احتفلت اليمن مع سائر بلدان العالم باليوم العالمي لمكافحة الفساد وقد شهدنا نشاطاً كبيراً من قبل هيئة مكافحة الفساد وبعض الجهات المعنية بالفساد وعدد من منظمات المجتمع المدني من خلال اقامة احتفالات وفعاليات متنوعة وكلها كما تابعنا وسمعنا تدعو إلى مكافحة الفساد واجتثاثه من على الارض اليمنية وضرب كل الفاسدين ليكونوا عبرة لغيرهم لكن الدعوات والأمنيات غير والواقع على الأرض بعيد جداً. مما لاشك فيه ان الفساد في بلاد العرب السعيدة اصبح ثقافة عامة في كل مفاصل الدولة والمجتمع بحيث ان كل من يعمل بنزاهة ويحافظ على ممتلكات وأموال الدولة والشعب يسمى بالعامية " أخبل ومسكين" فيما يطلق على الذي يعمل عكسه " أحمر عين وشاطر" وهكذا فأحمر العين هو المتحكم في زمام الامور وهو الذي ينظر اليه من الجميع انه بطل زمانه وهكذا صارت الامور معكوسة وتجذرت هذه الثقافة لدى الجميع ولابد من جهود مضنية لتغييرها حتى تعود الامور الى نصابها الصحيح. وقد تذكرت وانا اتابع هذه الفعاليات التي تدعو الى مكافحة الفساد قصة وزير عربي كان في زيارة لنظير له في دولة اجنبية وعندما سأله عن الفيللا التي يمتلكها وكيف حصل عليها في ظل القوانين الصارمة لمحاربة الفساد في تلك الدولة فقال له : هل ترى ذلك الجسر هناك فالتفت اليه فوجده جسراً ضخماً يفوق بالاف المرات ما نشاهده في بلادنا من جسور حينها قال ذلك الوزير الاجنبي لقد حرفنا ممر الجسر قليلاً وحصلنا على هذه الفيللا وحين زار الوزير الاجنبي زميله العربي استضافة في قصر كانه من قصور الف ليلة وليلة فاستغرب ذلك الوزير وقال له من اين لك هذا القصر الفخم فقال له هل ترى الجسر هناك؟ وحين التفت لم يجد شيئاً فقال له اين الجسر ؟ قال كان سيكون هناك جسر لكننا بنيننا بدلا منه هذا القصر، وهذا هو حال معظم المسئولين في بلدان العالم الثالث ومنها بلادنا فبدلاً من أن يبنوا مشاريع يشيدون قصور لهم ويغذون ارصدتهم في البنوك فيما يعيش معظم الناس في تعب ومشقة رغم ان بلادهم تمتلك من الثروات التي ربما لا تمتلكها تلك الدول المتقدمة لكننا نهدرها بفساد مسئولينا . اتمنى من هيئة مكافحة الفساد وكل من يعمل في هذا الجانب ان يبحث عن السبل الحقيقية لمكافحة الفساد وليس الفعاليات والحفلات التي لا تسمن ولا تغني من جوع بل انها تجعل كل الفاسدين يمددون على طريقة ابي حنيفة فحينما لا تكون هناك استراتيجية واقعية وحقيقية لمكافحة الفساد تشترك فيها كل الاطراف والوسائل وتتنوع الأساليب بحيث تبدأ من تغيير ثقافة الناس والمجتمع عن الفساد وصولاً إلى إجراءات رادعة في حق الفاسدين ونستطيع فعلاً محاربة الفساد والمفسدين وليس التغني والاحتفال فقط فربما تتحول احتفالاتنا دعم الفساد ويكون اليوم العالمي للفساد وليس مكافحته. صحيفة الثورة