بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" حركة اللجان الثورية؟
نشر في التغيير يوم 09 - 02 - 2015

للحركات السياسية عبر التاريخ مشروعها السياسي الذي تعمل على ترسيخه وتجذيره عبر المثقفين المنتمين لها والمؤمنين بالتوجه وبالأيدلوجية الفكرية والسياسية لتلك الحركة ، وكانت الحركات السياسية ذات نصيب أكثر بكثير من الحركات الدينية بحكم أن لديها هامش أكبر في الطرح والمناورة السياسية وهذا ماجعلها ذات ميكانيزم متحرك باستمرار ولفترات أطول ، إما الحركات الدينية فهي تحاول عبر التاريخ استعارة الكثير من الأدوات لماهو سياسي للخروج من المأزق السياسي الذي فرض نفسه بقوة عليها ، وهذا ماجعل أية الله الخميني ومن خلال عدد من المثقفين في الثورة الإيرانية ممن يمكن أن انطلق عليهم اليسار الوطني الإسلامي في إيران من أمثال الدكتور علي شريعتي وإبراهيم يزدي وقطب زاده فعندما جاءت الثورة الإيرانية في العام 1979م استعارة الأدوات اليسارية الثورية من أجل ان تتمكن من سحق أعداء الثورة فكانت اللجان الثورية الحرس الثوري "الباسيج " اخذ الإيرانيون الفكرة من النموذج اليساري الثوري العالمي ويومها لم تكن هناك حركة لجان ثورية سوى تلك التي تم تأسيسها للتبشير بفكر النظرية العالمية الثالثة الكتاب الأخضر للشهيد معمر القذافي والذي قام بتدريب مايزيد على العشرون ألف من من حزب تودة الشوعي ومن مجموعة رضا رضائي الثورية اليسارية ومن مجاميع أخرى معادية للشاه مثل الأكراد وعرب الأهواز جميع هؤلاء كانت معسكراتهم في منطقة البقاع الغربي في لبنان وكان الداعم الرئيسي لهم الجماهيرية الليبية بشقيها السياسي والفكري والأيدلوجي فتم تشكيل لجان ثورية إيرانية في تلك المرحلة قبل انتصار الثورة الإيرانية وعندما قامت الثورة كانت مصطلحات مثل اللجان الثورية ومثل الحرس الثوري مألوفة فهي في ليبيا منذ العام 1976 م وحتى قبل إعلان الجماهيرية وسلطة الشعب في 2مارس 1977م ، فالذين قاموا بثورة الطلاب في السابع من ابريل واقتحموا الجامعات وقاموا بتطهيرها حسب المصطلح الذي استخدم حينها من المرضى "الحزبيين " كانوا عدد من القيادات الثورية من أمثال هدى بن عامر ومصطفى الزايدي وعبد الحميد عمار وغيرهم كانوا لجانا ثورية بدأت بالتأسيس بعد حل الاتحاد الاشتراكي العربي في العام 1975م والذي شارك أمينه العام بشير الهوادي في الإنقلاب العسكري مع اثنين من أعضاء مجلس قيادة الثورة هما عوض حمزة وعمر المحيشي الذي تزعم الإنقلاب وجاءت العملية الانقلابية الفاشلة لتكتب نهاية الاتحاد الاشتراكي وبداية تشكيل اللجان الثورية التي جاءت متزامنة مع صدور الفصل الأول من الكتاب الأخضر الذي صدر على مراحل ،مايعنينا هو أن الإيرانيين اخذوا كل المسميات التي لدا الليبيين اللجان الثورية فالحرس الثوري ، والسؤال الذي يطرح نفسه من أين جاءت المصطلحات وماهي الجذور الأيدلوجية والتاريخية لها معظم المفكرين الثوريين في العصر الحديث وبخاصة أولئك الذين ارتبطوا بفكر الثورة وتأثروا بتلك الحالة من الجدل و"الدايالكتيك" التي أنتجتها الثورة الفرنسية يعتبرون سنة 1789م عام قيام الثورة الفرنسية هو البداية الفعلية للعديد من المصطلحات مثل " اللجنة الثورية" التي