أفضل وقت لنحر الأضحية والضوابط الشرعية في الذبح    إنجلترا تبدأ يورو 2024 بفوز على صربيا بفضل والدنمارك تتعادل مع سلوفينيا    كيف استقبل اليمنيون عيد الاضحى هذا العام..؟    فتح طريق مفرق شرعب ضرورة ملحة    نجل القاضي قطران: مضبوطات والدي لم تسلم بما فيها تلفوناته    تن هاغ يسخر من توخيل    مع اول أيام عيد الأضحى ..السعودية ترسم الابتسامة على وجوه اليمنيين    يورو 2024: بيلينغهام يقود انكلترا لاقتناص الفوز امام صربيا    في يوم عرفة..مسلح حوثي يقتل صهره بمدينة ذمار    "لما تولد تجي"...الحوثيون يحتجزون رجلا بدلا عن زوجته الحامل ويطالبون بسجنها بعد الوضع    هولندا تقلب الطاولة على بولندا وتخطف فوزًا صعبًا في يورو 2024    "إرسال عبدالملك الحوثي إلى المقصلة ومن ثم عقد سلام مع السعودية"..مسؤول حكومي يكشف عن اول قرار سيقوم به حال كان مع الحوثيين    الحوثيون يمنعون توزيع الأضاحي مباشرة على الفقراء والمساكين    حاشد الذي يعيش مثل عامة الشعب    كارثة في إب..شاهد :الحوثيون يحاولون تغيير تكبيرات العيد !    خطباء مصليات العيد في العاصمة عدن يدعون لمساندة حملة التطعيم ضد مرض شلل الأطفال    طارق صالح في الحديدة يتوعد الإمامة ويبشر بدخول صنعاء (فيديو)    كاتب سعودي: تجار أميركا يرفعون أسعار الأضاحي    أعجوبة مذهلة .. مغترب يمني يعود للحياة بعد اعلان وفاته رسميا    حدث ما كان يخشاه عبدالملك الحوثي من فتح طريق الحوبان في تعز.. هل تعيد المليشيات إطباق الحصار؟    الرئيس الزُبيدي يستقبل جموع المهنئين بعيد الأضحى المبارك    طقوس الحج وشعائره عند اليمنيين القدماء (الحلقة الثالثة)    آخر موعد لذبح أضحية العيد وما يجب على المضحي فعله    فرحة العيد مسروقة من الجنوبيين    نازح يمني ومعه امرأتان يسرقون سيارة مواطن.. ودفاع شبوة لهم بالمرصاد    رئيس تنفيذي الإصلاح بالمهرة يدعو للمزيد من التلاحم ومعالجة تردي الخدمات    حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى منى لرمي الجمرات    كل فكر ديني عندما يتحول إلى (قانون) يفشل    جواس والغناء ...وسقوطهما من "اعراب" التعشيب!    شهداء وجرحى في غزة والاحتلال يتكبد خسارة فادحة برفح ويقتحم ساحات الأقصى    هيئة بحرية: تقارير عن انفجارين قرب سفينة قبالة ميناء المخا    تبدأ من الآن.. سنن عيد الأضحى المبارك كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم    بعد استهداف سفينتين.. حادث غامض جنوب المخا    "هلت بشائر" صدق الكلمة وروعة اللحن.. معلومة عن الشاعر والمؤدي    يوم عرفة:    سجن واعتقال ومحاكمة الصحفي يعد انتكاسة كبيرة لحرية الصحافة والتعبير    وصلت لأسعار خيالية..ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأضاحي يثير قلق المواطنين في تعز    استعدادا لحرب مع تايوان.. الصين تراقب حرب أوكرانيا    يورو2024 : ايطاليا تتخطى البانيا بصعوبة    عزوف كبير عن شراء الأضاحي في صنعاء بسبب الأزمة الاقتصادية    ياسين و الاشتراكي الحبل السري للاحتلال اليمني للجنوب    صحافي يناشد بإطلاق سراح شاب عدني بعد سجن ظالم لتسع سنوات    ثلاثية سويسرية تُطيح بالمجر في يورو 2024.    - ناقد يمني ينتقد ما يكتبه اليوتوبي جوحطاب عن اليمن ويسرد العيوب منها الهوس    بينهم نساء وأطفال.. وفاة وإصابة 13 مسافرا إثر حريق "باص" في سمارة إب    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحسني يكتب ل " التغيير" عن مواقف المعارضة من: السلطة والإرهاب والوحدة !!
