مجرد التفكير بنتائج الدستور يخلق حالة من الترقُّب غير الخالي من سوء التنبؤات بالرغم من تضمّنه مصطلحات كانت في الأمس شعارات لأهداف ثورية ذات مضمون سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي وديني يرسم تطلُّعات الدولة القادمة المبنية على أسس متينة لا يمكن هدمها بمعول التطرُّف والإرهاب المستخدم كورقة سياسية تحمل في طياتها تناقضات المرحلة الانتقالية. لست في صدد الانبهار بالمصطلحات الرنّانة الواردة في الدستور؛ ولأن الفجوة ما بين التشريع الدستوري ومدى استيعاب المكوّنات المتناحرة له ستخلق الهويّة القادمة التي ربما لن تكون سامية بمستوى تلك المفردات الحقوقية والشعارات الثورية المتمثّلة بالعدالة الانتقالية والمواطنة المتساوية والمدنية التي جاءت بأبرز نص دستوري افتتح به باب الأسس والمبادئ وتمحور بشكل نظام الدولة القادمة المسمّاة «الاتحادية» النظام الذي يعتبر من أهم البنود الدستورية التي تبنّاها مؤتمر الحوار الوطني واعتبرت أهم مخرج من مخرجاته. ولاحقاً أصبحت محط اعتراض من قبل بعض القوى السياسية، وهذه مشكلة لا يمكن تجاهلها لأنها تمس الكيان الدستوري المبنى على أساس الفيدرالية التي من المفترض أن ترضى بها المكوّنات السابقة؛ كونهم كانوا ممثلين للشعب في المؤتمر المعروف أن من أبرز مخرجاته كأولوية لا سابق لها هي تغيير شكل نظام الدولة القادم. فالاعتراض الآن لا يعدو عن كونه انفصاماً في المواقف ومحاولة استغلال الدستور كمرحلة عبور إلى أهداف وليدة الأوضاع الراهنة لم تكن موجودة قبل إعلان عن مسوّدة الدستور لتظهر بشكل جلي حقيقة المكوّنات السياسية في اليمن التي لا ترتكن في مواقفها على المبادئ الوطنية الثابتة وإنما تعتمد في بقائها على تجديد مسار المصالح في اتجاه العواصف دون استقرار. بقايا حبر اختلط نواح المواطن مع عواء الوطن، اخبروا المسؤولين أن يكفّوا عن الرثاء عند أطلال المحن، فأسماعنا موجوعة لا تحتمل نشاز العزاء وزيف المواساة..!!. [email protected] "الجمهورية"