أعقبتها تأسيس اللجان الثورية على امتداد فرنسا ، الى حد ما هذا القول صحيحا حيث كانت "كومونة " أو "لجنة باريس الثورية " هي الأشهر في تاريخ الثورة الفرنسية وكانت مهام اللجنة الثورية هي تأطير جماهير الثورة ضمن نظام والية سياسية تتمكن من خلالها في إيصال صوتها الى قادة الثورة والتي بدا أن" روبسبير " قائد الثورة والقادة الثوريين بدوا معزولين عن الجماهير من خلال عدم تحقيق أهداف الثورة والممتثلة بالقضاء على قوى البرجوازية والإقطاع السياسي بل أن النبلاء وبعد مرور خمس سنوات لازالوا يحظون ببعض الامتيازات التي حصلوا عليها ضمن النظام الإقطاعي الملكي المباد الذي ثارث عليه الجماهير ،وهنا جاءت فكرة تأسيس اللجان الثورية من قبل عدد من المفكرين الثوريين وعلى رأسهم بوبوف ضمت اللجنة الثورية مايمكن ان تسمى بالإدارة المدنية في كل شؤون الحياة وبدأت تفرض نفسها حتى صارت هي الحاكم الفعلي لفرنسا وتمكنت في نهاية المطاف من كبح جماح الدكتاتورية الجديدة المتمثلة في "روبسبير" والذي قرر قمع الجماهير لكن الجماهير هذه المرة كانت تمتلك الأداة القوية التي تجعلها غير قابله للقمع كما حدث في ظهيرة يوم الخامس والعشرين من يوليو 1989م عندما تمكن "ديرون " الرهيب آمر قلعة الباستيل من قتل ثمانية الآف من جماهير الثورة في الساعات الأولى من ذلك اليوم الدامي الذي شهدته فرنسا والذي تمكنت فيه جماهير فرنسا الثائرة من اقتحام "الباستيل" وقتل "ديرون " الرهيب كما أطلقت عليه جماهير الثورة ،هذه المرة الجماهير لديها "لجانا ثورية" وهي أداة تعد من حيث التنظيم اقوي وأشد من مختلف الأدوات السياسية التي عرفها العالم وقادرة على قهر أعتى الأدوات الدكتاتورية وأشد الأنظمة قمعا ودموية حيث يتم من خلالها تحويل الجماهير الشعبية الى مجتمعات متحركة تطارد السلطة وتقمعها في كل مكان ، نعم لقد كانت التجربة الفرنسية هي النموذج الأول في تأسيس حركة اللجان الثورية والتي ستتمكن لاحقا من القضاء على الإقطاع والبرجوازية والقوى الأرستقراطية قبل ان يتم الالتفاف عليها بالنظرية الليبرالية الجديدة التي تمكنت من سرقة الثورة الفرنسية لصالح البرجوازية مستخدمة في ذلك اللعبة السياسية القديمة الحديثة وهي "الحزبية" فقد اخترعت الليبرالية المتحالفة مع البرجوازية الصغيرة العمل من خلال الأحزاب الليبرالية وتمكن " دافاكنز" كبير معلمي الماسونية في بلجيكا من تأسيس سبعة أحزاب ليبرالية في دول أوربا الواطئة والسبب في ذلك حتى تتمكن هذه الأحزاب من إلغاء القاعدة التي كانت تقوم على أن كل عضو في الجمعية الوطنية الفرنسية هو ممثل لجميع أفراد وفئات الشعب وفي ذلك السياق جرى التصويت لمجموعة أفراد من الأرستقراطية الفرنسية التي أيدت الثورة وهو ماجعل البرجوازية الصغيرة والمتوسطة تفقد قدرتها على المنافسة ضمن إطار العملية الانتخابية ولهذا عملت على إيجاد أحزاب وحولت العملية الانتخابية الى المشاركة من خلال الأحزاب والكتل وهذا ما تسبب في هزيمة الأرستقراطية وفي إنهاء أن النائب ممثلا ليس لمنطقته ولكنه ممثلا لكافة فئات الشعب حيث كان يحضر أن يكون النائب تابعا لمنطقة بعينها وبانتصار النظرية الحزبية في فرنسا انتهى عمليا الحاجة للجان ثورية .
