حينما يتم اختيار عاصمة الدولة يتم وضع العديد من المدن في اطار الدولة يتم المفاضلة بينها وفق أساس ومعايير اتفق عليها عبر التاريخ القديم والحديث لاختيار عاصمة الدولة وهي : - العامل التاريخي هناك عواصم لها تاريخ ارتبط بمراحل مهمة على الصعيد الحضاري للأمم مثل القاهرة والقدس وبغداد ولندن وباريس - العامل الجغرافي حيث يتم اختيار العاصمة وفق توسطها بين كل المدن وسهولة المواصلات مع باقي مناطق الدولة ، فقد يكون موقع المدينة متوسط كمدريد عاصمة اسبانيا والرياض عاصمة السعودية و القاهرة عاصمة مصر . وقد تكون علي سواحل نشطة تجارياً تربط الدولة مع بقية العالم مثل نواكشوط في موريتانيا وبيروت في لبنان والعاصمة التونسية تونس - عامل الحماية والدفاع ترغب الدول أن تكون عاصمتها محمية وبعيدة عن الحدود خشية سقوطها بيد الأعداء ، إذ أن سقوط العاصمة يعني تحطم معنويات الدولة واستسلامها وهذا ما يفسر اختيار أنقرة عاصمة لتركيا بدلاً من (استانبول) في زمن مصطفي كمال أتاتورك بعد الحرب العالمية الأولي . - العامل السكاني والسيادة القومية تحرص الدولة متعددة القوميات والطوائف إلى أن تكون العاصمة ضمن منطقة القومية الأقوى حتى لا تخضع لسيادة أقلية أو أن تتآمر الأقلية مع دولة أخرى لاحتلالها مثل العاصمة الروسية موسكو. واذا ما نظرنا الى صنعاء التي احتلتها المليشيات القادمة من الكهوف مؤخراً وحاولنا أن نطبق عليها المعايير التي ذكرناها آنفاً لوجدنا أنها لا تصلح أن تكون عاصمة لليمن الاتحادي حيث لم ينطبق عليها سوى عامل واحد "الحماية والدفاع "لكنه أبرز نقاط ضعفها كون صنعاء تقع ضمن الأقلية السكانية : تاريخياً : لم تكن صنعاء عاصمة لأياً من الدول اليمنية القديمة من ايام التبع اليماني والملكة بلقيس مروراً بدول" سبأ وحمير وحضرموت وأوسان وقتبان ومعين" ولم تصبح صنعاء عاصمة الا في عهد الاحتلالين الحبشي والفارسي لليمن ثم أصبحت عاصمة للدول الزيدية المتتالية الى وقتنا الحاضر ولم يذكر المؤرخون أن اليمنيين جميعاً خضعوا لحكم صنعاء في عصر من العصور فقد كانت أقاليم اليمن تعلن دول مستقلة عن صنعاء وتدخل معها في حروب ونزاعات كالدولة الرسولية في تعز والتي استمرت لأكثر من ثلاثة قرون جغرافياً : تقع صنعاء في القسم الشمالي من اليمن في منطقة جبلية عالية على جبال السروات، ترتفع عن سطح البحر 2300 متر في حين أن ثلثي الشعب اليمني يقطنون المدن الساحلية من حجة والحديدة على البحر الأحمر مروراً بتعز ولحج وصولاً الى عدن ثم أبين وشبوه وحضرموت على البحر العربي ما يجعل وصول اليمنيين الى صنعاء عبر طرق جبلية وبعيدة أمراً شاقاً ومكلفاً فجغرافية صنعاء تخدم حكم الأقليات أو المحتلين فقط دفاعياً : تقع صنعاء بين عدداً من الجبال التي تحيط بها القبائل من كل الجهات رغم أنها تظل محمية من السقوط أمام الغزاة الان أنها تبقى تحت رحمة نيرن تلك القبائل الهمجية المسلحة التي لا تقبل بأي سلطة في صنعاء غير خاضعة لشروط تلك القبائل ومنفذة لرغباتهم ولذلك فقد تعرضت للحصار على يد تلك القبائل عدة مرات وفشلت ثورة 1948م بسبب تلك القبائل السيادة القومية : وهذا أكثر العوامل خطراً على صنعاء كعاصمة لأنها تقع ضمن ديموجرافيا سكانية لا تعكس غالبية الشعب اليمني فأغلب القبائل المحيطة بها تنتمي الى الفكر الزيدي الذي يدعي انتسابه الى ال بيت النبي محمد )صلى الله عليه وسلم) وهم أقلية عددية بالنسبة للشعب اليمني لا تمثلون أكثر من 15% من سكان اليمن الذين ينتمون الى مذهب الإمام الشافعي السني فهذه الأقلية المذهبية السلالية العنصرية المحيطة بصنعاء إن لم تحكم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فإنها تسهل للطامعين الأجانب الاستيلاء على صنعاء أو مساندتهم للسيطرة عليها بقوة السلاح كما حدث مؤخراً وهذا ما يفسر قيام عدة دول في مناطق كثيرة من اليمن عبر التاريخ الإسلامي بسبب سيطرة الأقلية على الحكم واخضاع الأغلبية لسلطتهم نحن اليوم كيمنيين بحاجة الى البحث عن عاصمة بديلة أكثر من أي وقت مضى بعد أن تمكنت المليشيات الحوثية من السيطرة على صنعاء بقوة السلاح وبمساعدة دول أجنبية وأصبحت صنعاء مغتصبة تحكمها أقلية مذهبية سلالية مقيتة ترى لنفسها حقاً إلاهياً في الحكم لا يقل عن حق اليهود المزعوم في فلسطين وعلى أغلبية اليمنيين واجباً مقدساً نحو أنصار الله في السمع والطاعة كما على الفلسطينيين التسليم بحق شعب الله المختار في أرض فلسطين واذا أردنا البحث عن عاصمة للدولة اليمنية الحديثة فلدينا محافظتان تنطبق عليهما معظم معايير اختيار العواصم بل ان اختيار احداهما عاصمة سيقضي على كل النزعات المناطقية والنزاعات المسلحة هما محافظتي عدنوتعز • عدن ذات الموقع الاستراتيجي الهام بين البحر الأحمر والبحر العربي كانت عاصمة اليمن الجنوبي الى العام 1990م والعاصمة التجارية والاقتصادية لليمن الموحد ولها امتدادات سهلية واسعة نحو محافظتي لحج وأبين ما يجعلها قابلة للتوسع والنمو وسكانها متعلمون مثقفون متعايشون على اختلاف ألوانهم ومناطقهم وجنسياتهم دون تمييز أو عنصرية بل إن أبناء عدن هم أول من عرف الحياة المدنية في الجزيرة العربية نقطة الضعف الوحيدة التي تواجهها عدن هي ضعف الحماية والدفاع أمام الأعداء ولكن لم يعد احتلال الدول توجهاً قائماً على المستوى العالمي وبإمكاننا تكوين قوة قادرة على صد أي عدوان ومهما يكن فإن المقارنة مع صنعاء تجعل عدن أفضل من صنعاء التي أصبحت محتلة من قبل ايران رغم أنها تبعد 300كيلو متر عن أقرب شاطئ وأغلب عواصم الدول حالياً تقع على الشواطئ • تعز المطلة على مضيق باب المندب الممر الذي يربط القارات الثلاث , تاريخياً كانت عاصمة الدولة الرسولية التي امتد نفوذها الى منطقة الطائف واستمرت أكثر من 300مأئة عام من نهاية القرن الثالث الهجري بعدما تأسست الدولة الزيدية الأولى في صعدة وصنعاء تعز أكثر المحافظاتاليمنية من حيث عدد السكان والعاصمة الثقافية لليمن وأبناؤها الأكثر تعليماً وعملاً ومهارةً ينتشرون في كل المحافظاتاليمنية يديرون الجامعات والمعاهد والمدارس والمستشفيات والشركات والبنوك والمصانع والمتاجر تعز انجبت قادة الأحزاب السياسية ومفجري الثورات ورواد التغيير والناشطين الحقوقيين والأكاديميين الأدباء والشعراء والكتاب ومحرري الصحف ورواد الاعلام ومراسلي القنوات الفضائية تعز مخزن اليمن الاستراتيجي من القوى العاملة والكفاءات المهنية يسكنها 4ملايين من البشر لا يختلفون حول مذهب أو سلالة . يجب أن نعمل على مسارين متوازيين احدهما هو استعادة صنعاء من أيدي القرود القادمة من التاريخ القديم والعصور الحجرية والاخر العمل على تأسيس عاصمة لليمن بديلة عن صنعاء التي لن يستقر وضع اليمنيين السياسي والاقتصادي إن ظلت عاصمة لليمن لفت نظري خبر نشر عن المخلوع صالح موافقته على بقاء هادي رئيساً شرط بقاء صنعاء عاصمة وعدم تغييرها . وهذا يؤكد ما نقوله بأن نقل العاصمة من صنعاء يفقد الأقلية حلم الحكم نهائياً 4/3/2015م .. والله الهادي الى سَواءَ السبيل ..