الجزء الثالث من المشهد الرابع. المقه : أنت يا عامر، كما قالت لميس..أنا المقه أستشرف المستقبل، ستغضب العرب برأس، لا تلبث وأن تطيح بروما وفارس ويحكم العالم، وكما استشرف البعيد البعيد، استشرف القريب القريب، وكما هو الآن..القريب (تنظر إلى عمر للحظات).. المقه : عمر اسمك عمر..وبعد أن يموت رأس العرب حيث ساد العدل في عهده، سيحكم من بعده عمر حيث يسود العدل، وبعد أن يموت عمر يسود الاستبداد، حتى إذا حكم عمر الثاني يعود العدل ويسود، وبعد أن يموت يعود الاستبداد، وهو أمامي حتى المستقبل المنظور..البعيد..البعيد، هي سنوات قليلة يسودها العدل..يغيب العدل يوم يغيب عمر . عمر : فهل تأذن لنا أم أسعد بالعودة.؟ عامر : لم يسأل أحد منكم: من قتل سيف؟ عوف : ولماذا نسأل؟..مهمتنا أن نقدم العزاء. عامر : أما أنت، فأنت قد قدمت من الحيرة، الحيرة التي أخذت سيف إلى فارس، فما عساك أن تقول غير ذلك، وأنتم تابعون لهم..فهل تجيب على السؤال يا مالك؟ مالك : أي إجابة تريد، وقد أجاب عوف. عامر : أما أنت، فأنت قد قدمت من الغساسنة، الغساسنة التي نصحت سيف بالذهاب إلى الحيرة خوفاً من الروم، الروم حليف الحبشة فما عساك أن تقول غير ذلك، وأنتم تابعون للروم، فإذا قلت غير ذلك غضبت روما، التي لا تريد أن تغضب فارس وهما في هدنة مؤقتة، فهل تجيب يا عمر؟ عمر : لمَ أجيب وقد أجابا، أم أن أم أسعد تريدني أن أجيب؟ المقه : تجيب أم لم تجب..لا فرق..لا فرق . عامر : لا فرق، فكبيرهم رب إبله، فلا يسعهم غير ذلك، لكنه العجز حتى عن الإجابة على السؤال. المقه : المعذرة يا عمر، هو عامر كما قالت لميس، فمتى يكون الحق عندما يراد به حقاً؟ عمر : فمتى تأذن لنا أم أسعد بالرحيل؟ سعد : قال عامر: لم يسأل أحد منكم، وأنا أسأل كل واحد منكم، هل أنت حالم أم خائب؟ عمر : (بخبث) أنا. سعد : نعم أنت، ومالك، وعوف. عمر : فهل تأذن لنا أم أسعد بالرحيل؟ الحشد : لن ترحلوا قبل أن تجيبوا على سؤال سعد. عمر : قلت: هل تأذن لنا أم أسعد بالرحيل؟ سعد : لا صوت يعلو فوق صوت الشعب. المقه : (تنظر إلى سعد للحظات..دهشة)..سعد يستشرف المستقبل البعيد..البعيد، وهم والطامحون يزايدون، وهم المستبدون، والطامحون، وشعب مسحوق وهو صوتهم وصوت الطامحين، حتى إذا أراد سيف قتلوه، فهل هو صوتكم أيها الشعب؟ الحشد : (متعجبين) صوتنا..صوتنا!! المقه : نعم صوتكم..صوتكم. الحشد : (يتلفتون حولهم حائرين) يجيب سعد، فهو من قال ونحن لا ندري..لا ندري. سعد : ويلك يا سعد، وهم شعب لا يدري، ويلك يا سعد وشعبك يكاد أن يقطع الأمل..يقطع الحلم..(ينظر إلى الشعب للحظات..حائراً..يواصل قائلاً) سعد : أنا منكم، فكيف لي أن أكون حالماً، وهو شعب لا يدري..شعب سحقه الاستبداد(يصرخ) بل سعد الخايب..سعد الخايب. المقه : بل سعد الحالم..سعد الحالم، فهل تجيبوا ضيوفي الكرام على سؤال سعد ؟ عمر : (معاتباً)..أم أسعد . المقه : بل تجيب، ويجيب مالك، وعوف. مالك : ومن يحميني إذا أجبت ؟ عامر : (ساخراً) كن حراً مرة واحدة في حياتك، وأجب مالك : (مستفزاً) بل سأكون كما قال عامر وأجيب : ما أنا إلا رسول من مليكي، عامل كسرى، فكيف لا يحلم مليكي من التحرر من هيمنة فارس؟ سعد : أسألك عن حلمك أنت . مالك : حلمي هو حلم مليكي . سعد : ملكك المستبد أسقط عنك حتى الحلم، يا ويلك يا سعد، وهم هناك، كما هم هنا، وأنت يا عوف. عوف : كما قال مالك، لكنها روما (يصمت، وكأنه لم يكمل حديثه) . سعد : والرب، أن عينك تقول، بأن في صدرك ما تريد أن تقوله، قل يا عوف، وقد قلت كما قال مالك، فأسقط عنك كل الخوف وقل، فالأمر سيان الآن وقد قلت كما قال مالك . عوف : (مستسلماً) نعم..سوف أقول:وأحلم، أن أتحرر من استبداد مليكي . سعد : (فرحاً) الأمل..الحلم، الذي كاد أن يقطعه مالك، يكاد أن يعيده عوف، وأنت يا عمر . عمر : (متردداً)..أنا . سعد : نعم..أنت. يتبع