النموذج الآخر الذي لجأت إليه الثورات هو ماحدث في العام 1917م عندما انتصرت ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا حيث شكل البلاشفه في صراعهم مع المناشفة التقليديين ماعرف "بالسوفيتيات" اللجان الثورية للتصدي للقوى المضادة للثورة واستمرت في العمل ضمن قوى الثورة الى أن تم تأمين الثورة وحسم الصراع لصالح قوى الثورة في كلا الحالتين الفرنسية والروسية كانت القوى اليسارية هي التي تقوم بتأسيس اللجان الثورية في فرنسا كان الضحية "روبسبير" الذي وصل الى المقصلة وفي روسيا كان الضحية هو ذلك الثائر الرومنطيقي الحالم بغد أفضل للبشرية واهني به "تروتسكي" في الأولى كانت ضمن القمع وفي الحالة الروسية كانت مع السلطة القامعة الجديدة التي يقودها " فلاديمير ايليتش لينين " حيث طاردة لجان لينين الثورية والأمنية المناضل تروتسكي لتغتاله في المكسيك في العام 1926م ، لقد كانت مهام السوفيتيات العمل لد قيادات الحزب الشيوعي أشبه بمليشيا لحفظ امن الدولة اما الوعاء الفكري فلم يكن متواجدا في ذلك الحين بالشكل الذي يجعلها تنطلق من رافعة عقائدية .
في الصين بدا أن القائد "ماوتسي تونج" أكثر دهاء في التعامل مع تجربة اللجان الثورية ففي منتصف الستينيات من القرن الماضي وقبيل رحيله بعقد زمني كان ماو يشعر بالتذمر الشديد بفعل ما بدا انه وجود تيار ينادي بالإصلاح السياسي والاقتصادي فقبل سنوات قلائل وتحديدا في العام 1959م قضى أكثر من أربعين مليون صيني نحبهم بفعل المجاعة التي اجتاحت الصين في ذلك الوقت وبدأ الشارع يتحدث عن أخطاء كبرى للقيادة الصينية ولقيادة الحزب الشوعي الصيني وبدأت أصابع الاتهام تتجه نحو بعض القيادات في الحزب فعمد الى تجديد الثورة فهو كثائر يريد أن يرى الثورة مستمرة في الصين فعمد الى إعلان الثورة الثقافية في العام 1966م وقام بتأسيس اللجان الثورية والحرس الأحمر الذي تكون حينها من خمسين مليون شاب صيني وبدأ يطلق العنان للشباب في الثانوية والجامعات وكما قال ذات يوم لصديقه الحميم أ"ندريه مالرو " إنني وحيد ليس هناك أحد بيني وبين الجماهير وأريد أن أعطي القيادة للشباب وبدأ ماو من خلال اللجان الثورية بتنفيذ برنامجه دع مائة زهرة تتفتح والتي أراد من خلالها كشف خصومه السياسيين المعارضين للتجربة والذين اعتقد أنهم من خارج الحزب الشيوعي ليفاجأ بأنهم من داخل الحزب ترافق ذلك مع تنفيذ مشروعه المسمى القفزة الكبرى للإمام والذي عارض فيه ماوتسي تونج وجود صناعات حديثه وحاول معرفة من يعارض توجهه في السياسات الاقتصادية وتسبب وجود اللجان الثورية في القضاء على جميع خصوم ماو السياسيين من داخل وخارج الحزب وكما هي العادة لابد من وجود ضحايا للتجربة فقد سقط خلال وجود اللجان الثورية العديد من القيادات التاريخية منهم اقرب رفاقه وأقدمهم في النضال معه "ليوتشاوتشي" وهو رئيس الدولة في ذلك الحين إبان الثورة الثقافية كما ان "لين بياو" الذي اختاره ماو ليكون خليفته في قيادة الحزب والثورة اغتيال القائد ماو شخصيا وحاول الهرب لكن الطائرة سقطت به مما اضطره أن يعيد السياسي المخضرم ابن الثانية والسبعين " تنج هيساوبنج" الى القيادة من جديد بعد وفاة "شوان لاي" ليتخلص منه بعد فترة وجيزة بفضيحة غير متوقعة قضية انحراف أخلاقي ، هكذا كانت تجربة اللجان الثورية في الصين والتي كان ماو يشكل المرجعية الفكرية والحاضن الأيدلوجي لها وبصورة متفردة .
