يتغنى اليمنيون منذ عهود بعيدة بحكمتهم وبقدرتهم على تجاوز المحن بأقل الخسائر. جبابرة يقهرون الفقر والموت لأنهم لا يسرفون في الحياة، إلا أنّ هذه الحرب قهرتهم وهزمتهم في عُقر كبريائهم، تاهوا معها وبسببها، وهوت بهم في قعر المجهول. ثلاث صور تم تداولها مؤخراً على وسائط التواصل الإجتماعي، تلخّص المشهد اليمني بتراجيديا وبلاغة. ينبغي الوقوف عندها، تأملها، وتفحصّها بعين الحكمة والإتعاظ. مشهد الشابة اليمنية على الحدود الكنديّة، مقيّدة اليدين، تذرف دموع الرجاء والأمل، لن تحتاج بالتأكيد لصرخة "وامعتصماه" لأن حرس الحدود الكندي سيقودها مكبّلة ومكلومة إلى برّ الأمان وربما إلى الرفاه، لكنها تختزل معاناة اليمنيين خارج الحدود، في المنافذ وفي المطارات، مشردين، ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ولم يعد مرحباً بهم إلا في أرض المعارك، في مواجهة مباشرة مع الموت. ستظل رمزية صورة الفتاة هذه في ذاكرتنا كرمزيّة "ماريان" في الذاكرة الجمعية الفرنسية. المشهد الثاني ، مشهد إحراق الشاب المختل عقليّاً "سلْمان"، بمادة البترول، صورة تختزل الفشل بكافة صوره، فشل ربّ الأسرة، فشل المربي والمعلّم، وفشل رجل الدين ورجل الأمن والقاضي والسياسي، وانتهاءً بفشل الإنسان بأن يظل إنساناً. أما المشهد الأكثر مرارة والذي يعكس ألف معاناة ومعاناة فتختصره صورة شاب هزيل في مقتبل العمر، أكلت منه الحرب وشربت، يفترش الأرض ويتكئ على جدارٍ هارٍ وهو مقبلٌ بنهم يأكل من بقايا قمامة مرمية على جانب الطريق، منكّس الرأس، متهالك البُنية، وأمامه يقف كلْبٌ ممتلىء تظهر عليه أثار الشبع، يقف بكبرياء وينظر إليه بتعجب وريبة، وربما متسائلاً "يا ترى مَن سيأكل مَن غداً". لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet