بسم الله الرحمن الرحيم منذ أن فقدت الأمة خلافتها التي ورثتها عن أولئك الأمجاد الذين الذين كانت لهم اليد الأولى في تشييد وبناء عهد جديد، يختلف عن العهد الذي ورثوه عن أبائهم من الاقتتال والسلب والنهب فيما بينهم، حتى استدار الزمن لنعود إلى أكناف تلك العهود ولنلهث وراء المصالح والآمال الزائفة التي سرعان ما تذهب مع مهب ريح مخلصة لدينها ووطنها!. فمن إذا رفع كلمة الله في هذا الزمن المتلاطم بأمواج الفتن التي لا يأمن الإنسان فها على نفسه وعياله؟! لقد جاء رجلان إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقالا: إن الناس صنعوا أي من الاختلاف فيما بينهم وأن كل شخص يدعو إلى نفسه وانه هو الذي سوف يرفع كلمة الله وينهي الفتن وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج؟ وأن تدعو إلى أن يكون الأمر لك فإن قلت من السابقين فأنت كذلك وإن قلت ابن خليفة فانت لها وإن قلت صاحب علم وتقى فلا ينكر ذلك الا جاهل والجاهل لا حكم له. فقال رضي الله عنه وأرضاه : ( يمنعني أن الله حرم دم أخي ). قالا ألم يقل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [البقرة: 193] ؟ قال: ( قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله ). ما أعظم الكلمات التي تخرج ممن لا يقيم لهذه الدنيا وزناً ولا يرى مصلحة لجانب دون آخر ولكن تلك الكلمات تنبع من آهات قد تفطر منها قلبه لما يراه من تشتت وتشاجر وتشاحن بل واقتتال وكلاً يرفع نفس الشعار ونفس الراية التي يرفعها الآخر ألا وهي إعلاء كلمة الله، فمن رفع كلمة الله؟! إن الله أمر بالجهاد دفاعاً لا اعتداءً فقال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190] والمعنى: وقاتلوا في سبيل الله - أي لغرض إعلاء كلمة الله - الذين يبدءُونكم بالقتال دفاعًا عن أنفسكم وحريتكم في أداء العبادة، ولا تعتدوا بقتل النساء والصبيان، والشيوخ المسنين، ومن ألقى إليكم السَّلام، وكف يده عنكم، فإن قتلتموهم فقد اعتديتم وتجاوزتم ما يحل لكم، إن الله لا يحب المعتدين، بل يبغضهم ويعاقبهم. إذاً فإن الفتنة هي: اضطهاد الإنسان لأجل دينه بالتعذيب والقتل والنفي كما فعل المشركون بالمسلمين في صدر الإسلام. أن غاية القتال المشروع في الإسلام شيئان: منع الفتنة في الدين، وضمان حريته، وإقرار السّلم واستتباب الأمن والطمأنينة. فيا لله إلى أين نسير في زمن نجتمع فيه في مكان واحد وتحت سقف واحد لنؤدي أعظم شعار الدين فإذا تفرقت أجسامنا بعد أن تتفرق قلوبنا فإذا بنا نتدافع ونتشاحن بل ويسفك بعضنا دم الآخر وليس لشيء إلا لتكون كلمة الله هي العلياء فمن رفع كلمة الله إذاً ؟! يا طالب الحق ليس هناك دين من الآديان يثيب على قتل الإنسان بالجنان، ولا تعطى صكوك الغفران لستهداف الآمنين، ولا يصدق ذلك إلا من غلب على عقله بهوى أو جنان، فمن رفع كلمة الله؟ لا أحد بل كل داع يريد أن تعلو كلمة حزبه أو مذهبه أو جماعته فإلى الله المشتكى.