أما في الحالة الليبية وهي التي تعد الأطول عمرا من بين التجارب السابقة بدأت في العام 1975 م واستمرت بقوة الى العام 2006م إي حتى العام الذي أعلن فيه سيف الإسلام معمر القذافي تأسيس ماعرف بتنظيم جديد باسم ليبيا الغد المفارقة هنا ان الرافعة الفكرية والسياسية للتنظيم الجديد كانت مهاجمة زمن اللجان الثورية طوال العقود الثلاث الماضية ، عملت اللجان الثورية الليبية من خلال فكر القذافي في الكتاب الأخضر على نشر الفكرة على المستوى الداخلي والخارجي فوصلت الى نيكاراغوا والسلفادور والبيرو والأرجواي وتحالفت مع جميع الحركات الثورية اليسارية في العالم من المناضلين الشيوعيين في بلجيكا الى الجيش الأحمر في اليابان ووصل الأمر بالعقيد القذافي الى تنظيم الهنود الحمر في أمريكا عسكريا للإطاحة بمن أطلق عليها قوة الشر في أمريكا وعندما احتجت الولايات المتحدة عليه رد عليها بقوله أن الهنود الحمر من أصل ليبي ولهذا فهو يدرب ليبيين لاستعادة ارض ليبية مغتصبة هكذا كان يتعامل مع أمريكا طوال ثلاثة عقود وذهب مئات الليبيين من أعضاء اللجان الثورية الليبية ومن خلال ماعرف بالمثابة العالمية للقتال في العديد من بقاع الأرض من لبنان الى أمريكا اللاتينية ، وفي الداخل الليبي عمدت اللجان الثورية الى القيام بما عرف بمشروع التطهير الثوري والذي استهدف بصورة خاصة الأخوان المسلمين والحركات الإسلامية المتطرفة والقاعدة فيما عرف بالحرب ضد"الزنادقة " حسب تعبير الراحل معمر القذافي والتصدي لأعداء سلطة الشعب "الجماهيرية" من خلال مقاومة الفكر الغربي والإمبريالية العالمية ، في الحالة الليبية كان للجان الثورية حضورها القوي سيطرة على الجامعات بصورة مطلقة وسيطرة على جميع مناحي الحياة التعليم والصحة والإعلام والتربية العقائدية في الجيش ورفعت شعار "لاثوري خارج اللجان الثورية " واللجان في كل مكان وجرى منع تأجير المساكن تحت شعار البيت لساكنه والأرض لمن يزرعها والحزب قبيلة العصر الحديث ومن تحزب خان وغيرها من الشعارات التي جرى تعميمها على امتداد التراب الوطني الليبي فكانت لها تجربتها العقائدية الفكرية المتفردة من خلال الآتي أولا براعم الفاتح العظيم لطلبة المرحلة الابتدائية ومن ثم سواعد وأشبال الفاتح العظيم الإعدادي والثانوي ثم معاهد التربية العقائدية بعد الثانوية مثل ابن منظور ومعهد التربية العقائدية ومن ثم المدرج العقائدي الأخضر ومن ثم أكاديمية الفكر الجماهيري بعد البكالوريوس ، ليس ذلك فحسب فقد تم تأسيس اللجان الشعبية كرديف لها كونها الأداة الحاكمة المنبثقة من المؤتمرات الشعبية وتم تأسيس لجان ثورية نوعية مقاتلة مثل الحرس الثوري والحرس العالمي الأخضر الذي يتكون من الذين يطلق عليهم أعضاء المثابة العالمية المدربين بصورة جيدة يكفي ان نعرف ان عددهم وصل الى خمسة وعشرون ألف في نيكاراغوا وحدها الى ذلك بلغت ميلشيات اللجان الثورية "الحرس الثوري " اربعون ألف مقاتل هم الذين قاتلوا حلف الأطلسي طوال الأشهر الثمانية للعدوان على ليبيا ، لقد كانت هناك تجاوزات وكانت هناك أخطاء من اللجان الثورية التي استمرت في السيطرة على كل مناحي الحياة وكانت تحاول أن توجد أنظمة مشابهه لها في بعض الدول العربية والأفريقية منها اليمن والسودان