نشر في التغيير يوم 29 - 11 - 2005


السفير احمد عبد الله الحسني *
" التغيير" خاص: لزمن طويل اخطأت قيادات الأحزاب المعارضة التقدير و الاختيار ، فبدلا من اصطفافها إلى جانب قضايا الناس البسطاء من الشعب اليمنى والتزامها بقضايا التغيير والتقدم ومحاربة الفساد وتمسكها بالقضايا الوطنية الكبرى وتصديها لمهمة بناء وطن خال من الاستعباد والظلم والتعسف ، نجدها تتزلف للحاكم وتبحث له عن مبررات وهو ينهب الثروات ويصادر الحريات ويستبيح الوطن ويمارس التفرقة المقيتة ، مقابل فتات يرمى لها في
لعلنا أمام حالة أخرى من حالات سقوط المثقفين أمام عتبة بلاط السلطان وهي حالة تكررت في الحياة السياسية العربية .
كل مبنى هنا وسيارة هناك ومنصب لهذا ومنحة لذاك وهذه الصفة يمكن تعميمها على جميع الأحزاب السياسية المعروفة بأحزاب المعارضة وعلى الكثير من المثقفين والأكاديميين الذين أكثروا من التحليلات السياسية لأوضاع البلاد وللأسف الشديد المثقفون والأكاديميون يسهبون في سرد قراءاتهم للفساد ويشخصون الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية ويستشهدون على حجم المأساة التي تعيشها اليمن بما تذكره التقارير الدولية المختلفة والتي تجمع على أن اليمن يحقق تراجعا مخيفا في كل المجالات ويسجل علامات تؤشر لقرب زوال الدولة هؤلاء المثقفون والأكاديميون هم أيضا من يقول بان كل الشرور والويلات التي يعاني منها الوطن والإنسان اليمني مسؤول عنها راس النظام بحكم احتكاره للسلطة المطلقة وللثروة ولدوره في تمييع أداء الدولة وهم أنفسهم من يعتقدون بل يعلنون أن لا مخرج لهذا الشعب المسكين المقهور والمغلوب على أمره ولا إصلاح يمكن أن ينقذ البلاد إلا بنفس الرئيس وهو تناقض رهيب بل مغالطة فجه للواقع وعكس ما تمليه القواعد العلمية والموضوعية التي يفترض بان يتمسكوا بها في اقتراح المخارج السليمة من الأزمة الشاملة التي تكاد تعصف بالبلاد.ولا ادري كيف يستقيم منطق اعوج كهذا وكيف يمكن القبول بهذه المتناقضات ؟! ولعلنا أمام حالة أخرى من حالات سقوط المثقفين أمام عتبة بلاط السلطان وهي حالة تكررت في الحياة السياسية العربية .
إن قيادات أحزاب المعارضة وهي تلوك أسباب الأزمة الشاملة وتتناول قضايا الوطن والأمة لم تستطع أن تتبنى مخرجا عمليا واحدا يستند إلى تحليل علمي وموضوعي ناقد لتجربة الوحدة اليمنية ، كما لم تستطع أن تجري تقويما صحيحا لموضوع الديمقراطية والحريات العامة وقضايا حقوق الإنسان بالرغم مما مرت به البلاد من تجارب وأحداث مرة ودامية حطمت مفهوم الانتماء للوطن واقتصرت معالجاتها لقضايا شديدة الخطورة مثل نتائج حرب صيف 94 وما آلت إليه الأمور بعدها إلى حرب صيف 2004 في صعدة ، والتي لازالت مستمرة حتى اللحظة ، حيث شنت قوات النظام وحلفاؤها عدة هجمات على أنصار السيد بدر الدين الحوثي في قراهم بمحافظة صعدة، حيث لا يزال الكثيرين من أتباعهم يرزحون في سجون السلطة إلى اليوم على الرغم من الإعلان الرئاسي عن العفو عنهم وإطلاق سراحهم في ذكرى 26 سبتمبر الماضي ، فقد اقتصرت هذه المعالجات على ترديد العبارات الجوفاء التي تنتقد النظام لكنها لا تتجرأ في أساليب معارضاتها وترتقي من شكل إلى أخر بحيث تجعل من هموم الوطن والشعب محورا لنضالاتها ، تلتزم بها ولها , الأمر الذي أوجد قطيعة بين الناس ، أي بين جماهير الشعب وبين هذه القيادات الحزبية وجد ترجمته العملية في الموقف الفضيحة ، موقف الخذلان من انتفاضة الجياع والمسحوقين في 20 و 21 يوليو 2005م ، بل وصل أن بعض هذه القيادات أدانت المظلومين والمسحوقين وهي بفعلتها الشنيعة تلك إنما تقف في صف المجرم القاتل ضد الضحية والمقتول . ولا يختلف موقفها كثيرا من قضايا تفريخ الأحزاب واستنساخ الصحف واختطاف وتهديد الكتاب واعتقال أصحاب الأقلام الشريفة ونشطاء منظمات حقوق الإنسان و منظمات المجتمع المدني.!!
إننا أمام حالة شديدة الغرابة من جهة ، وشديدة التعقيد في نفس الوقت من جهة أخرى ، فالأحزاب التي تمتلك تجربة تنظيمية جيدة ولديها ارث نضالي غير بسيط ولا تعوزها الخبرة نجدها وقد وقفت من قضايا مصيرية للوطن ومن قضايا مطلبية للمواطنين نفس مواقف السلطة وحزبها الحاكم بالفساد إلى درجة أن الجماهير المقهورة بحكم الظلم والاضطهاد فقدت ثقتها في هذه القوى السياسية وفي قياداتها و هي ترى كيف أن هذه المعارضة نفسها هي من تبرر للنظام ظلمه واستغلاله وقهره للجماهير وهي أيضا أي هذه الأحزاب المعارضة من لم يقف أمام النهب المنظم والمستمر للثروات الوطنية وللمال العام الموقف الذي يردع قيادات الفساد والإفساد من الاستمرار في غيهم وعتوهم إلى درجة أن تتجرأ حكومة الخراب العام وتطلب وان تحصل على موافقة بشرعية نهب أكثر من أربعمائة مليار ريال في الأسابيع القليلة الماضية.!!
هذه الأحزاب نفسها لم تحدد موقفا واضحا من مسالة شديدة الخطورة تتعلق بالبناء المستقبلي للوطن وللأجيال القادمة وتتعلق بتماسك المجتمع و بالسلام الاجتماعي ونعني بها قضية الإرهاب .
إن هذه المسالة الحساسة والشائكة يجب أن يكون لدى الأحزاب وقياداتها موقفا مبدئيا واضحا منها ، فهي لا تحتمل الموقف بين لخطورتها على اليمن ومستقبله وعلى المنطقة برمتها
نحن نعرف جيدا أن انتشار الاف المدارس الدينية المتبنية للفكر الظلامي المتطرف قد تم بمعرفة السلطة ورضاها كما نعلم تماما أن السلطة هي من توفر الظروف المناسبة لإنشاء وتكوين المجموعات الدينية المتطرفة وهي من توفر الأمن والأمان لقيادات دينية متطرفة هي الأخرى وتورد الأنباء وجود أعداد متزايدة من اليمنيين والعرب الآخرين ممن يحملون وثائق يمنيه يحاربون الروس في بلاد الشيشان كما أن صحفنا المحلية تورد صورا وأسماء لشباب يمنيين فجروا أنفسهم بسيارات مفخخة أو عبوات ناسفة في العراق كل ذلك ما كان ليتم لولا رضا السلطة و مباركتها!!
