الحشد الذي شارك عصر أمس في مظاهرة شارع الزبيري لم يكن لينزل إلا لكي يكون مضاداً للحشد الذي كان في ذات الوقت يجول شوارع الحصبة.. هكذا إذن، حشد وحشد مُضاد، انقسام يضرب الشارع اليمني في قلب العاصمة، في البارحةِ، صُنع الثُقب في برميل الإنفجار، هذا الثقب الذي ينتظر شرارة أو شبه شرارة لينفجر هذا البرميل وينسف معه كل معطيات المرحلة الراهنة. يتعزز الانقسام، هذا الانقسام أخطر من الانقسام التي شهدته شوارع صنعاء في 2011؛ إذ أنه يُغذى بمضخات طائفية ومناطقية في حين كان قبل ثلاثة أعوام قائم على منظور سياسي فقط. جماعة الحوثي تمتلك قاعدة شعبية في صنعاء، بالطبع تمتلك السلاح، ينقصها فقط السلاح الثقيل الموجود في عمران وصعدة. بالمقابل المضادون للحوثي يملكون السلاح الكافي. والانتظار الآن لمن يطلق الرصاصة الأولى؟ الجيش ليس مستعداً لخوض معركة مع جماعة الحوثي في قلب صنعاء، بالمقابل يزايد المُنشَدون إلى خطاب الحرب باسم الجيش والأمن، لم يتعلم هؤلاء من خسائر عمران بل يريدون تكرار ذات الحماقة في صنعاء، كل ممارساتهم توحي بأنهم هواة للحروب الخاسرة. اللجنة الرئاسية للوساطة فشلت، هكذا صرح ناطقها عبدالملك المخلافي. هذا التصريح لوحده كفيل بإن يسهم في تأزيم الأوضاع، فإذا كانت لجنة الوساطة الرئاسية، وهي لجنة الوساطة، تأزم الوضع، فما بالكم ببقية المكونات؟ المزايدات اللا محسوبة تجر البلاد نحو الهاوية، إذا اشتعلت الحرب في صنعاء؛ فلا بد أنها ستقضي على مؤسسات الدولة المركزية ما سيؤدي إلى تلاشي أي شعار يمكن عبره لم الشتات اليمني الذي ستخلفه حرب كهذه. ببساطة، سيقودنا تسعير النار في صنعاء إلى تشظي الدولة الوطنية، أو ما تبقى منها، ما يُسهم في تصاعد سطوة الجماعات الظلامية، وتفرغ الساحة لبروز كانتونات طائفية ومناطقية مستقلة بحد ذاتها تستمد قوتها من الفراغ الذي سينشئ. هل أضحت كل الخيارات الأخرى مغلقةً وغدت الطرق السياسية مسدودة، وبات طريق الحرب هو وحده السالك؟ لا أحد يعرف من بمقدورهِ الإجابة على هذا السؤال الذي بات يؤرق اليمنيين جميعاً، أم هل يباغتهم انفجار برميل ال«T.N.T» هذا المزروع في القلب اليمني قبل أن يجدوا أحداً يجيب على هذا السؤال...؟