توجه اليمنيين نحو الحوار والمفاوضات في الكويت ، في 18 من الشهر الجاري ، يمثل في حد ذاته عاملا إيجابيا ، إذا كان نابعا من الإدراك ، بحتمية حقن دماء اليمنيين ، فإيقاف الحرب في اليمن شيء ، وإحلال السلام فيه شيء آخر ، يحتاج لنوايا صادقة ، وآلية واضحة وشفافة ، ذات أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية وقضائية ، هدفها إيجاد ركائز لحل مستدام ؛ يعالج المشكلات التي أدت للحرب ، وتلك الجديدة الناجمة عنها ، وإذا كان الحوار هو أساس العملية السياسية الصحيحة ، بين القوى السياسية اليمنية المختلفة ، التي تؤمن بالفعل ، بالحلول السلمية والممارسة الديمقراطية ، لكن الوصول إليه ، ينبغي أن يكن عبر وضع طبيعي وصحي ، وأن تكن البيئة المحيطة بالحوار ، متسقة مع الدعوة إليه ، أو الاستجابة له ، وهذا ما ليس متوفرا لدى المليشيات الانقلابية ، التي تستمر في الدعاية الشكلية للحوار ، دون أن تفي بمتطلباته المسبقة ، أو ما يسمى بإجراءات بناء الثقة ، المتمثلة بوقف قصف المدن ، ورفع الحصار عنها ، وفتح ممرات للإغاثة الإنسانية ، وإطلاق السجناء والمعتقلين المناوئين لها ، ووقف ملاحقة الإعلاميين والصحفيين ، والتي تعتبرها المليشيات شروطا مسبقة ، بينما هي ضروريات سابقة ؛ للتهيئة للدخول في حوار جاد ، يرسي سلاما واستقرارا دائمين. قامت المليشيات الانقلابية ، في 21 سبتمبر 2014 م ، بانقلاب أطلقت عليه اسم ثورة ؛ لتكتسب شرعية ثورية ، تفضي بها لشرعية سياسية ، وحينما لم تجدها ، لجأت لتقويض السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي ؛ لأن السياسة في نظرها ، هي محصلة ما تملكه من وسائل البطش وفائض القوة ، وما تؤمن به من هيمنة وإقصاء ، واستيلاء على السلطة بقوة السلاح ، ولذلك رفضت كل الحلول السياسية ، وأفشلت كل الاتفاقيات والحوارات السابقة ، التي كانت طرفا فيها ، وإن أبدت رغبة في التفاوض والحوار ، فهو بالنسبة لها ، مرحلة من مراحل إدارتها للصراع لا وضع نهاية له. الجيش الوطني والمقاومة على تخوم العاصمة صنعاء ، وهذا يجعل المليشيات تبحث عن مناورات جديدة ، لكسب الوقت ، فسيذهبون للكويت في 18 من الشهر الجاري ، وإذا ما قبلوا بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 ، فسيفرغونه من مضمونه ، من خلال المناورة والبحث في التفاصيل ، ريثما تأتي متغيرات جديدة ، ترجح كفتها ، أو يمل الطرف الآخر ، فيقدم لها مزيدا من التنازلات ، فنجاح المفاوضات ، أو الوصول لتسوية سياسية مع المليشيات ، أصبح محكوما بمقدار ما تحصل عليه من امتيازات ، أو ما تناله من مكاسب. يرى كثير من اليمنيين تحالف المخلوع علي عبدالله صالح والحوثيين ، أساس الكارثة التي حلت باليمن ، وجعله جزءا من الحل ، هو ترحيل للمشكلة ، وتفخيخ للمستقبل ، وأي محاولة لبناء سياق سياسي لمليشيات هذا التحالف ، يضمن استمرار وجودها ، من خلال تدويرها بحل سياسي ، يدمجها مع الجيش الوطني ، ويبقيها ذراعا عسكريا لتحالف ( الحوثي صالح) ، سيضعف مؤسسات الدولة ، ويؤدي لفوضى أمنية شاملة ، واتساع مساحة الاغتيالات والعمليات الانتقامية. الراعون للحوار القادم في الكويت ، بين السلطة الشرعية اليمنية والمليشيات الانقلابية ، إذا لم يكن بمقدورهم إرغام المليشيات الانقلابية ، على الإذعان لقرار مجلس الأمن الدولي 2216 ، وإجبارها على إجراء مراجعة شاملة ، لمعادلات ارتباطها باليمن دولة وأرضا وشعبا ، ولطرائق تصرفها ، وبالتالي تسليم السلاح الذي استولت عليه ، لمؤسسات الدولة الشرعية ، فإن دعوتهم لحوار من أجل تسوية سياسية مع المليشيات ، هو دعم لمليشيات فاقدة الأهلية بمسببات البقاء ، وهو أيضا حوار فوقي ، لا يزال يدور في دائرة مخاطبة النخب والطبقة السياسية ، بعيدا عن الاستجابة لتطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار. لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet