشعبي وهو حزب دولة ولديه القدرة على التواصل مع اطراف كثيرة، تستفيد من عدم الاستقرار داخل البلاد لتحقيق اجندتها". كما اوضح أن البعض في الساحة يستغلون تدهور الأوضاع لمصالحهم الضيقة بدلاً من الأخذ بعين الاعتبار مصالح الوطن العليا – حسب تعبيره- مشيراً إلى أن عناصر في المؤتمر انضمت إلى الحوثي للمطالبة بتخفيض اسعار الوقود، وبعضها انضمت لإسقاط الدولة. وتابع: وكنا اصدرنا بيان لسفراء الدول العشر ادنا فيه الأنشطة التي تقود إلى العنف، كما ندين دائماً أي عنف يقود إلى قتل الأبرياء، وما أراه ان الحكومة تستنفذ كل قدرتها للسيطرة على نفسها دون استخدام أي شكل من اشكال العنف. وقال السفير الأمريكي بصنعاء أن مواقف بلاده بشأن الأوضاع في اليمن تم التعبير عنها عبر وسائل مختلفة، وأن دور الولاياتالمتحدة هو جزء من سفراء الدول العشر الراعية لمبادرة الخليجية، أو عبر مجلس الأمن الدولي، لافتاً إلى أن الولاياتالمتحدة كانت عبرت عن قلقها من انشطة "انصار الله" التي ادت إلى تدهور الوضع الأمني. وشدد على ان تكون نتائج المفاوضات الجارية لحل الأزمة الراهنة يجب ان تنسجم مع المبادرة الخليجية وآليتها، ومخرجات الحوار الوطني. وتطرق السفير تولر إلى تعاون بلاده مع الحكومة اليمنية في المجال العسكري، من خلال مستشارين عسكريين يعملون على تدريب وحدات الجيش والأمن على المعدات التي حصلت عليها، والمساعدة على المزيد من بناء القدرات للقوات المسلحة اليمنية، مشيراً إلى تصريحات الرئيس الامريكي باراك اوباما التي اعتبر فيها التجربة في اليمن نموذجا. ونفى أن يكون اشراف الدول العشر على المرحلة الانتقالية هو تدخل في الشئون الداخلية لليمن، وانما هو دعم للنوايا الحقيقية لانتقال اليمن وسيادة البلاد، مشيراً إلى مشاركة الأطراف ليمنية في الحوار الوطني، للسيطرة على قضاياهم الحياتية بأنفسهم، معتبراً من يقاوموا نتائج الحوار الإيجابية فإنهم سيجعلون الآخرين يشككون في نواياهم، وقال "أنا لا أرى أي فعالية لشعار الموت لامريكا في بناء اليمن". وأكد السفير الامريكي ان بلاده ستدعم ان يعمل اليمنيون معاً لحل الخلافات القائمة، وستقدم كل وسائل العون السياسية والاقتصادية والأمنية، مشيراً إلى المصالح المشتركة تتطلب ان يخرج ليمن كبلد قوي وآمن ومستقر، لكنه قال أنه لا يمكن للولايات المتحدة بكل امكاناتها أن تجد حلاً سحرياً فيما يتعلق بأصدقائها ومشكلاتهم، لكنها تستطيع أن تكون فاعلة في ايجاد الحل. وتحدث ماثيو تولر عن قرار مجلس الأمن الذي قال انه يعبر عن رغبة لدى المجتمع الدولي ان تعبر البلاد المرحلة الانتقالية، معتبراً القرار وسيلة فعالة وقوية بيد المجتمع الدولي لاتخاذ أي اجراءات ضد أي مجموعات أو افراد يحاولون عرقلة المرحلة الانتقالية، منوهاً بأن لجنة العقوبات ستحول كل القضايا إلى مجلس الأمن بعد نظرة فاحصة، بما يمكن المجتمع الدولي من اتخاذ الإجراءات بحق المعرقلين. وعن دعم المجتمع الدولي اليمن اقتصادياً في هذه المرحلة، قال انه يجب التركيز على الاقتصاد من اجل ان تتقدم اليمن وتزدهر، مشيراً إلى ان الكثير من التحديات الاقتصادية التي تعانيها البلاد تسهم في تزايد المشاكل، وترتكز على الأوضاع السياسية والأمنية التي ظلت سائدة لعقود. وقال إن اليمن لا يجب ان تعتمد على المعونات، فلديها عمالة قوية وكثير من الموارد التي تمكن من بناء اقتصاداً صحيحاً مزدهراً، لكنه اشترط وجود حكومة قوية، لافتاً إلى أن قلة الفرص الاقتصادية شكلت بيئة خصبة للمجموعات المتطرفة، مؤكداً دعم الدول العشر للمجال السياسي والأمني، غير أنه أكد أن القضايا الاقتصادية هي التي ستحدد ما إذا كان ليمن سيحقق طموحاته من عدمه. وتطرق تولر إلى المعونات الاقتصادية التي تقدمها بلادها والتي بلغت 800 مليون دولار منذ 201 والمصممة لاعطاء ليمن موارد مالية للوفاء بالتزاماتها الاقتصادية، إضافة إلى جهودها ضمن البنك الدولي في ان تصبح اليمن بلد اكتفاء ذاتي، كما أشار إلى برنامج الوكالة الامريكية للتنمية الدولية الذي ركز على مجال الحوكمة وتطوير القطاع التعليمي والمشاريع الصحية طويلة المدى. كما تحدث عن الاصلاحات الاقتصادية، حيث أوضح أن دعم المشتقات النفطية لا يستهلك الميزانية فقط، وانما يوجد مجالات واسعة للفساد المالي والاداري واستهلاك موارد الدولة الأخرى، مشدداً على الاصلاحات الاقتصادية الأخرى مثل العمالة الغير حقيقية التي اعتبرها وسائل تستهلك موارد البلاد بدلاً من ان تفيد جميع اليمنيين، موكدا دعم بلاده للاصلاحات التي تتصاحب مع الجهود السياسية.