اختيارالقيادي والإداري الناجح الكفء لتولي المسئولية في مراحل الضعف مسألة جديرة بالتقدير والاهتمام وهي تعني أننا بدأنا بما يشبه عملية تصحيح حالة الاعوجاج والترّهل ومحاربة الفساد و إعادة التموضع للعنصر الإداري والكفاآت والخِبرات الوطنية بداية فعلية لتصحيح المسار والارتقاء بالوظيفة العامة وبما يحفظ مهابة المناصب العُليا لجهاز الدولة ويقود إلى إصلاح شئون الناس ، هذا هو الحال بالنسبة للأستاذ نبيل شمسان محافظ تعز ، أذكر أنني كتبت منذ عدة أسابيع مقالاً حول المناصب العُليا للدولة ، كنت أعني تحديداً هذه الفئة من الكادر الوطني المؤُهل القادر على تحمّل المسئولية ، نبيل شمسان إحدى الكفاآت الوطنية التي أعنيها وحسب ما أعرفه عن الرجل أنه شخصية تمتلك الخبرة الإدارية وقادرة على تحريك المياه الراكدة وبعث الروح في جهاز المحافظة المريض وهذا مابدأ يلوح في الأفق ويظهر بصورة أكثر وضوحاً من خلال ممارسته لنشاطه كمحافظ لمحافظة تعز ، خلفية الرجل القيادية ومعرفته الدقيقة بإدارة الدولة والتركيبة المعُقدة والتداخلات المقيتة في الإدارة اليمنية التي غلبت عليها الانتقائية وهيمنة مراكز القوى والمحاصصات المناطقية والفئوية والحزبية تجعل منه الرجل المناسب الأقدر على معالجة الاختلالات ، عندما كان نائباً للدكتور يحيى الشعيبي في وزارة الخدمة المدنية استطاع مع الوزير الفذ حلحلة كثير من جوانب القصور في جهاز الخدمة المدنية ، نبيل شمسان من تلك الكوادر القادرة على العمل في مختلف وأصعب الظروف ، أعتقد أن أمام الرجل فرصاً أكبر للنجاح في قيادة محافظة الخمسة ملايين مواطن ، وهناك عوامل عدة قد تسهم في ذلك رغم الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد جراء الحرب المُدمرة ، من تلك العوامل هي أن نبيل شمسان يعي جيداً لغة الأرقام والمعلومات ودلالاتها في فن الإدارة وإتخاذ القرار وهي صفة اكتسبها من خلال تخصصه في هذا المجال فهو مدير عام سابق لمشروع المسح والتعداد الوظيفي والسجل العام وكل فقرة مما سبق تعُد بمثابة تخصص قائم في حد ذاته ، والعامل الثاني الذي يدّعم إمكانات الرجل للنجاح في مهامّه ، هو شغلِه في مرحلة سابقة لمنصب في غاية الأهمية ألا وهو مدير إدارة تحليل المعلومات وهي مهمة عادة ما تُوكل إلى قيادات على درجة عُليا من المهنية والاحترافية ، تعتمد عليها الدول في وضع خططها التنموية البعيدة المدى . التكنوقراط كما ظلنا نردد منذ سنوات هو بداية الحل للكثير من مُعضلاتنا ومشاكلنا الاقتصادية التي تصعب حلحلتها بغياب الكادر الإداري المؤهل والمتمّكن ، ومُدخلات الإصلاح تبدأ دوماً من الإدارة إذا صلُحت الإدارة صلُح الاقتصاد ، معادلة لا يمكن تجاوزها . نبيل شمسان كإحدى القيادات الإدارية التكنوقراطية ربما يشكّل أداؤه في المرحلة القادمة معياراً للكفاآت وترمومتراً يمكن لنا القياس عليه للنجاح أو الفشل الذي أستبعده في واقع ظرفية وإستثنائية المرحلة. لكننا في المحصّلة يمكن لنا أن نمعّن النظر في قراءة التجربة بصورة قد تسمح لنا بفتح آفاق أوسع لوضع محددات وملامح الغد . هذا في حالة واحدة إذا ما كنا جادين فعلاً في بناء وطن تحكمه الكفاآت والقدرات وليست المحاصصات المناطقية ضيّقّة الأفق ، وفي ضوء ذلك على القيادة السياسية أن تسهم في إيجاد حالة من التجانس الإداري في باقي مفاصل الدولة ، يمكن أن يكون هناك نوع من التناغم والمشتركات في أداء نبيل شمسان وفي أداء الشخصية الأكاديمية المتمثلة في معين عبدالملك رئيس الوزراء كلتا الشخصيتان مؤهلتان إدارياً ويمكن أن تصنعا الفارق في الإدارة وفي مؤسسات الدولة لكن بدون توسيع المجال أمام كفاآت أخرى لاستكمال الشكل العام لإدارة الدولة في هذه المرحلة الصعبة التي تحتاج إلى هذا النوع من الخبرات حتى يظل جسم الدولة قائماً للوقوف في وجه التحديات الكبرى التي تواجه الوطن اليمني حينها يصبح تعيين الكفاآت ظرورة حتمية لامناص منها . نعم نبيل شمسان والآخرون ليس مجرد رقم وظيفي لمنصب مهم .. المسألة أكبر من ذلك بكثير وتتعدى التشريف والتكليف في آن واحد ، وهو مايجعلنا نطالب باختيار قيادات نوعية مماثلة لديها القدرة على فهم الواقع الإداري المُعقد يمنياً والذي عانى ولايزال يعاني من اختلالات جمة تجعله خارج نطاق الفعالية ، نأمل أن يكون اختيار نبيل شمسان مقدمة لاختيارات أخرى موفقّه ، تصنع الغد المشرق لليمنيين . - رئيس المركز الدولي للإعلام والعلاقات العامة [email protected]