يكثر الحديث هذه الأيام عن عودة بعض القيادات الجنوبية التي خرجت من الوطن قسراً نتيجة للحرب الظالمة في العام 1994 م وعلى رأسهم دولة رئيس وزراء اليمن الموحد المهندس حيدر العطاس وغيرهم للمشاركة في العملية السياسية الجديدة وخصوصاً بعد انتهاء اعمال مؤتمر الحوار الوطني والتوافق على تنفيذ مخرجاته وهناك جهات من يرى عدم وجود جدوى من عودة تلك القيادات كونها لن تؤثر في عملية التغيير المرتقبة لليمن من جهة والقضية الجنوبية من جهة اخرى وأصحاب هذا الرأي ينتمون الى بعض مكونات الحراك الجنوبي وبعض مراكز النفوذ في اليمن ، بينما هناك جهات ترى تلك العودة اضافة جديدة للعملية السياسية اليمنية والقضية الجنوبية بدرجة أساسية نتيجة للخبرة المتراكمة للمهندس العطاس الذي تولى رئاسة الوزراء في الجنوب ثم رئيساً للجنوب من 1986م الى مايو 1990م ثم رئيساً لأول حكومة لدولة الوحدة . الرافضين لهذه العودة وبالذات بعض مكونات الحراك الجنوبي يرون ان العودة في غير وقتها وإنما تراجعاً للقضية الجنوبية ودعماً لتعليق اي حلول للقضية وهذا موقف للأسف غير عقلاني لأنهم بالأمس كانوا يطالبون تلك القيادات للعودة الى ارض الوطن للمشاركة في الدفع بالقضية نحو الامام بينما الواقع يتطلب عودة الكل والعمل من ارض الوطن والعمل قدر الإمكان في حلحلة القضية وبأي وسيلة ممكنة واليوم نراءهم يتراجعون عن تلك المطالب وتتوافق غريب مع قوى ومراكز النفوذ اليمنية الرافضة لعودة اي من تلك القيادات حتى لا تشكل عودتهم اضافة قوية وجديدة للقضية الجنوبية وبالذات لشخصيات مثل العطاس الذي كانوا يتهمونه بافعى ومهندس الانفصال وغيرها من التهم كون العطاس ورفاقه رجال دولة تربوا وعاشوا وعملوا في ظل دولة النظام والقانون بل وكانوا اصحاب مشاريع حداثية لليمن الواحد والتي تم اجهاضها بحرب العام 1994م وهذا باعتراف معظم القوى السياسية اليمنية . ان عودة اي مواطن لوطنه قضية خاصة بكل وحق طبيعي لكل مواطن وليس من حق الآخرين الاعتراض على مثل تلك العودة وإلا فذلك يعتبر اجحافاً سياسيا وقانونيا وغير مقبول لا محلياً ولا دولياً والإنسان لا يختار غربته او تشرده الا لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وكلما كان هناك رفض لعودة المشردين فهذا يعني ان هناك سياسة ممنهجة لتفريغ الوطن من مواطنيه بكل مشاربهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لصالح جماعات معينة لا ترى سوى نفسها ومصالحها الخاصة وضرب وخلخلة النسيج الوطني مهما تعللوا وأظهروا انهم مخلصون للوطن ولمواطنين بينما هم يمارسون أسوأ انواع العنصرية . ان هناك تأييد كبير لعودة مثل تلك الشخصيات ضرورية وستمثل عودتهم نقلة نوعية في العملية السياسية اليمنية وفي القضية الجنوبية التي لا يمكن إغفالها وقد اصبح العالم مدركاً لأهمية حلها ومعترفاً بها كما نرى ان عودتهم جميعا سيشكل رافداً لها من حيث احداث المزيد من التقارب بين مكونات الحراك الجنوبي وخلق روية واضحة ومحددة لها وكذا قيادة ميدانية تتعامل مع الواقع المحلي والإقليمي والدولي الذي لا يمكن تجاوز تلك الأطراف كوننا نعيش واقع ينبغي التعامل معه بواقعية وعقلانية بدلاً من لغات الرفض والإقصاء والتخوين والتقوقع الفكري والسياسي العقيم لان الجنوب يعيش مع العالم المحيط به ويتغير بمتغيراته وواقع التغيير ضروري استيعابه خصوصاً وان عالم اليوم غير عالم الأمس وربما اي جمود لن يسعف الجامدين في احداث اي تغيير منشود . ان عملية احتكار اي قصية او موقف او وطن لن تنجح حتى لو انتصرت في مرحلة زمنية معينة فيكف عندما يكون الاحتكار لوطن وإسقاط الوطن بفئة او جماعة معينة وعلى حساب الآخرين بالتأكيد ان معالم الفشل والسقوط هي التي تؤثر على الوطن والأمة في مختلف مناحي الحياة التي تفرض على الجميع السير بايقاعات متناغمة وتوافقية ولعل التاريخ الحديث شاهداً على ذلك . من هنا فعلى الجميع ان لا يستبق الأحداث بأفكار ومواقف متطرفة لا تخدم الا من يفكر لوحده ولا يريد الآخرين التفكير في بناء الأوطان والمجتمعات ، وما العيب في روية العطاس وغير العطاس مثل البيض وناصر وغيرهم في وطنهم ووسط أهلهم يعيشون أحداثه ويتعايشون مع متغيراته ويساهمون في حل قضايا وطنهم وأهلهم .... والعطاس رجل دولة مقتدر ومحاور دبلوماسي محنك ويتمتع برؤية متجددة تجيد التعامل مع مختلف المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية كما يتمتع بعلاقات جيدة مع كافة الأطراف لذا فعودته وعودة غيرة من أبناء الوطن لن يكون الا اضافة جديدة للوطن ، وقبول عودتهم في ظل هذه الأوضاع التي يمر بها اليمن تعتبر تضحية تستحق التقدير والاحترام فهي بحد ذاتها بطولة متحدية كل الصعاب والمخاطر .... ومن يعترض على عودتهم فهو لا يرى الواقع الا من زاوية ضيقة لا تساعد على بناء الوطن وتطوره . ارجوا ان لا تتأخر عودة العطاس وكل الشخصيات وسنظل نتطلع الى ان تكون عودتهم متوجة بالخطوات الأولية لحل القضية الجنوبية وتحقيق الاستقرار والتغيير لليمن والجنوب والمنطقة