وتثبت الوقائع والأحداث أن السلطة لم تفك ارتباطها بهذه المجموعات الدينية المتطرفة ويمكن الاستدلال عل صحة ذلك بالموقف الرسمي من محاكمات مختلف المجموعات الإرهابية في اليمن ومصير أولئك ، سواء من اتهموا بتفجير المدمرة الأمريكية كول في أكتوبر 2000م أو مجموعة الخاطفين للسواح الأجانب شتاء 98 في أبين أو المتهمين بالهجوم على الناقلة الفرنسية ليمبورج 2002م وصولا إلى المحاكمة المهزلة للمتهمين باغتيال المناضل اليمني الجسور جار الله عمر في وضح النهار وداخل قاعة مؤتمر حزب الإصلاح بالعاصمة صنعاء !! كل تلك شواهد على إصرار السلطة على عدم الاقتراب أو التعرض للبناء المؤسسي للمجموعات الدينية المتطرفة في اليمن ، وعدم التعرض لقياداتها ومن يقف وراءها ولا أجد مبررا لقيادات الأحزاب في موقفها هذا سوى أنها مثل النعامة التي لا تريد أن ترى الصياد وقد أطبق عليها فتدفن رأسها في الرمال معتقدة بأنه لن يراها طالما هي لا تراه .!!
إننا أمام خيارين لا ثالث لهما:
1 أن نلتزم موقف السلطة وهو موقف يضع البلاد على شفى حرب أهلية بإتباعه سياسة اللعب بالنيران ، التي ولا شك ستأتي عليها أيضا كما ستأتي على الجميع ، وهذه السياسة لا يتوقف خطرها على اليمن فقط ، بل يتعداها ليهدد دول المنطقة كلها ولا نكون مخطئين إن قلنا انه يهدد السلام الدولي برمته لسبب بسيط هو عدم استطاعة احد لا في السلطة ولا خارجها أن يتنبأ أين سيقف هذا المد الأصولي المتطرف وسائلا و ما هي إمكانياته وأين هي حدوده ؟!!
2 أن نعلن التزامنا بناء دولة تأخذ بأسباب العلم وتطوره وتوظف نتاج الثورة العلمية والتكنولوجية تستهدف بناء مجتمع العدل والمساواة وتنشر العلم والنور وتشيع ثقافة حب الخير للإنسانية جمعاء.
نحن نعرف جيدا أن انتشار الاف المدارس الدينية المتبنية للفكر الظلامي المتطرف قد تم بمعرفة السلطة !!
لا شك أن الخيار الأول كارثي بكل المقاييس ، فهو سيزيد من معاناة الناس وعذاباتهم ولن تجني منه البلاد سوى الويلات ومزيدا من التخلف في كل المجالات ولنا في حكم طالبان في أفغانستان عبرة فهم قد دمروا بلدهم والحقوا بها الخراب وعاشوا في عزلة دولية فاقمت من المأساة ، كما أن أصحاب الفكر الظلامي لا يملكون مشروعا للمستقبل بل يحاكون الماضي السحيق ويرتهنون لثقافة الجهل والخرافة !.
أما الخيار الثاني فانه يتطلب لمن آمن به أن يتصدى لتحدياته وان يعلن موقفا صريحا من متطلباته وفي المقدمة منها عدم المهادنة أو المساومة مع من يعرقل الوصول إليه وتحقيقه في الواقع الحياتي للناس وهذا يفرض على القيادات السياسية المقتنعة بهذا الخيار أن تتصدى فعلا لا قولا للسلطة ولخياراتها وتكشف ارتباطاتها بالإرهاب والمجموعات الإرهابية وتتبنى سياسة نشر المعرفة وإشاعة النور والعلم وتغرس ثقافة التسامح والإخاء الإنساني تنسج العلاقات والتحالفات الواضحة مع قوى التمدن والحضارة والرقي.
وفي اعتقادي أن على المثقفين وأصحاب الأقلام الشريفة وحملة الفكر والإبداع أن يسهموا في هذه المهمة النبيلة التي يعتمد النجاح فيها على قدر الوضوح والاقتناع بصواب وأهمية وصحة هذا الخيار لدى النخب والقيادات السياسية والفكرية .
إن الموقف المتذبذب هذا لأحزاب المعارضة في الداخل من قضية هامة جدا كقضية الإرهاب هو نفس الموقف الذي عرفناه عند تعاطي هذه الأحزاب مع قضية الوحدة وما آلت إليه الأمور بعد حرب صيف 94 .