والأردن وبالفعل قامت حركات لجان ثورية ولايزال بعضها مستمرا ، الى ذلك شكلت اللجان الثورية وعلى مدى سنوات عرفت بسنوات الزحف الأخضر العشرات من المحاكم الثورية التي اعتقلت العديد من القيادات في السلطة بدعوى العداء للتجربة بل ووصل الأمر الى أن تقوم اللجان الثورية بإعدام بعض عناصرها تحت شعار التطهير الثوري المحصلة أن الذي كان في قائما حتى العام 2006م كان دولة اللجان الثورية الى أن قام سيف الإسلام بتأسيس حزب ليبيا الغد لتتوارى اللجان الثورية التي ظلت في حالة عداء مع سيف الإسلام ووصل الأمر الى إمكانية تصفيته بعدها أظهرت اللجان مباركتها للخطوات التي قام بها سيف الإسلام القذافي المتحالف مع حركة الأخوان المسلمين بإحداث تغيرات كبيرة حاول القذافي بعد ثلاث سنوات إيقافها وإعادة اللجان الثورية الى سابق عهدها لكن الزمن تغير بعد ان سلم سيف اغلب المؤسسات للإخوان المسلمين ولمجموعات مصراته .
النموذج الآخر هو ذلك الذي ترافق مع انتصار الثورة الإيرانية والذي كان الشيخ بهشتي وأية الله خلخالي رئيس المحاكم الثورية بعد الثورة واحمدي نجاد الرئيس السابق وأية الله محتشمي من أهم رموز اللجان الثورية الإيرانية وهي اللجان التي اقتحمت السفارة الأمريكية واحتجزت الدبلوماسيين الأمريكيين على مدى أربعمائة يوم فيما عرف بقضية الرهائن الشهيرة ، بعدها بدأت اللجان الثورية تتدخل في كل شئ ووصل ضررها الى التنكيل بعدد كبير من شرائح المجتمع الإيراني بما في ذلك البازار الحليف التاريخي لرجال الدين وللحوزة العلمية بل والأدهى من ذلك اعتقال اللجان الثورية لأبن رئيس الوزراء مهدي بازركان والاعتداء على عدد كبير من رموز الحزب الجمهوري الأمر الذي اغضب كلا من رئيس الجمهورية الحسن بني صدر ورئيس الوزراء مهدي بازركان وفي ذات الوقت قامت اللجان الثورية بالاعتداء على من يصفهم الأمام الخميني بالمستضعفيين في الأرض الذين قامت الثورة من اجلهم وهو الأمر الذي تطرق إليه الحسن بني صدر في احد خطبه عندما قال "هناك من يرى انه أكثر ثورية حتى من أية الله الخميني " ومع تزايد شكاوى البازار وأعضاء الحزب الجمهوري ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وبعد رحيل بهشتي القائد الأبرز في اللجان الثورية وظهور تيار معتدل معادي للجان الثورية ومع التصريحات النارية لهاشمي رفسنجاني الذي قال في احدها نحن لانريد الإطاحة بالنظام العراقي نحن ضد التطرف ونريد السلام والعلاقات الأخوية مع كل الدول الإسلامية بعدها أدرك الإمام الراحل اية الله الخميني وأصدر قراره في شهر اكتوبر من العام 1983م بإدماج اللجان الثورية ضمن أجهزة وزارة الداخلية الإيرانية ومن هذا التاريخ فقدت الحركة استقلالها كحركة ثورية سياسية بعد قرابة الثلاث سنوات من العمل الثوري الأقرب الى الفوضوية ، لقد كانت التجربة قصيرة ولكنها أثرت في حركة الثورة مشكلة اللجان الثورية في إيران أنها كانت تستقي توجيهاتها والوعاء الفكري من الخميني والذي غلبت على خطبه الانفعالية الثورية فالرجل كان يعيش حالة حرب ومساحة كبيرة من الأرض تحت سيطرة الجيش العراقي ، لو كانت التوجيهات للجان الثورية من خلال علي شريعتي أو قطب زاده أو حتى علي الخامنئي في ذلك الوقت لربما نضجت التجربة أكثر .
