قالت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الذي تصدره اليوم الخميس عن حالة حقوق الإنسان في العالم، إن حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ظلت تبدي قدراً كبيراً من عدم التسامح مع الانتقادات. وأضافت إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 'شهدت في العام الماضي أنماطاً من عدم تسامح الحكومات مع الانتقادات في بلدان مثل تونس والسعودية وسورية، ومن القمع المتصاعد كما هو الحال في إيران'. وقال التقرير فيما يخص اليمن 'إن القتال بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين في منطقة صعدة في شمال اليمن انتهى في فبراير الماضي بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين، لكن الأوضاع لا تزال غير مستقرة واستمرت تظاهرات الاحتجاج ضد الحكومة في جنوب البلاد، في عدن والمدن والبلدات المجاورة لها، حيث يشكو المتظاهرون من تمييز السلطات في صنعاء ضد سكان الجنوب'. وأضاف 'أن ممارسات قوات الأمن اليمنية من أساليب القمع والبطش، بما في ذلك الإعدامات المزعومة خارج نطاق القضاء والإفراط في استخدام القوة المهلكة في إطار جهودها لقمع التظاهرات الاحتجاجية، أجج سعير التظاهرات ضد الحكومة'. وقال تقرير المنظمة 'إن 2009 كان عاماً مشهوداً بالنسبة للعدالة الدولية، وشهد حدوث تقدم كبير في ما يتعلق بضمان العدالة للضحايا وضمن المحاسبة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في الماضي، وتزايدت خلاله أهمية الدور الذي ينهض به مبدأ الولايات القضائية العالمية في هذا الصدد'. وفي لبنان 'حدث تقدم بخصوص إمكانية محاكمة المسؤولين عن قتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وما يتصل بها من هجمات بعدما تم رسمياً تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في آذار/مارس 2009 بقرار من مجلس الأمن الدولي'. وذكر التقرير 'إن العام 2009 وبالرغم من استمرار التمييز ضد المرأة، شهد بعض الخطوات الايجابية في عدة دول، من بينها اليمن وقطر والكويت والأردن والجزائر والسعودية'. وأشارت منظمة العفو الدولية في تقريرها، والذي يوثق انتهاكات حقوق الإنسان في 159 بلداً، إلى 'إن الفجوة القائمة في نظام العدالة الدولية تزداد اتساعاً بسبب سياسات القوة والنفوذ، رغم أن العام المنصرم شهد احداثاً بارزة في مجال العدالة الدولية، لكن بعض الحكومات القوية ذات النفوذ تعوق التقدم في هذا المجال من خلال إصرارها على البقاء فوق القانون فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وبدأبها على حماية حلفائها من الانتقادات، وبإحجامها عن التحرك إلا في الحالات التي تراها ملائمة لها من الناحية السياسية'. وقال كلوديو كوردوني القائم بأعمال الأمين العام لمنظمة العفو الدولية 'إن الفجوة في نظام العدالة الدولية تؤدي إلى تفشي القمع والظلم ما يدفع بملايين البشر إلى هوة الانتهاكات والاضطهاد والفقر'. وأضاف 'ينبغي على الحكومات أن تضمن ألا يكون هناك أحد فوق القانون، وأن تكفل لكل إنسان سبل اللجوء إلى العدالة للإنصاف من جميع انتهاكات حقوق الإنسان'، محذراً من 'أن معظم البشر سيظلون بمنأى عن التحرر من الخوف والتحرر من الحاجة إذا لم تكف الحكومات عن إخضاع العدالة لمصالحها السياسية الذاتية'. وأهابت المنظمة بحكومات العالم 'أن تضمن خضوعها للمحاسبة على أفعالها، وأن تبادر جميعها بالتوقيع على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وأن تكفل محاكمة الجرائم المرتكبة بموجب القانون الدولي في أي مكان في العالم'، وحمّلت دول مجموعة العشرين مسؤولية خاصة في 'أن تكون نموذجاً يُحتذى بالنسبة لغيرها من الدول'. ونوّهت المنظمة بأن الأمر الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية عام 2009 بالقبض على الرئيس السوداني عمر البشير بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب 'كان حدثاً بارزاً يبرهن على أن لا أحد فوق القانون حتى رؤساء الدول الذين يباشرون مهام مناصبهم'. ورأت العفو الدولية 'أن الفجوة في نظام العدالة أدت إلى إحداث حلقة مقيتة من القمع في مختلف أنحاء العالم'. وأشارت الى تسجيل 'حالات تعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة في ما لا يقل عن 111 بلداً، وحدوث محاكمات جائرة في ما لا يقل عن 55 بلداً، وفرض قيود على حرية التعبير في ما لا يقل عن 96 بلداً، بالإضافة إلى احتجاز سجناء رأي في ما لا يقل عن 48 بلداً، كما تعرضت المنظمات المعنية بحقوق الإنسان والمدافعون عن حقوق الإنسان لاعتداءات في بلدان كثيرة، حيث أقدمت الحكومات على منع أنشطة المنظمات والمدافعين أو أحجمت عن توفير الحماية لها ولهم'. وخلصت منظمة العفو الدولية إلى أن النزاعات المسلحة في العالم 'اتسمت باستخفاف صارخ بأرواح المدنيين، وارتكبت الجماعات المسلحة والقوات الحكومية انتهاكات للقانون الدولي في سريلانكا وجمهورية الكونغو الديمقراطية واليمن، وقُتل عدد من المدنيين بشكل غير مشروع، كما أُصيب آخرون على أيدي القوات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة في سياق النزاع في قطاع غزةوجنوب إسرائيل'. وقالت 'إن آلاف المدنيين عانوا من انتهاكات جراء العنف المتصاعد على أيدي حركة طالبان في أفغانستان وباكستان، بينما تحمّل المدنيون القسط الأكبر من تبعات النزاع في الصومال والعراق، وعانت النساء والفتيات في معظم النزاعات من الاغتصاب وغيره من أشكال العنف على أيدي القوات الحكومية والجماعات المسلحة'.