كثفت السلطات الأمنية اليمنية تحقيقاتها اثر عمليتي التفجير الارهابيتين في محافظتي مأربوحضرموت في أجواء محاطة بالسرية وعقدت اللجنة الأمنية العليا للدفاع برئاسة الرئيس على عبدالله صالح اجتماعا طارئا ضم رئاسة الحكومة و قادة أجهزة الأمن والجيش والدفاع والداخلية وأقرت منظومة إجراءات وقائية واحترازية لحماية المنشآت الحيوية ومقار البعثات الدبلوماسية والشركات والمؤسسات. فقد أعادت تداعيات الهجمات الانتحارية صباح الجمعة واستهدفت منشآت نفطية حيوية في محافظتي مأربوحضرموت الغنيتين بالنفط إلى أذهان اليمنيين أجواء ال 11 من سبتمبر فبادرت الحكومة الى رفع حالة الاستعداد لدى أجهزة الأمن والجيش وتشديد الاحترازات الأمنية في كثير من المنشآت الحيوية ومقار البعثات الدبلوماسية والشركات والمؤسسات الغربية . وجددت الهجمات الأخيرة المخاوف لدى السلطات اليمنية من أنها لا تزال في مرمى نيران الجماعات الإرهابية وبخاصة تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن بعد مضي سنوات من تحالفها مع واشنطن في حربها الدولية ضد الإرهاب. وزاد من ذلك إعلان السفارة الأمريكيةبصنعاء إجراءات أمنية جديدة قللت فيها حركة دبلوماسييها ودعت إلى تعليق الزيارات الرسمية غير الضرورية لليمن فضلا عن نصح رعاياها في اليمن والراغبين في المجيء إليها بتوخي الحذر والاستشارة قبل السفر.. وطبقا لتأكيدات المسؤولين في اللجنة العليا للدفاع التي يرأسها الرئيس علي عبدالله صالح فقد استهدفت الهجمات الأخيرة تخريب البنية الأساسية للاقتصاد اليمني وشله بتدمير البنية الأساسية للطاقة المودعة في خزانات ميناء ضبة النفطي والتي تحوي 4 ملايين برميل نفط فضلا عن استهدافها منشآت النفط ومحطات الغاز في مأرب التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 1800 طن يومياً من الوقود والغاز وتمثل عصب الحياة اليومية للسكان . وفي حين وصلت إلى محافظتي حضرموتومأرب لجان أمنية وفرق تحقيق خاصة تضم مسؤولين كبار في الحكومة وخبراء في مكافحة الإرهاب رفعت الأجهزة الأمنية في معظم المحافظات حالة استعدادها ونشرت تعزيزات أمنية وعسكرية خاصة في محيط السفارات الغربية وفي المناطق التي يتردد عليها أمريكيون وأجانب. تضارب في الرواية الرسمية وبدا للسلطات اليمنية أن الهجومين كانا مخططين بعناية من حيث التوقيت ونوع السيارات المستخدمة وطريقة الهجوم ما اعتبره مسؤولون مؤشرا على وجود مخطط كبير وعلى درجة عالية من الخطورة . وفي معلومات أولية أعلنت صنعاء على لسان رئيس الحكومة عبدالقادر باجمال إنها تعرفت على هوية المهاجمين من دون الإفصاح عما إذا كان الهجومان من تنفيذ تنظيم القاعدة أو شبيها بالأحداث الإرهابية التي شهدتها اليمن سابقا لكنها أكدت أن الأجهزة الأمنية ستتصدى بحزم دون هوادة لعناصر الإرهاب والتخريب ومن يقف وراءها لمواجهة تلك الأعمال الإرهابية. وبحسب الرواية الرسمية لوزارة الداخلية فقد وقع الحادث الأول في ميناء الضبة بحضرموت عند الساعة الخامسة والربع صباح الجمعة فيما وقع الثاني بعد نصف ساعة من الحادث الأول في محافظة مأرب حيث تقع مصفاة صافر ووحدة إنتاج الغاز. و استخدم المهاجمون في العمليتين 4 سيارات مفخخة من نوع السيارات المستخدمة في المنشآت النفطية لضمان عدم مواجهة موانع عند اقتحام المنشآت وتدميرها غير أن قوات الأمن أحبطت العمليتين قبل وصول السيارات المفخخة إلى هدفهما ما أدى إلى مقتل المهاجمين الأربعة ومقتل الجندي صالح محمد المخزومي الذي قالت الداخلية اليمنية: إنه استشهد أثناء الهجوم على المنشآت النفطية في ميناء الضبة بحضرموت. وأثارت هجمات الجمعة العديد من الأسئلة عن مدى قوة تنظيم القاعدة في اليمن وحضوره الخفي خاصة وأن الهجمات تزامنت مع الذكرى الخامسة لأحداث سبتمبر . ويعتقد البعض أن عمليتي الهجوم وضعت أجهزة الأمن أمام تحد خطير للغاية كما وضعتها محل انتقادات خاصة وأنها لم تكن تملك أية معلومات أولية عن هجمات محتملة رغم بقاء عدد من أعضاء القاعدة الفارين من سجن المخابرات طلقاء بعد أكثر من 5 أشهر من حادثة الفرار . و يلمح بعض المسؤولين إلى احتمال وقوف عناصر القاعدة الذين فروا من سجن الجهاز المركزي للأمن السياسي (المخابرات) في فبراير الفائت والذين كان من ضمنهم مدانين بحادث الهجوم الانتحاري على المدمرة الأمريكية يو أس أس كول في ميناء عدن بقيادة جمال البدوي والمدانين بتفجير ناقلة النفط الفرنسية ليمبورغ في ميناء ضبة بحضرموت بقيادة فواز الربيعي إلى عناصر المدانة بالتخطيط لمهاجمة السفارات الغربية واغتيال مسؤولين الهجوم على مصالح غربية . وبحسب هؤلاء فقد كان الهدف من الحادث هو توجيه ضربة قاضية للنظام اليمني بشل قدرة اليمن النفطية من جهة ومن جهة ثانية توجيه رسالة للإدارة الأمريكية مفادها أن القاعدة لا تزال قوية وبإمكانها تهديد المصالح الأمريكية في اليمن . وعلى مدى السنوات الماضية تمكنت أجهزة الأمن اليمنية بالتعاون مع المخابرات الأمريكية من تفكيك 90 بالمئة من قدرات تنظيم القاعدة في اليمن منذ أحداث سبتمبر وألقت القبض على العشرات منهم وقدمتهم لمحاكمات صدرت فيها احكاما بالإعدام والسجن للبعض منهم . لكن حادثة فرار 23 من أعضاء القاعدة من سجن المخابرات أعاد اليمن إلى المربع الأول في حربها ضد الإرهاب خاصة وأن العناصر الفارة وصفت بانها من أخطر عناصر القاعدة. وفضلا عن ذلك فأن صنعاء اليوم تبدو في مواجهة جديدة مع خلايا القاعدة قد تعيد الكرة من جديد في الحرب التي بدأتها قبل أربعة أعوام في الحرب على الإرهاب ونجحت خلالها في تفكيك واعتقال 90 بالمئة من تكويناتهم وقياداتها . المصدر/ الاقتصادية