اللجان الثورية اليمنية والذي نعنيه هي تلك التي جرى تأسيسها بعد سيطرة أنصار الله على العاصمة صنعاء ولا نقصد تلك اليسارية الثورية التي لا تزال تؤمن بفكر معمر القذافي والتي ضربت بقوة بلا هوادة من قبل أجهزة الرئيس علي عبدالله صالح ومن قبل الناصريين والأخوان المسلمين على حد سواء والتي تعرض عناصرها للاعتقال ورفض نظام صالح السماح لها بالعمل السياسي طوال فترة حكمه، اللجان الثورية التي أسسها أنصار الله ليست سوى امتداد للفكرة الثورية التي تنادي بتصحيح الأوضاع عبر التاريخ وتعمل للتصدي لأعداء "حركة" 21 سبتمبر 2014م وأقول حركة لأن الثورة فعل جماعي ولديها أيدلوجية واضحة المعالم عموما اللجان الثورية الحالية تحتاج الى مشروع ثوري ووعاء عقائدي وبرنامج عقائدي ثوري تقدمي يكون بمثابة الدليل النظري فلم يتجاوز عمرها أشهر بعد . ، حاليا يظهر أعضاء اللجان الثورية كأداة حكم بينما اللجان الثورية عبر التاريخ تقوم بتحريض الجماهير للزحف على المؤسسات التقليدية وهي في الأيدلوجية الثورية أداة لتنظيم الجماهير سرا وترشيد الأطر الثورية لها من أجل تسلم الجماهير للسلطة بصورة مطلقة كما أنها تعمل للتصدي للقوى الرجعية وكافة أدوات الأحتكار.
الخلاصة حركة اللجان الثورية أداة فاعلة وقوية لو استخدمت للدفاع عن الديمقراطية المباشرة وحقوق الأنسان وإسقاط الدكتاتوريات العسكرية وغير العسكرية وهي تعد من حيث التنظيم الأقوى والأكثر فاعلية بنيويتها التنظيمية قادرة على استيعاب الملايين عكس الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني تعد رديفا لها ولو حدث تحالف بينها وبين مؤسسات المجتمع المدني يمكن لها الإطاحة بكافة النظم الدكتاتورية وهي كحركة ثورية لاتعترف بالحدود بين الدول وربما لهذه الأسباب تكمن خطورتها أحد الحكام العرب عندما سألوه عنها قال انه لايفهمها سوى أنها "ديناميت ومتفجرات" وان عناصرها معروفين بفوضويتهم وإذا كنا نختلف معه في التوصيف فإننا نتفق معه على فوضوية عناصر اللجان الثورية لو قام الشباب اليمني أو حتى جزء منه المتواجدين في الساحات بتأسيس لجانا ثورية في العام 2011م لتمكنوا من إطاحة النظام جذريا وأسسوا نظام حكم ديمقراطي وطني وأعتقد انه وربما اختفت جميع مظاهر النزعات الانفصالية لكن غياب الأداة الثورية لدا الشباب تسبب في سرقة الثورة منهم ، ومع ذلك فإن المخاطر تبدوا واردة في مثل تلك الحالات فربما تأسست اللجان لكننا في جميع الأحوال لاتستطيع أن نضمن عدم حدوث تجاوزات ربما كانت ستطال كبار القيادات السياسية والحزبية سلطة ومعارضة فأعضاء اللجان الثورية يختلفون عن أعضاء الأحزاب كون الذي يربطهم الفكرة وليس النظام الهرمي التقليدي عضو اللجنة الثورية عبر التاريخ مؤمن عقائديا بالفكرة ولا يرغب في السلطة فحركة اللجان الثورية هي الحركة الوحيدة في التاريخ التي ترفض استلام السلطة وتعمل على تحريض الشعب على ممارسة السلطة بدون وسيط لا برلمان ولا مجلس شعب ولا جمعية وطنية ولا أحزاب تؤمن بأن الديمقراطية هي الحكم الشعبي وليس التعبير الشعبي وهذا مايجعلها في حالة صدام تاريخية مستمرة مع الأدوات التقليدية .
*رئيس المركز الدولي للإعلام والعلاقات العامة IMC


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.