إن نتائج حرب 94 وسلوكيات السلطة تجاه الجنوب أرضا وسكانا بعد الحرب لا يمكن لنا أن نصفها إلا بأنها سلوك احتلال عسكري قبلي متخلف حيث انتشر عشرات الآلاف من الجنود والضباط ومعهم المئات من الدبابات وعربات القتال ومن المدفعية والصواريخ والى جانبهم الآلاف من قوات الأمن المركزي وقوات النجدة والآف أخرى من رجال الاستخبارات العسكرية والأمن السياسي في كل المحافظات الجنوبية وأقيمت نقاط التفتيش في كل مكان بين القرى والمديريات كما في الصحاري وعلى قمم الجبال وفي السهول وبطون الأودية تمتهن كرامة ابنا الجنوب وتذيقهم الهوان في مجيئهم وذهابهم وترصد حركتهم وتعد أنفاسهم وتطلق التهديدات لهم مذكرة إياهم بالهزيمة وهذه القوات أمنت نشاط قوى " الفيد " والنهب من القبائل التي قدمت إلى الجنوب تعيث في الأرض فسادا تنهب الممتلكات وتبسط على الأراضي وتردم البحار وتفترش الجبال وهي تمارس فعلها الشنيع هذا مستفيدة من الفتوى الدينية التي أطلقت حينها وأحلت الجنوب وأهله بثرواته وناسه للقادمين كما استفادت من موقف السلطة الرسمي الذي اعتبر النصر في حرب 94 يجعل من الجنوب وأهله غنيمة له وهي أي السلطة بفعلها ذلك إنما تترجم ترجمة عملية مقولة الفرع عاد إلى الأصل وتصرفت بالجنوب أرضا وإنسانا من هذا الفهم الذي لا يستقيم واتفاقية الوحدة الموقعة بين الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) وبين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب ).
كما تبين الوقائع والأحداث والإجراءات اللاحقة التي اتخذتها السلطة وحلفاءها من شيوخ القبائل وكبار القادة العسكريين انه قد جرى بشكل منهجي ومنظم تشجيع للفتنة وحروب الثأر ونشر العلاقات القبلية المتخلفة وبسطها على الجنوب لتحل محل القانون والنظام الذي كان قد ترسخ في الجنوب لعقود كثيرة من السنين وترافق ذلك مع تصفية عشرات الآلاف من ابنا الجنوب من صفوف القوات المسلحة والأمن وجرى ملاحقة القيادات الجنوبية في الداخل والخارج وتشرد الآلاف منهم في أصقاع الأرض بحثا عن ملاذ آمن كما تم تصفية الكوادر المؤهلة من جهاز الدولة المدني وجرى إحلال القادمين من الشمال محل أبناء الجنوب في المحافظات الجنوبية ، بل أن تمييزا عنصريا يمكن تسجيله بوضوح حيث يعمل العشرات من أساتذة جامعة عدن بالقطعة ولفترات طويلة بينما يتم توظيف جددا بمرتب كامل وحقوق كاملة من المحافظات الشمالية . وجرى نفس الشيء في دوائر حكومية أخرى كما جرى تدمير للأمن والأمان وانتشرت أعمال القتل التي يقوم بها ضباط وأفراد ينتمون إلى الحرس الجمهوري ووحدات عسكرية أخرى ضد مواطنين عزل من أبناء المدن وبالذات في عدن عاصمة جمهورية اليمن الديمقراطية سابقا والعاصمة الاقتصادية والتجارية كما يحلو لإعلام السلطة تسميتها.!!
وإذا أضفنا إلى كل ذلك : نهب مستمر لثروات الجنوب النفطية والسمكية والثروات المعدنية الأخرى ، لعرفنا إلى أي مدى قد تم تخريب الجنوب أرضا وإنسانا والى أي مدى أصبح الجرح غائرا .
إن ترديد السلطة بمناسبة وبغير مناسبة أن الوحدة قد عمدت بالدم ، إنما هو إعلان صريح لا يقبل التشكيك بان وحدة السلم والمفروض أنها مقامة بناء على اتفاقية 30 نوفمبر 89 الموقعة بين دولتين نعيد ذكرهما هنا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية لم يعد لها وجود وان ما نحن فيه هو احتلال صريح من قبل الشمال للجنوب .
