لاشك أن الحركة الحوثية مثلها مثل باقي الحركات الإسلامية الأخرى, لديها قواسم مشتركة مع كل هذه الحركات إلا أن هناك بعض الاختلافات في الممارسات والأيدولوجيات, كما لها الكثير من التشابهات مع تلك الفرق الاسلامية ومن هذه التشابهات أن معظمها بل كل الفرق تتكلم باسم الدين - كما لو أنها هي الوحيدة الحريصة - عليه لأغراض سياسية لعلمهم بأن الشعب اليمني عاطفي ويحب دينه. فلذلك نجد الكثير من البسطاء يتأثرون كثيرا بهذه التنظيمات ويزداد أنصارها يوما بعد يوم وما تزايد أنصار الحوثي إلا لهذا السبب علما بأنها نشأت في وقت قريب إلا أنها تمددت بسرعة وبشكل كبير. فالحركة الحوثية انتهجت طريقين: الطريق الأول: النهج العقائدي التربوي الذي يقوم على أساس التشيع لآل البيت والنهج الثاني: العسكري. فقد انشأت هذا الجناح رويدا رويدا وبدأت بتدريب المقاتلين على مختلف أنواع الأسلحة كما لو أنها تهييئ نفسها لمسك زمام الدولة وحصلت على مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة ولم ينقصها إلا سلاح الجو فقط. فقد خاضت عدة حروب مع الدولة في صعدة وغيرها تارة بحجة الدفاع عن النفس, وتارة بحجة الضغط على الدولة لاستبعاد ما يسمونهم نافذين و إقصائيين ودواعش ومستأثرين بالسلطة والثروة وممن نهبوا البلاد والعباد لعقود حسب زعمهم, وبحجة أن الحركة عانت وكانت مقصيه من المشاركة في الحكم وتجاهل الدولة لها بالفعل. فقد حققت الحركة انتصارات مستمرة على الأرض وأشفت غليلها ممن تعتقد بأنهم أعدائها السياسيين وكسبت حرب دماج وحاشد وعمران وفي النهاية اسقطت صنعاء تحت سيطرتها التامة وتعتبره انتصار للثورة حسب تعبيرهم وغنمت غنائم كثيرة من الحروب السابقة مع السعودية وصعدة وعمران بل وصنعاء. ولم يكن هذا بفضل القوة بل كان بفضل عوامل أخرى ساعدت على هذا الانتصار. ومنها الفجوة الكبيرة التي وقعت بين حلفاء الأمس الرئيسيين (المؤتمر والاصلاح) وأزمة 2011م واستغلال سكوت المجتمع الدولي ممثلة بدول الإقليم وخصوصا دول الخليج العربي من حركة الإخوان المسلمين باعتبارها حركة إرهابية في نظرهم يجب التخلص منها خصوصا الجناح العسكري والقبلي، واستغلال الإخفاقات التي رافقت مسيرة أداء حكومة الوفاق الوطني 2011-2014م- والتي تعتبر من أسوأ الحكومات اليمنية حيث استشرى الفساد بشكل لا يطاق ونهب المال العام والفوضى والغياب شبه الكامل للأمن والخدمات الأساسية - و اختتمت بالضربة القاضية التي قصمت ظهر البعير ألا وهي الجرعة السعرية للمشتقات النفطية مما تسبب في زيادة عدد أفراد الطبقة المسحوقة في المجتمع, وبلغ الذين تحت خط الفقر بحسب التقارير الأممية ما يقارب أربعة عشر مليون يمني ولم يتم القيام بأي إجراءات أو إصلاحات اقتصادية مرافقة للجرعة السعرية أو تحسين أجور الموظفين حتى يطمن الشارع على المستقبل مما جعل الشعب يفقد الثقة بالحكومة إضافة إلى التأخر في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني حيث وأصيب المجتمع بإحباط كامل ووصلوا إلى قناعة تامة بأن الحكومة الحالية لا يمكن أن تكون هيا التي يعولوا عليها الناس. فجاءت حركة أنصار الله وتبنت ثلاث مطالب رئيسية وهي مكمن وجع الشعب وهي 1) إسقاط الجرعة 2) إسقاط الحكومة 3) البدء بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني مما أعطاها زخما جماهيريا لافتا للإنباه والتف حولها الكثير من العامة والمتضررين من الجرعة, واعتصموا وظاهروا في صنعاء وحول صنعاء, بغض النظر عن ما إذا كانت الحركة على حسن نية أم لا وأن هذه الأهداف هي أهدافها الحقيقية أم لا واستمرت المفاوضات وانتهت بحرب قصيرة استمرت حوالي أربعة أيام فقط. كل هذه الأسباب هي التي سهلت لجماعة الحوثي الدخول للعاصمة وسقطت بيدهم مما اعتبره الحوثيين نصرا مؤزرا. فالسؤال هو: هل كل ما حدث يعتبر نصرا للحركة أم اختبار ومحك صعب لها على أرض الواقع أم بداية الانكسار لها؟ فسؤال كهذا لا يمكن أن يتكهن إجابته أحد أو يجيب عليه. فقط هي حركة الحوثي حصريا التي ممكن أن تكون قادرة على إجابة سؤال كهذا, وكيف يمكن أن تجيبه وذلك من خلال تصرفاتها على الأرض وهل ستمارس ممارسات مستفزة للمواطن. وما إذا ستعيد كل ما تم نهبه من أسلحة الدولة, وفعلا جادة في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي تغنت بها كثيرا والعمل على بناء دولة مدنية فعلا يتساوى فيها كل أبناء الوطن والتي - بحسب رأي الجماعة - كانت غير محققه, وأنها تعمل على أن يعم الرخاء والتقدم الاقتصادي للمواطن اليمني ودحر قوى الظلام والتخلف والقهر. فإن سلكت سلوكا كهذا, فنستطيع القول أنه فعلا انتصار عسكري وأخلاقي وقيمي للجماعة بل وللشعب اليمني كامل وإن سلكت العكس وأن ما كانت تردده في الأيام الماضية والمظاهرات والاعتصامات هو عبارة عن شعارات للاستهلاك ولغرض الوصول إلى الهدف, وهو الحكم والمشاركة فيه, معناه أنها ستكون كباقي الأحزاب والتنظيمات السياسية التي سبقتها والتي تغنت بها كما تغنت بها جماعة الحوثي وسرعان ما انقلبت عليها بعد وصولها للحكم. فعمليا عندما تنسحب الجماعة لصالح الدولة من العاصمة وباقي المحافظات, وتمكنها من بسط نفوذها وتحمل مسؤولياتها في حفظ الأمن وإنهاء حالة الاحتقان والخوف في وسط الشارع, على اعتبار أن رسالتها وصلت إلى مسامع كل أصحاب القرار, فنأمل أن يكون هذا واقعا معاشا في الوقت القريب والعاجل ونقدر أن نقول فعلا أن الجماعة سعت لهدف نبيل تستحق الشكر والتقدير من كل أبناء الشعب اليمني وأنها ستكون نموذجا يجب أن يحتذى به وليس العكس. والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد