يعد "شهر الكرامة" نقطة تحول مفصلية في الانتفاضة الشعبية ضد حكم صالح الذي تصدرها الشباب وبدأت شرارتها فى فبراير لعام 2011 م . حيث أعقبت جمعة الكرامة (المجزرة الدموية،الذي شنها صالح وأتباعه على الثوار السلميين في ساحة التغيير بصنعاء في الثامن عشر من شهر مارس والذي ارتقى فيها أكثر من 50 شهيد والمآت من الجرحى من خيرة شباب الثورة ) انشقاقات واسعة عن نظام حكم المخلوع في أوساط مسؤولين حكوميين ودبلوماسيين، وكان من أبرز المنشقين والمنظمين لثورة الشباب الشعبية السلمية اللواء علي محسن الأحمر، قائد الفرقة الأولى مدرع بالجيش اليمني حينها. ومثلت جمعة الكرامة محطة فارقة في الثورة الشبابية الشعبية السلمية بعد أن هزت بشاعتها وجدان اليمنيين والضمير العالمي، لتشكل نقطة تحول تاريخية بعد إراقة دماء الشهداء بطريقة وحشية. إن ما يدعو للحزن أن تأتي الذكرى الخامسة لهذا اليوم المشؤم والجُناة والقتلة يسرحون ويمرحون في أملاكهم المنهوبة من خيرات الوطن ومقدراته بل ويعملون الفساد والفتنة بين أبنائه وينهبون مؤسساته ويفتكون بالشرفاء الذين قالوا لا لآلة القمع في لحظة خرج فيه صالح ونظامه عن كل معاني الإنسانية والقيم الدينية والاجتماعية فيما يظل شباب الثورة الأبرياء في المعتقلات والسجون، وفي مختلف الجبهات دفاعاً عن الوطن واستكمال لثورتهم المباركة، ووفاء لدماء الشهداء الأبرار في استكمال مشروعهم النضالي لبناء دولة مدنية ديمقراطية لها مكانتها المتقدمة بين الأمم. وتأتي هذه الذكرى،والوطن مايزال يعاني من النظام البائس الغاشم وأتباعه المليشاوية الذين انتسبوا للثورة وانقلبوا على الوطن والثورة وكانوا آداة بيد المخلوع لينهك بها الثوار ويجهض ثورتهم المباركة، ولقد كشفت الأيام والأحداث كذبهم وزيفهم وحقيقة انتمائهم الكاذب للثورة والنضال ولا عجب حين سمعنا تصريح من خطيب الثورة وشاعرها الأستاذ/ فؤاد الحميري عند وصفه الدقيق للمليشيا الحوثية قائلاً " الحوثيين هم كانوا مع الثوار وليسوا من الثوار" نعم كانوا ومازالوا دمى يحركها يمنة ويسرة كيف يشاء ويعبث بها في الوطن والشعب . ويأتي شهر الكرامة والذكرى الخامسة في هذا العام والانتصارات تتوالى في مختلف الجبهات العسكرية والسياسية لصالح الوطن،ويتكبد المخلوع كعادته خسائر وهزائم تفقده سيطرته، ومكانته في كل لحظة، آذنة بزوال عهد بائس ومتفائلة بعهد جديد للوطن. وما إنتصارات تعز و مأرب والجوف وميدي ونهم ، وصمود الأبطال وعودة محسن إلى رأس الجيش ليحمي الدولة كما حمى الثورة من قبل في هذا الوقت تحديداً ، إلا بشائر للنصر والتحرير الكامل من مليشيا القتل والتدمير . وها هم شباب الثورة السلميين سابقاً ، واحرار ورجال المقاومة الأبطال المسلحين حاليا،على مقربة من صنعاء يسطرون أروع سجلات النضال والتضحية دفاعاً عن الوطن والشعب والنظام والقانون،يدافعون عن حلم الشعب المسلوب في حياة كريمة ومستقرة لا وجود فيها للمليشيا أو المفسدين ، وسيستمر نضال الأبطال حتى تخضع رقاب الجناة وأيديهم لمنصة العدالة، وينالوا جزائهم جراء ما اقترفوا ، ولن يطول بهم الأمد ليستكملوا ويحققوا ما تبقى من أحلام اليمنيين وكرامتهم. وكما كان الحشد الجماهيري والشعبي الثوري بعد جمعة الكرامة يقيم الذكرى وفاء للشهداء ،سيماثله حاليا حشد ثوري واجتماعي نضالي وطني مقاوم سيجتث فيه قوى الفساد والتخلف ومليشيا الدمار وتحالفاتها من جذورها وسيُؤسس لمرحلة سياسية جديدة لا يسود فيها غير القانون ولا يتحاكم بها إلا إلى الديمقراطية والمدنية. وبهذه الذكرى نعزي بكل حزن وأسف أسر كل الشهداء، ونواسي أسر المصابين في يوم الكرامة الأسود ، ونجدد لهم العهد بأن دماء أبنائهم واخوانهم هي دماؤنا، ولن يظفر القتلة والمجرمون بقتل اليمن مرتين؛ مرة بقتل خيرة شبابه ومرة بقتل حلمهم للحرية والكرامة والتغيير ، فإنا على العهد ماضون ، وعلى الدرب سائرون لتحرير الوطن