[email protected] الثورة الشعبية بدأت سلمية ومضت وستنتهي سلمية، مهما واجهها النظام بالعنف والرصاص والقتل، وهذا سر قوتها، واتساع نطاقها، وتزايد مناصريها، الثورة تستهدف الخير والكرامة للشعب اليمني، ويجب أن تبتعد عن الرغبة في الانتقام أو تصفية الحسابات، إنها تحمل حب السعادة للجميع، ولأنها عمل بشري يعتريه النقص والضعف والقصور فإنها بحاجة إلى استمرار التذكير والتبصير حتى تحقق أهدافها السامية ومقاصدها النبيلة. أبناء الثورة الذين شكلوا نسيجها الجميل نذكرهم بالتجرد من حظوظ النفس، والعمل على تجاوز الأخطاء والخلافات- إن حدثت- ولا يسمحوا لأيٍ كان أن يعظم الصغيرة، أو أن يجعل من الحادثة العارضة قضية رأي تناقش في المنابر العامة والصحف والندوات، فليس من النصح والإخلاص للثورة إثارة الزوابع وإشعال الفتن، مع أهمية الوقوف في وجه الباطل، ولكن بالقدر الذي يعيد الحقوق، ويمنع تكرار الأخطاء، وإلا تحولت الساحات إلى نجوى تشغل الثوار عن إنجاز مهمتهم الأساسية لإسقاط النظام وبناء اليمن الجديد. وعلى رواد الثورة أن يحذروا الغرور، وأن يتعودوا على القبول بالآخر، ويحسنوا التواضع، ونكران الذات، ويبحثوا دائما عن الحلول ولا يقفوا عند المشكلات فقط. إلى أبنائنا في الأمن المركزي والحرس الجمهوري، كم هو عظيم موقفكم المتعاطف مع شعبكم الذي يريد التغيير بالطرق السلمية، كم يسعد المتظاهرون وهم يمرون من بينكم وينظرون إليكم وأنتم تذرفون الدموع تأثرا بهتاف (نحن والجيش والشرطة، يجمعنا ظلم السلطة..)، ويقدر لكم إخوانكم أنه حين تصدر إليكم الأوامر بأنكم تفرغون خزائن أسلحتكم في الهواء، تلك السمة العامة التي يشهد بها الجميع، وكم هو بائس منظر القلة التي تتعمد إطلاق النار أو ترمي القنابل في وجوه الشباب الثائر، فمن يرضى أن يقتل أخاه؟ أو يوجه سلاحه إلى رأس أبيه؟ أو يظهر بطولته على ولده؟ إنكم تدركون أن الحكام ذاهبون، والشعب هو الذي سيبقى، ولن تكون مصلحتكم إلا مع شعبكم الذي أنتم منه، وهو منكم.. وإلى إخواننا المدنيين حاملي الأسلحة والعصي الذين جندهم النظام ليظهروا بطولاتهم ويفردوا عضلاتهم على إخوانهم المسالمين، إنكم أكثر الضحايا بؤسا، ولن تفلتوا من العقاب جراء ما اقترفته أيديكم، لأنكم بدون أي غطاء قانوني، وليس لكم أي صفة رسمية، ولأن ما تقومون به يتنافى مع الشهامة والعدالة فإنكم تضطرون لتغطية وجوهكم حتى لا يعرفكم الناس، وما تقدمون عليه من أعمال إجرامية تجعلكم تحت طائلة المسئولية الجنائية التي لا تسقط بتقادم الأيام، لن ينفعكم المال ولا السلاح ولا السلطان، ولن تفلتوا من عقاب الله، ومن الخير لكم أن تكفوا شركم عن الناس، ولا تشاركوا في الظلم والبطش، والأيام دول.. وأنتم أيها الطيبون ممن تهتفون بحياة الرئيس، من حقكم أن تحبوا من شئتم، علقوا صور الرئيس على صدروكم، وارفعوها في منازلكم، ولكن لا تجبروا غيركم على القبول برئيس مدى الحياة، فإن كان قد أحسن إليكم، فقد استاء منه آخرون، وإذا كنتم قد سعدتم به ثلاثا وثلاثين عاما، فقد شقي به كثيرون وهو ليس معصوما من الخطأ، إن كان محسنا سيبقى ذكره الحسن، وإن كان مسيئا فلا تحملوه أكثر مما تحمل، وهو بشر مهما طال عمره فإنه سيموت، دعوا الناس يختاروا رئيسا آخر وهذا لن ينتقص من قدره فقد كان قبله رؤساء وسيأتي بعده آخرون، سنة الله في الحياة، والدوام لله وحده..!! وأنتم أيها المحيطون بالرئيس اتقوا الله في أنفسكم وفي شعبكم وفي رئيسكم، اكتفوا بالمصالح التي حصلتم عليها، ولا تبلغ الأنانية بكم أن تدفعوا الرئيس للتمسك بالكرسي ولا يتركه إلا بعد أن يناله من التجريح والنقد ما يحزنه ولا يحميه. وإلى وسائل الإعلام الرسمية التي ما زالت تحرص على سفك دماء أبناء اليمن، إنكم شركاء في كل الجرائم التي تحدث لأبناء هذا الشعب، وستندمون على ذلك، لأن الأفراد يذهبون، وتبقى الشعوب، سيذهب ركام الزيف، وسيفتح اليمنيون أعينهم على صبح جديد، فلا تحرموا أنفسكم من استنشاق عبير الحرية، والتمتع بجمال الكرامة، انظروا حولكم، ولا تضعوا أنفسكم في كوة الظلمة. وهذا نداء إليك أيها الرئيس: لقد تحملت المسئولية ثلاثا وثلاثين عاما، وتلك مسئولية عظيمة، وماذا عساك أن تضيف بعد هذه الفترة، آن لك أن تريح نفسك من الهموم، وتتفرغ للهدوء والاستجمام، أن تراجع حساباتك، وتكتب مذكراتك، وتستعد للقاء الله تعالى وأنت بعيد عن كرسي السلطة بما فيه من هم وكدر، ومغامرة وخطر، ولا تحتاج أن نذكرك بأن كل قطرة دم تسفك من أجل بقائك تتحمل مسئوليتها أمام الله والشعب والتاريخ.. وأخيرا إلى الصامتين والمتفرجين من أبناء شعبنا الكريم، إنكم تستحقون الأفضل، ولا يكفي التأييد القلبي، شاركوا في صنع الثورة، وتغيير الأوضاع، مشاركتكم تساعد في منع سفك الدماء، وتقليل المخاطر، اليوم في الميادين والساحات يصنع المجد، فلا يفوتكم هذا الشرف..