عام 2014م أوشك على الرحيل .. الرحيل الى التاريخ .. التاريخ الذي سيسجله في صفحاته بما احتواه من احداث بضياء وسوداء في اليمن ..لكن احداثه السوداء كانت هي الغالبة لذلك وصفته نقابة الصحفيين اليمنيين بانه عام أسود في تاريخ هذا البلد الجريح. هل سيكون عام 2015م كذلك عام أسود كسابقه أم سيكون عام يبدأ فيه انقشاع ظلمة السواد التي خيمة على هذا البلد منذ عام 2011م أم سينقشع السواد بشكل كلي .. أم سيكون أكثر قتامة وسواداً من سابقه ؟؟!! هذه التساؤلات هي تساؤلات كل مواطن في هذا الوطن .. لكن الاجابة عليها بصورة اقرب الى الواقع ربما تكون صعبة من قبل المحللين السياسيين ، مثلما كانت احداث عام 2014م عصية على التحليل ، لكن احداث العام القادم ربما تكون أيسر لان سيرها سيكون إمتداد لأحداث عام 2014م التي تفككت بعض شفراتها مما قد يعطينا بعض المؤشرات التي قد تمكننا من قراءة ما يمكن ان يشهده عام 2015م.. ومن هنا فالسيناريو المتوقع يرشح ان يكون اكثر قتامة وسواداً مما كان عليه في عام 2014م ونتوقع ان يكون على النحو التالي : أولا : السيناريو العسكري : ليس هناك ما يلوح في الافق ان عام 2015م سيكون عاماً تهدأ فيه عاصفة الصراعات المسلحة ومسلسل نزيف الدماء التي بدأت منذ عام 2011م وازدادت في عام 2014م .. ويتوقع ان يكون هذا العام اكثر دموية من الذي قبله وذلك على النحو التالي:- • المؤشرات على الارض تقول أن مشوار مليشيا بسط النفوذ على الارض لم تنتهي بعد وانه لايزال امامها مهام يجب أن ستكملها تتمثل في استكمال السيطرة على المحافظات الاربعة عشر وفقا للمخطط المرسوم لها .. هذا يعني أن البلد سيشهد صراعات مسلحة دموية في كل من البيضاء ومارب وربما صراع مسلح محدود في محافظة تعز، وسيكون هذا صراع أكثر دموية مما شهده عام 2014م. • القبول الشعبي والجماهيري لهذه المليشيا يتناقص بشكل دراماتيكي بعد دخول صنعاء ويتزايد السخط الشعبي ضدها نظرا لعدة عوام أهمها الانتشار المسلح في المحافظات الذي يرى ابناء الشعب انه لم يعد له أي مبررات وثانيها الاخطاء المتزايدة لهذه المليشيا والتي ترتكبها بصورة فاضحة مخالفة للأعراف والتقاليد ورامية بها عرض الحائط ، وثلثهما الشعور الجماهيري المتزايد ان هذه المليشيات تحمل اجندة خارجية وليس لديها أي مشروع وطني ، وأن المشرع الذي تحمله هو تصفية خصومها بشكل اساسي ، والترتيب لفرض مشروعها المعروف والغير معلن والذي تتضح معالمه للعامة يوم بعد يوم وهو مشروع لن يكون مقبول شعبياً ، من هنا فان المقاومة المسلحة لهذه المليشيات ستزاد يوم بعد يوم وانصارها سيتزايدون لكثرة الأخطاء التي ترتكبها وهذا ما سيمكن خصومها من تصعيد العمل المسلح ضد ها ، وهذا ما قد يجر البلد الى صراع مسلح يصعب التوقع بمساره ومداه وحجمه. • هناك تصاعد واضح في العداء بين هذه الحركة وبين القيادة الشرعية ممثلة في رئيس الجمهورية والحكومة ، هذا المؤشر إن ظل في التصاعد فان احتمال تحوله الى صراع مسلح وارد ، ولكن في اعتقادي أن هذا الصراع المسلح سيكون مرتبط بحالة السخط الجماهيري واتجاهاته وكذلك بالمواقف الدولية الراعية للعملية السياسية في اليمن تجاه هذه الاحداث ، والتي وضعت البلد تحت البند السابع مما يعني انها قد عملت مبكرا لاحتمال القيام بدخل عسكري مباشر ان تطلب الامر