أعلنت السلطات اليمنية أنها تقوم في الوقت الراهن بملاحقة عناصر ورموز تنظيم القاعدة المتهم دوليا بالإرهاب منذ أواخر القرن الماضي. وجاء الإعلان اليمني غير المسبوق عن ملاحقة القاعدة، بعد اقل من أربع وعشرين ساعة على إعلان لما سمي (جناح تنظيم القاعدة في اليمن ) عن مسؤوليته عن الهجمات الإرهابية الفاشلة التي وقعت في الخامس عشر من سبتمبر/أيلول الماضي والتي استهدفت منشأتين نفطيتين هما مصفاة رأس عيسى في محافظة مأرب وميناء الضبة في محافظة حضرموت، وكلا المحافظتين نفطيتين. أسفرت العمليتان عن مقتل الانتحاريين الأربعة الذين هاجموا الموقعين بسيارات مفخخة قبيل الانتخابات الرئاسية والمحلية اليمنية بخمسة أيام فقط وقتل في الهجومين الانتحاريين بعض المطلوبين على ذمة الانتماء للقاعدة والفارين من سجون جهاز المخابرات اليمنيبصنعاء في فبراير/شباط الماضي وهم ثلاثة وعشرون محكوما ومتهما بالانتماء للقاعدة والقيام بأعمال إرهابية . ومن منفذي تلك الهجمات الإرهابية المطلوبين (شفيق زيد) أحد الذين فجروا أنفسهم بسيارة مفخخة في ميناء تصدير النفط في الضبة حضرموت، و(عمر جار الله) أحد الذين فجرا نفسيهما بسيارة مفخخة في منشأة صافر مأرب للنفط والغاز. وكانت خزانات الوقود التي استهدفت في ميناء الضبة بحضرموت تحتوي على حوالي أربعة ملايين برميل نفط في حين تبلغ الطاقة الإنتاجية لوحدة الغاز المنزلي في مأرب 1800 طن يومياً. وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن وزارة الداخلية اليمنية وقبيل إعلان القاعدة مسئوليتها عن تفجيرات الضبة ومأرب ،عممت على فروعها في المحافظات بضرورة تفعيل دور الوحدات العسكرية والأمنية لرصد ومتابعة نشاط عناصر تنظيم القاعدة وضبط المطلوبين امنياً وكانت هذه هي المرة الأولى التي فيها يعلن رسميا أن عناصر القاعدة بصورة عامة تحت الملاحقة. وبعيد محاولات التفجير تلك أعلنت أجهزة الأمن اليمنية عن مهاجمة وقتل واعتقال بعض العناصر الخطرة من القاعدة في إحدى ضواحي العاصمة صنعاء وضواحيها ، ومن ابرز من قتل في العمليتان اللتين تمتا بعد أيام فقط على مهاجمة المنشأتين النفطيتين ، فواز الربيعي ومحمد الديلمي ، وهما وبالأخص الأول من اخطر العناصر المطلوبة للأمن اليمني بتهمة الانتماء للقاعدة والتخطيط لمهاجمة ناقلة النفط الفرنسية " ليمبورج " أواخر العام 2002م ، والربيعي سبق له وان عمل " فراشا " في القصر الجمهوري بالعاصمة صنعاء وكان يقدم " الشاي " للرئيس علي عبد الله صالح شخصيا ، قبل أن يختفي لبضعة أعوام ويظهر ضمن قوائم المطلوبين للمباحث الفيدرالية الأميركية " إف . بي . أي " مطلع العام 2004م. وبحسب مصادر أمنية فإن خلية صنعاء التابعة للقاعدة كانت تخطط لاستهداف منشئات حكومية وأجنبية منها نادي رجال الأعمال اليمنيين والمطعم الإيطالي والنادي الصحي المجاور لسكن موظفي شركة كنديان نكسن. وكان نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية اليمني اللواء الدكتور رشاد العليمي ، أعلن عقب تفجيرات الضبة ومأرب عن مسؤولية تنظيم القاعدة عن العمليتين من خلال المعطيات وأشار إلى وجود أدلة تفحص تشير إلى تورط عرب في تلك العمليات. ولم يستبعد الوزير اليمني " وجود علاقة لهم بجهات خارجية وقال إن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية هو وحدة واحدة " . وأعلن الرئيس علي عبد الله صالح عن تخصيص مكافأة تقدر بخمسة ملايين ريال يمني أي ما يعادل خمسة وعشرين ألف دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات بشأن أي إرهابي مطلوب لأجهزة الأمن وتقود إلى اعتقاله ، وذلك على خلفية محاولات التفجير الانتحارية التي جرت أمس في حضرموتومأرب واستهدف بعض المنشآت النفطية الحيوية. وأشاد الرئيس السفير الأميركي بصنعاء توماس كرادجكسي خلال مباحثات مع وزير الداخلية اليمني بدور الأجهزة الأمنية اليمنية في التصدي لمثل هذه العناصر الإرهابية وإفشال خططها في تخريب المنشآت الحيوية. وبعد تلك العمليات الإرهابية حذرت الولاياتالمتحدة رعاياها من السفر إلى اليمن ومن من أنشطة إرهابية. وأعربت الخارجية الأميركية عن "قلقها بشأن هجمات محتملة قد ينفذها متطرفون يعملون فرادى أو جماعات ضد المواطنين الأميركيين والمصالح الأميركية ". ورغم المساعي اليمنية الحثيثة وبالتعاون مع الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب ، فان هناك في داخل اليمن من يتهم صنعاء باستغلال الإرهاب والحرب عليه من اجل مصالح سياسية وذلك بالربط بين عمليات الخامس عشر من سبتمبر والانتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت بعد خمسة أيام من تلك العمليات وإعلان السلطات اليمنية أيضا أن احد مرافقي مرشح الرئاسة لتكتل المعارضة " اللقاء المشترك " متورط مع الخلية الإرهابية التي هاجمت المنشآت النفطية. ولليمن تاريخ طويل مع الإرهاب بدءا من نشاط بارز لمشائخ إسلاميين بارزين بحشد "المجاهدين" أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات من القرن الماضي لمحاربة السوفيت في أفغانستان، مرورا بالأصول اليمنية لأسامة بن لادن وعدد غير قليل من أنشطة القاعدة في اليمن وعملياتها الإرهابية التي استهدفت مصالح يمنية وغربية كثيرة .. وهنا يبقى التساؤل قائما بشأن من يلاحق الآخر ..؟ ويبدوا ألا إجابة لهذا التساؤل، على الأقل في الوقت الراهن.!