العزف المنفرد او الجماعي على أوتار الدولة المدنية الحديثة فى بلادنا الحبيبية من قبل مختلف القوى السياسية اليمنية ربما كان يطربنا ويؤثر فينا الى حد ما - كمواطنين ننتمي لهذا الوطن الغالي - فى السنوات الماضية وحتى نهاية مؤتمر الحوار الوطني الذي جمع مختلف هذه القوى على طاولة واحدة لمدة عشر اشهر لوضع اسس ومعالم هذه الدولة ، لكن وللأسف الشديد وفي ظل ما شهدته وتشهده الساحة الوطنية من ازمات واحداث وفتن تكاد تعصف بما تبقى من مقومات الدولة الحالية نتيجة تفاقم حالة الصراع و الخلافات والمكايدات بين القوى السياسية اليمنية, فإننا كمواطنين لم يعد يطربنا او يؤثر فينا أي عزف منفرد او جماعي من قبل هذه القوى السياسية حول الدولة اليمنية الحديثة مهما ابدعت وتفننت فى عزفها والحانها . لان هذه القوى قد اثبتت لنا فى الواقع ومن خلال ممارستها وتصرفاتها السياسية واتجاهاتها ومواقفها نحو مختلف القضايا التي تهم الوطن والمواطن , انها بعيدة كل البعد عن التجسيد الفعلي لما تحاول ان تطربنا به من الحان ومعزوفات متنوعة عن الدولة المدنية الحديثة فى وسائطها الاعلامية المتعددة . فاذا كانت هذه القوى السياسية قد فشلت في ان تخطوا الخطوة الاولى في تنفيذ ما توافقت عليه طوال عشرة اشهر من الحوار الوطني فيما بينها حول اسس وقواعد بناء الدولة المدنية الحديثة , وعجزت عن تنفيذ ما توافقت ووقعت عليه فى اتفاقية السلم والشراكة. وعجزت خلال اكثر من نصف شهر على اختيار شخصية وطنية لرئاسة الحكومة . وعجزت حتى كتابة هذه المقالة عن تشكيل حكومة شراكة او كفاءات وطنية . وقبل كل ذلك عجزت هذه القوى عن التغيير والتطوير في بنيتها وهياكلها القيادية واطروحاتها السياسية لتواكب روح العصر ومتطلبات المرحلة الراهنة ؛ فكيف بالله عليكم ستنجح هذه القوى فى بناء وتحقيق دولة مدنية حديثة في بلادنا الحبيبة . لماذا لا تستفيد مختلف القوى السياسية فى بلادنا من التجربة التونسية في التوجه نحو بناء الدولة والانسجام والتعاون بين القوى السياسية فيها رغم كونها اول الدول التي اجتاحتها رياح التغيير فى ثورات الربيع العربي , لكنها اليوم شهدت انتخابات تشريعية ديموقراطية نزيهة بشهادة الكثير من المنظمات الدولية التي راقبت العملية الانتخابية , والتي افضت نتائجها بفوز حزب نداء تونس على حركة النهضة , والتي بدورها اعترفت بخسارتها وقبلت نتائج الصندوق بروح ديموقراطية عالية وراقية ولم تلجأ الى استخدام القوة والسلاح لفرض سيطرتها او الحفاظ على موقعها في الحكم ؟؟ لماذا لا تستفيد قوانا السياسية مما يحدث فى العراق وليبيا وسوريا من قتل وتدمير للقرى والمدن والممتلكات العامة والخاصة ؟؟ لماذا لا تعي وتدرك قوانا السياسية ان الشعب اليمني لم يعد بمثابة الاواني الفارغة التي يسهل تعبئتها بما تريده هذه القوى ويحلو لها من افكار واطروحات عقيمة عفى عليها الزمن او بما تعزفه من الحان ومقطوعات مملة ومكررة ومشروخة وغير صادقة حول مختلف قضايا الوطن وبناء الدولة ؟؟ فالشعب اليمني قد شب عن طوق الجهالة واصبح اكثر وعيا وادركا بما يدور حوله من احداث ومتغيرات بفعل تنامي التقدم التكنولوجي في وسائل الاتصال والاعلام وتبادل المعلومات وزيادة مستوى التعليم والثقافة لدى الغالبية من ابناء هذا الشعب . وختاما اقول لمختلف القوى السياسية وممثليها في وطننا الحبيب كفى عبثا بهذا الوطن اما يكفيكم ما آلت اليه اوضاعنا من تدهور في مختلف الجوانب الامنية والاقتصادية والمعيشية , وما سقطت على ثرى هذا الوطن الطاهر من دماء يمنية بريئة ؟؟ اما يكفيكم كل ذلك في ان تعودوا الى دائرة الحكمة والعقل والتسامح وتتناسون خلافاتكم وتتوافقوا لما فيه مصلحة الوطن والمواطن؟؟ وارجوكم واتمنى منكم ان لا تتشدقوا وتعزفوا على اوتار الدولة المدنية الحديثة -على الاقل فى الوقت الراهن - لأننا سئمنا ذلك منكم ونكاد نفقد الامل تماما في بناء وتجسيد هذه الدولة في واقعنا اليوم وعلى ايديكم. واصبح كل حلمنا وامنياتنا ان نعيش في هدوء وامان وسلام في ظل ما تبقى لدينا من دولة .!!. وحسبنا الله ونعم الوكيل. ======= *أستاذ التسويق المشارك / جامعة تعز [email protected]