ذلك ، أي في حال خرج مسار الحل السياسي عما هو مرسوم له . ثانيا : السيناريو السياسي : الوضع السياسي في البلد ، الذي حدد مساره بمباركة دولية في عام 2014م وفقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني ،هذه المخرجات التي كانت مطالبات تنفيذها احدى أهم اليافطات التي رفعت في مسلسل سبتمبر 2014م الذي غير مسار الاحداث بشكل جذري لم تعد المطالبة بها قائمة ، وما رفع في سبتمبر 2014م بشأن تنفيذها أغلق مع اغلاق ملف عام 2014م بل وتغير هذا المطب جذريا الى رفضها بشكل رسمي وخاصة فيما يتعلق بالتحول الى نظام فدرالي مكون من ستة اقاليم الذي يمثل العمود الفقري لهذه المخرجات ، هذا يعني أن احتمالات مجريات الاحداث في عام 2015م ستكون اكثر قتامة وسواداُ من عام 2014م ونتوقع ان تكون على النحو التالي : • الدستور الذي تأخر تسليمة الى ما بعد .. إعلان حركة الحوثيون رفضها لإحدى أهم مخرجات الحوار الوطني .. تجعل من نصوص هذا الدستور لامعنى لها ، مالم يكون هناك ضغط دولي حقيقي لاستكمال خارطة الطريق لمعالجة الوضع السياسي التي أُقرت وفق المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية التي يرعاها المجتمع الدولي .. كما أن السير باتجاه الاستفتاء على الدستور سيكون معرض للفشل اكثر من احتمالات النجاح ، وهذا الامر مرتبط برضى أهم القوى السياسية في البلد أو عدم رضاها وهي حزب المؤتمر الشعبي العام ، أما اصرار الحوثيون على رفض أهم مخرجات الحوار فان تأثير ذلك على نجاح أي استفتاء على الدستور لن يكون مؤثراً ، وعرقلة ذلك من قبل الحركة سيكون من خلال استخدام الضغط المسلح والتهديد باستخدام القوة للانقضاض على ما تبقى من السلطة الشرعية ،وقد يكون ذلك الاسلوب هو الشرارة لنشوب صراع مسلح بين الحركة والجيش.. وفي حال انتكست مخرجات الحوار الوطني نتيجة هذه التناقضات والتحولات ستدخل البلد في دوامة وفي سواد أكثر قتامة من عام 2014 م. • اتجاهات المواقف الاقليمية والدولية .. حتى الان لم تتضح اتجاهات ومواقف القوى الاقليمية والدولية تجاه ما شهده اليمن في نهاية عام 2014م بصورة واضحة وخاصة مواقف الدول الاقليمية ممثلة في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي ، لكن المؤشرات الاولية تقول أن اتجاهات هذه القوة الاقليمية الفاعلة في اليمن هي رفض ما يجري في اليمن وعدم قبولها لما هو في ارض الواقع ، لكن كيف ستعمل على تغييره هذا ما سيتضح في الاشهر الثلاثة الاولى من عام 2015م .. يتوقع أن تضغط هذه القوى على تنفيذ مخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة وخاصة فيما يتعلق بحل المليشيا وتسليم الاسلحة للدولة والسير نحو اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية لان هذا الطريق هو الاسهل امامها لتغيير ما هو على ارض الواقع لان أي انتخابات في عام 2015م ستكون نتائجها حتمية لسيطرة القوى السياسية المعتدلة ، وخروج قوى التطرف التي تسعى دول الاقليم لإخراجها ، ومواقف هذه القوى الاقليمية مرتبط بشكل تام مع مواقف القوى الدولية واهمها موقف البيت الابيض اللاعب الرئيس في الساحة • تحالفات القوى السياسية الداخلية .. المؤشرات تقول أن هناك تغير كبير سيحصل في تحالفات القوى السياسية الداخلية والاحتمال الاقرب للواقع يقول ان أهم قوتين سياسيتين على الساحة السياسية ستعود للتحالف فيما بينها ، وهي حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الاصلاح ، وهذا التحالف لابد أن يتم لعدة أسباب أهمها الضغوط الخارجية لدول الاقليم والتي بدأت تصب في هذا الاتجاه في الاشهر الاخيرة من عام 2014م وكذا مصالحهما المشتركة التي باتت تتطلب مثل هذا التقارب ، لكن هناك ايضا وضع هام وهو هل يعود الرئيس الى احضان حزبه حزب المؤتمر الشعبي العام ؟؟ بعد ان غرد بعيدا عنه خلال الفترة الماضية ، هذا التغريد كان له انعكاسات سلبية كبيرة على الرئيس ، في اعتقادي أن على الرئيس العودة للتغريد من خلال حزبه مالم فان خسائره ستزداد وستكون فادحة ان هو استمر في ذلك . ثالثا : السيناريو الاقتصادي: السيناريو الاقتصادي .. وهو سيناريوا هام ومؤثر بشكل كبير على السيناريو السياسي والعسكري ، ففي عام 2014م انتهى الوضع الاقتصادي بحالة هي الاسواء منذ عام 2011م ، وذلك نتيجة الضبابية التي اسدلت الغموض في وضع الأوراق السياسية والعسكرية في البلد لذى فان هذا الوضع يتجه نحو السير بنفس الخطى التي سار عليها في عام 2014م وهذا مؤشر كارثي ، وتعزز ذلك المؤشرات التالية : • اللاعب الاساسي في الوضع الاقتصادي في البلد هي الجارة العربية السعودية .. وفي ظل الوضع الحالي فان السعودية لن تكون سخية في تقديم أي دعم اقتصادي في حال استمر الوضع السياسي والعسكري مثلما أنتهى عليه عام 2014م .. لكنها ستستمر في العمل على عدم انجرار الوضع الاقتصادي الى الهاوية حتى لا تفلت زمام الامور السياسية والعسكرية من يدها .. لان الوضع الاقتصادي سيظل هو الحاسم في تغيير الواقع السياسي والعسكري في البلد. • اللاعب الاقليمي الذي دخل بقوة في الساحة اليمنية في عام 2014م وهي ايران لن تتمكن من تعويض البلد عن الدعم الاقتصادي السعودي ، وخاصة أن اللعبة الاقتصادية الدولية انتهت في عام 2014م بتوجيه حرب اقتصادية تجاه هذه القوة الاقليمية وغيرها من القوى الاقتصادية الذي يلعب النفط فيها عامل محدد لتحركاتها الاقليمية والدولية .. فقد خسرت هذه القوة التي دخلت اللعبة بشكل كبير في الساحة اليمنية اكثر من 50% من دخلها من النفط خلال الشهرين الاخيرين من عام 2014م ويتوقع أن يستمر مسلسل انخفاض اسعار النفط هذا من جانب ، ومن جانب آخر أن هذا اللاعب الاقليمي الجديد في الساحة اليمنية لا يعرف وعورة وصعوبة اللعب في الساحة اليمنية ، وأن اللعب في الساحة السياسية اليمنية تكاليفه باهضه لن يتمكن من دفعها ، وهذه النقطة في اعتقادي هي الرهان التي يراهن بها خصمه في الساحة الجارة السعودية التي تعرف بشكل جيد طريقة واسلوب اللعب في الساحة اليمنية وتكاليفه ، وخاصة أن مسلسل إنهيار اسعار النفط العالمي هو مسلسل من اعداد البيت الابيض واخراج مشترك مع الرياض ويستهدف عدة اطراف دولية واقليمية منها ايران ، ان ذلك مؤشر لأضعاف هذا الدور في اليمن وفي المنطقة. خلاصة سيناريو عام 2015م في اليمن بيدوا أنه سيناريو أكثر قتامة وسواداً من عام 2014م مالم تحدث متغيرات سياسية مفاجئة تساهم في تخفيف هذه القتامة والسواد ، ونامل أن تحدث هذه المتغيرات المفاجئة ، وخاصة أن هذا البلد هو بلد متميز في إحداث هذه المفاجآت التي تغير كل التوقعات والتحليلات السياسية . [email protected]