أمام هذه الوضعية المتردية للغاية لا نجد تحركا قويا لأحزاب المعارضة يرتقي إلى مستوى المأساة التي يعيشها الجنوب وإذا استطعنا أن نفهم موقف السلطة باعتبارها سلطة احتلال لم تفهم من الوحدة سوى الضم والإلحاق والمصادرة وهو فهم يتناسب وطبيعة النظام القبلي العسكري المتخلف وتطبيق معاصر لما ورد في نقش النصر لملك سبأ آل كرب والذي يصفه الدكتور جواد علي في كتابه تاريخ العرب قبل الإسلام ، فإننا لا نجد تفسيرا لموقف الحزب الاشتراكي اليمني باعتباره الحزب الذي حكم الجنوب ووقع على اتفاقية الوحدة وقد تخلى عن الجنوب وأهله ، ولا يتهمنا البعض بالتجني على الحزب ففي مواقف قياداته ما يبرهن على صحة هذا الوصف وهي تبرهن لنا منذ انتهاء أعمال المؤتمر العام الخامس بأنها ليست معنية بقضايا الجنوب وليست معنية بتصحيح مسار الوحدة بل أنها عبرت عن عدم معرفتها ماذا يعني إصلاح مسار الوحدة ولا نريد أن نذكرها بان المؤتمر العام الخامس قد عقد تحت هذا الشعار وان من قرارات المؤتمر ومن وثائقه الملزمة إصلاح مسار الوحدة !
إن قيادة الحزب الاشتراكي لم تقف عند ذلك الحد بل عملت أخيرا على التضييق على حرية الرأي والحوار داخل الحزب نفسه واستسلمت لضغوط السلطة في إيقاف نشر المواضيع الناقدة للسلطة وبالذات فيما يتعلق بالجنوب وأهله .
ولا نريد أن نسهب في الحديث عن تعاطي أحزاب المعارضة مع موضوع هام جدا جدا مثل قضية الوحدة ، لكننا نقرر بحقيقة ملموسة وهي أن مستوى هذا الأداء والتعاطي مع الوحدة ومع قضية الجنوب هو اضعف كثيرا مما يستحقه ، بل يمكن القول بأنها قد اشتركت مع السلطة في المسؤولية عن ما آلت إليه الأمور اليوم وهي حتى اللحظة لم تتقدم بمشروع واحد يعبر عن رؤيتها الخاصة عدا ترديدها لنفس مقولات السلطة والحزب الحاكم بالفساد . باستثناء اجتهادات لبعض القيادات الوطنية التي تناولت هذا الموضوع بمسؤولية ، وهي محاربة من قبل القيادة الجديدة للحزب وكتابات أخرى لبعض الأساتذة والمفكرين أمثال قادري احمد حيدر والدكتور عبد الملك المتوكل وعدد قليل من المستقلين ، ويتميز الكاتب عرفات مدابش عن الآخرين بانه قدم قضية الجنوب في دراسة وافية ومطوله وصريحة نشرت تحت عنوان قضية ما تحملها ملف .
إن تمييزا عنصريا يمكن تسجيله بوضوح حيث يعمل العشرات من أساتذة جامعة عدن بالقطعة ولفترات طويلة بينما يتم توظيف جددا بمرتب كامل وحقوق كاملة من المحافظات الشمالية !!
ن هنا نقول بان على قيادة أحزاب المعارضة في الداخل ، أن لا تستكثر على المعارضة في الخارج أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية والتاريخية وان تتصدى للنظام العسكري القبلي المتخلف الذي يحكم الشمال ويحتل الجنوب وتصعد من نضالاتها وتتبع الوسائل السلمية المتعددة لفضح زيف النظام وزيف ادعاءاته ، ولعل وجودها في الخارج يتيح لها حرية في الفعل أكثر من المعارضة التي تتواجد في الداخل تحت وطأة العسكر ورجالات الأمن مع دعوتنا للأخوة في الداخل إلى التخلي عن روح الاستسلام والخضوع والمداهنة فليس من المنطق في شي أن نتفق على أن السلطة الحالية ونظامها القائم مسئولة بالكامل عن المأساة التي يعيشها شعبنا ثم نأتي ونقرر أن ليس أفضل من رئيس هذا النظام نفسه من يصلح للحكم لسنوات عديدة قادمة!!



* لاجئ سياسي يمني في بريطانيا

مقالات سابقة للكاتب:
على الطريق الى واشنطن !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.