بثت وسائل اعلام رسمية في اليمن امس ان الرئيس علي عبد الله صالح عرض إجراء محادثات مع الانفصاليين الجنوبيين والاستماع لمطالبهم. ويتعرض اليمن لضغوط دولية لتهدئة اضطرابات محلية والتركيز على محاربة تنظيم القاعدة. وجاءت دعوة صالح للحوار بعد اشتباكات متكررة بين القوات الحكومية والانفصاليين في الجنوب خلفت قتلى وجرحى في الجانبين خلال الاسابيع الماضية مع تنامي الاحتجاجات واعتقال السلطات لعشرات النشطين الجنوبيين. واتحد شمال اليمنوجنوبه عام 1990 لكن كثيرين في جنوب البلاد حيث توجد معظم المنشآت النفطية يشكون من هيمنة الشماليين على الموارد، كما يشكون من التمييز ضدهم. وتنامت اعمال العنف في الجنوب خلال الاسابيع القليلة الماضية. وقال صالح في خطاب القاه في الاكاديمية العسكرية العليا 'ندعوهم ان يعودوا الى الرشد والصواب وأن يحكموا العقل والمنطق وأن لا يحاوروا انفسهم بل يحاوروا مختلف أطياف العمل السياسي فالتخريب سهل ومعول التدمير والخراب سهل جدا لكن البناء طوبة طوبة هو الصعب'. وأضاف 'القوى التي تدعى ما يسمى بالحراك وقوى سياسية عليهم ان يأتوا اذا كانت لديهم مطالب لطرحها عبر القنوات السياسية مجلس النواب ومجلس الشورى والمجالس المحلية والمؤتمرات المحلية ومجالس السلطة المحلية ونقول لهم تعالوا حاوروا اخوانكم في السلطة وسنتحاور معكم فنحن نمد يد الحوار بعيدا عن اللجوء للعنف وقطع الطرق وقتل النفس المحرمة ورفع العلم الشطري..أنا متأكد ان الاعلام الشطرية ستحترق في الايام والاسابيع القادمة فلدينا علم واحد استفتينا عليه بارادتنا الحرة واي مطالب سياسية سنرحب بها وتعالوا للحوار'. وتصاعدت الضغوط على اليمن لتركيز جهوده على احتواء القاعدة بعد ان أعلنت الذراع الاقليمية للقاعدة في اليمن المسؤولية عن محاولة فاشلة لتفجير طائرة ركاب في رحلة الى ديترويت بالولاياتالمتحدة في كانون الاول/ديسمبر. وتخشى الدول الغربية والسعودية من ان تستغل القاعدة حالة عدم الاستقرار في اليمن حيث يعيش 42 في المئة من السكان في فقر لتجنيد وتدريب المتشددين لشن هجمات في المنطقة وخارجها. والعرض الذي قدمه صالح للحوار مع الانفصاليين ليس الاول الذي يتقدم به الرئيس اليمني. ويقول دبلوماسيون ان الجهود السابقة للحوار لم يعقبها تحركات ملموسة للتعامل مع شكاوى الجنوبيين من تجاهل صنعاء للمنطقة ومعاملة سكانها بطريقة غير عادلة بما في ذلك النزاعات على الملكية والوظائف والحق في معاشات التقاعد. ويشكو بعض الجنوبيين ايضا من ان علاقات صالح بجارته الكبرى السعودية وهي أكبر مانح لليمن تجعل الرئيس يتغاضى عن تعديات من جانب السنة الذين يتبعون المذهب الوهابي بالمملكة. ووافق اليمن في الشهر الماضي على هدنة مع المتمردين الشيعة في الشمال لانهاء صراع انفصالي انزلقت فيه السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم. ومنذ بدء تلك الهدنة تراجع العنف في الشمال بينما تصاعدت الاشتباكات في الجنوب. وتعاملت قوات الامن بشدة مع احتجاجات الانفصاليين في الاسابيع القليلة الماضية وقتل اثنان على الاقل من المتظاهرين بالرصاص. واثارت الاضطرابات التي اعقبت ذلك حملات امنية ادت الى اعتقال ما بين 150 و200 شخص وفجرت في بعض الاحيان اشتباكات دامية. وقال المحلل اليمني علي سيف حسن عن الحكومة انه يتعين عليها التصعيد قبل ان تبدأ في التفاوض. وأضاف ان هذا هو اسلوبها في انجاز الامور بهدف إظهار قوتها وبعد ذلك تبدأ في التفاوض. لكنه أضاف انه من غير المرجح ان يتوصل الطرفان لأكثر من تهدئة قصيرة في الصراع في المدى المتوسط. وقال انه يعتقد ان هذه الأوضاع ستستمر وقتا طويلا. وقال صالح ان اليمن سيشكل لجانا تتفاوض مع الانفصاليين. ويقول محللون ان الطبيعة المتشرذمة للحركة الجنوبية وافتقارها لقيادة موحدة ستجعل من الصعب إجراء محادثات جادة. وقال محللون انهم يعتقدون ان الحكومة كانت قريبة جدا من التوصل الى هدنة مؤقتة مع زعيم قبلي جنوبي في محافظة أبين لكنهم قالوا ان هذا لا يعني ان التوترات ستتراجع في أجزاء اخرى من الجنوب. وفي نفس الوقت فان سلسلة من الكمائن الاخيرة ضد أهداف أمنية ألقي بالمسؤولية فيها على الانفصاليين أثارت قلقا من ان ما كان حركة احتجاج سلمي في الاساس يحمل امكانية التحول الى حملة مسلحة. وقتل خمسة اشخاص على الاقل في الكمائن. وقالت وسائل اعلام حكومية امس الثلاثاء انه في احداث عنف جديدة شق خمسة مسلحين طريقهم نحو مبنى حكومي وأطلقوا نيران اسلحتهم مما ادى الى مقتل جندي. وألقت بالمسؤولية على الانفصاليين في هذا الهجوم الذي وقع في ساعة متأخرة من يوم الاحد. وفي تطور منفصل حثت منظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس ووتش) على توخي الحذر عند استهداف متشددين لتجنب وقوع اصابات في صفوف المدنيين، مشيرة الى ضربة جوية ضد القاعدة في جنوباليمن في كانون الاول/ديسمبر اعترفت صنعاء في وقت لاحق بأنها ادت الى مقتل أكثر من 42 مدنيا. وتركزت عمليات اليمن ضد القاعدة في العديد من المحافظات الجنوبية حيث تسود المشاعر الانفصالية ضد الحكومة ايضا. وقالت جوان مارينر مديرة منظمة مراقبة حقوق الانسان لشؤون الارهاب ومكافحة الارهاب 'موت مدنيين في عمليات مكافحة الارهاب يمكن ان يصبح له تأثير عكسي بدرجة كبيرة'. وقالت 'تعلمت الولاياتالمتحدة من خلال تجارب صعب ان مثل هذه الوفيات يمكن ان تؤدي الى اغضاب ونفور الناس الذين ما كانوا سيؤيدون تنظيمات مثل القاعدة'.