تدهور الوضع الاقتصادي في اليمن تدهورا مريعا منذ الانقلاب الذي قام به الحوثيون والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في 21 سبتمبر من العام الماضي وتضاعفت المعاناة على المواطنين بشكل أكبر بعد ان أقدمت جماعة الحوثي على بيع النفط في السوق السوداء وبأسعار كبيرة تصل سعر الدبة البترول الى عشرة الف ريال وسعرها الرسمي ثلاثة الف ريال لدعم ما يسمى المجهود الحربي وهو ما انعكس أثره السلبي على ارتفاع كبير في الاسعار. وبسبب توقف الاعمال وخاصة الحرة وهي التي يعمل بها الغالبية العظمى من المواطنين تضررت نسبة كبيرة من شريحة العمال والمقاولين وأصحاب المهن. يقول المواطن صالح عبده، مقاول أخشاب، ان ارتفاع الاسعار والوضع المضطرب في البلد بسبب انقلاب الحوثيين على النظام الشرعي انعكست آثاره على الاوضاع الاقتصادية في البلد وتوقفت الحياة العمرانية وكان الضحية من هذا التوقف هم شريحة المقاولين وشريحة العمال الذين يقاسون اوضاعا اقتصادية صعبة خاصة بعد مضي أكثر من عام وهم لم يحصلوا على أي عمل. ولجأ المواطن صالح عبده الى شراء أغنام والقيام برعيها في الحواري لتدر عليه بعض المال ليشتري طعاما له ولاسرته. ويضيف الرجل الستيني انه منذ أكثر من عام ولم يحصل على أي عمل بسبب عزوف الناس عن البناء وهو ما جعل شريحة المقاولين والعمال الضحية الأولى وأصبحت المعاناة اليومية تتكوم على كواهلهم. وقد ارتفعت الأسعار منذ انقلاب الحوثيين المشؤوم في العام الماضي بنسبة جنونية وهو ما جعل 80% من أبناء الشعب في حاجة ماسة للمساعدة بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلد. من جانبه يرى محمد عاطف، بناء، انه منذ أكثر من عام وهو لم يعمل بسبب توقف الأعمال التي حدثت على خلفية الوضع المضطرب في البلد بعد ان أقدمت ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع على الانقلاب على نظام الحكم في العاصمة صنعاء. محمد يؤكد انه يعاني هو وأسرته من عدم قدرته على الحصول على المال لشراء المواد الغذائية وانه منذ أكثر من عام وهو يتسلف من معارفه والميسورين من أبناء منطقته لشراء المواد الغذائية. وتعد شريحة العمال والبنائين والمهنيين وأصحاب الحرف من الشرائح التي أنزلقت الى مربع الفقر المدقع بسبب توقف الاعمال وارتفاع الاسعار. وكان الجهاز المركزي للإحصاء قد أعلن الشهر الماضي، نتائج أول مسح للقوى عاملة في اليمن جاء فيها أن عدد العاملين لعام 2013-2014 ، بلغ 4.2 مليون شخص بينهم 73.7 في المائة يعملون في القطاع الخاص، وهو القطاع "الأكثر تضررا من الأحداث الجارية". وتؤكد التقارير التي صدرت عن المنظمات الدولية هذا العام أكدت ارتفاع نسبة الفقر إلى 80 بالمائة، أي ما يقارب 20 مليون يمني يحتاجون للغذاء أو للمساعدات الغذائية. ويعد ارتفاع معدل الفقر انعكاسا لنسبة البطالة التي تضاعفت نسبتها في اليمن بسبب الحرب. ويقول مراقبون ان "هروب رؤوس الأموال من اليمن وعدم تدفق الاستثمارات الخارجية فاقم من الأزمة الاقتصادية، فضلا عن توقف المشاريع الصغيرة والمتوسطة عن العمل بسبب الحرب والظروف المحيطة بها". *سياسات خاطئة وكان تقرير أصدره مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن، عن الوضع الاقتصادي المتردي الذي وصلت إليه البلاد، نتيجة للسياسات الخاطئة التي تتخذها جماعة الحوثيين المتمردة، التي وصفها التقرير بأنها "سياسات تدميرية"، من شأنها أن تدخل البلاد في كارثة. وقال التقرير إن المواطنين اليمنيين يعيشون أسوأ فتراتهم، حيث يعانون من تراجع القوة الشرائية إلى أدنى مستوياتها، بسبب توقف معظمهم عن العمل، بسبب إغلاق معظم الأنشطة الاقتصادية عقب تفجر الأوضاع الأمنية. وأضاف التقرير أن البلاد تعاني من ارتفاع جنوني في أسعار السلع والمواد الغذائية، بسبب إرغام المتمردين لكثير من التجار على الخروج من السوق، بفرض الضرائب الباهظة عليهم ومحاربتهم، لإتاحة الفرصة أمام عناصرهم للسيطرة على السوق. ونسب التقرير السبب الرئيس في الأزمة إلى تفشي ظاهرة السوق السوداء، التي باتت واقعا معاشا في اليمن، وتعمل تحت حماية سلطات الانقلاب، مشيرا إلى أن معظم السلع الحياتية التي يحتاجها المواطنون اختفت من القنوات الشرعية ووجدت طريقها للسوق السوداء، لتباع هناك بأسعار مضاعفة، تحت مرأى ومسمع الانقلابيين، التي لم تكتف بالوقوف موقف المتفرج، بل تحشد عناصرها لفرض الأمن واعتقال المحتجين على وجود تلك السوق. وتابع، بإن نسبة الزيادة في بعض المحافظات التي ما تزال تحت سيطرة المتمردين، مثل صنعاء والحديدة، تمثل أضعاف ما هو موجود في المحافظات التي تم تحريرها وعادت إلى الشرعية، مثل عدن والضالع وأبين.