التوازن الدولي والمقصود به توازن القوى بين الاطراف المؤثرة على سير الاحداث العالمية يشكل اهمية قصوى للتعايش السلمي بين الشعوب. وقد بدى هذا التوازن في السابق، اي في القرن العشرين واضحا بمعسكرين المعسكر الشرقي، والمعسكر الغربي، تجاذبا دول العالم الاخرى الى صفيهما. وقد تزعم المعسكر الغربي الولاياتالمتحدةالامريكية وبعض الدول الأوروبية الكبيرة ومن تبعهم من دول العالم الاخر، والمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي سابقا ودول اوروبا الشرقية ومن تبعهم من دول العالم النامية والأقل نمواً. وخلال العشرين عاما الماضية اختل ذلك التوازن وانهار بسقوط طرف من طرفي المعادلة الا وهو المعسكر الشرقي ابتداءً بالمركز(الاتحاد السوفيتي) وما تبعه من انهيارات سياسية، ومع ذلك الانهيار استشرت هيمنة الطرف الأخر، اي الولاياتالمتحدةالامريكية وحلفائها وبدت شهيتهم واضحة لالتهام العالم بأجمعه ومواصلة تفكيك الطرف الاخر وبالذات دول اوروبا الشرقية المحسوبة على المعسكر الشرقي والتي كان اهمها(بولندا، تشيكوسلوفاكيا، يوغسلافيا،.....), وكذلك الدول الحليفة الاخرى للاتحاد السوفيتي. ومع انشغال احد اطراف المعادلة الدولية بالتهام تركة المعسكر الشرقي وأدلجتهم رأسماليا وديمقراطيا على طريقة النظام الغربي والذي نجح في تعميم منهجه في بعض الدول واخفق في الكثير منها. على الجانب الاخر لملم مركز المعسكر الشرقي (روسيا الاتحادية) اشتاته وبداء في عملية علمية وعملية ممنهجة عبر ما عرف بعملية إعادة البناء في مختلف مناحي الحياة. وعلى الرغم من التحول الفكري واتباع منهج سياسي جديد في روسيا مركز (المعسكر الشرقي) واختياره المنهج الليبرالي الديمقراطي الا انه قد حافظ على هويته المتفردة وطور ادوات العمل الانتاجي واتخذ من الاقتصاد المزدوج منهجا اقتصاديا ليصل بحزمة الاجراءات تلك الى مستوى اقتصادي مرموق اذهل دول العالم. ومع هذا التنامي الانتاجي وتحقيق التراكم الرأسمالي الكبير تجددت امال الناس وتحديدا الدول والشعوب التي تضررت من اختلال التوازن الدولي في تسعينيات القرن الماضي، واستبشرت خيرا بعودة هذا التوازن وبداية مرحلة سباق جديدة من التحالفات الا ان الطرف الاخر التي ذهبت اّماله بإسقاط ذلك التوازن الدولي والسير نحو حكم العالم بقوة أحادية تفرض مناجها الاقتصادية والسياسية والثقافية وتعممها على العالم اجمع قد بدأت خيبتها من فشل ذلك المشروع بفعل ما جرى في روسيا تحديدا من تقدم واستعادة دورها الدولي والمؤثر على مستوى عالمي ليس فقط سياسيا وعسكريا كما ثبت للعالم بوقف روسيا مع النظام السوري والتصدي لمشروع صيرورة العالم عالماً واحد يحكمه سياسة واحدة وثقافة واحدة ومنهجٌ واحد وبداء المستضعفون الذين وقعوا تحت طائلة ظلم النظام الرسمالي الاحادي العولمي يشعرون بالثقة وعودة التوازن الدولي