أثار مشروع قانون حكومي خاص بالإعلام البصري والسمعي جدلا واسعا في اليمن بين الحكومة التي تدافع عنه ومعارضين يرون أنه يضع شروطا تعجيزية على الأحزاب والأشخاص الذين ينوون فتح قنوات فضائية أو إذاعية، أو حتى مواقع إلكترونية. وأرجع وزير الإعلام اليمني حسن أحمد اللوزي انزعاج المعارضة إلى أمرين، "الأول يتعلق بالمادة الواضحة والدقيقة التي تحظر أو تمنع إعطاء تراخيص لتكوينات حزبية أو طائفية أو مذهبية، والثاني أنه يقدم خدمة في استثمار ما هو حق سيادي للدولة مثل موجات التردد الطيفي". واعتبر أن هذا نوع من الاستثمار "مثله مثل الاتصالات التي لابد أن تدفع رسوما معينة عند أخذ تراخيص لإقامة إذاعات متوسطة، كما هو معمول به في كل البلدان". كارثة للحريات وفي انتقاده للمشروع قال النائب الاشتراكي عيدروس النقيب، عضو لجنة الإعلام والثقافة في البرلمان اليمني إن "القانون يمثل كارثة للحريات العامة وحرية التعبير، وحرية تملك الوسائل الإعلامية". وأضاف "يكفي أن من يرغب في افتتاح قناة فضائية عليه دفع ثلاثين مليون ريال كرسوم ترخيص، ومن يطلق موقعا إخباريا عليه دفع عشرين مليونا كرسوم ترخيص يجددها كل سنتين". ولفت إلى أن إحدى مواد هذا المشروع تقول إن "العاملين في قطاع الإعلام السمعي والبصري يتصفون بالصفة القضائية، ويحق لموظفي وزارة الإعلام أن يرسموا السياسة الإعلامية للقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية الجديدة". وقال "إن مشروع القانون جاء ليعبر عن مدى الانزعاج الذي تشعر به السلطات اليمنية من تكنولوجيا الإعلام الجديدة، سواء كانت البث الفضائي والإذاعي أو الإعلام الإلكتروني". ورأى النقيب أن من وضعوا مشروع القانون -الذي لم يصل إلى مجلس النواب حتى الآن- هم أصحاب "عقلية متخلفة شمولية تسلطية لا تعرف شيئا من التكنولوجيا، أعدت لنا قانونا بعقلية الخمسينيات من القرن العشرين، في محاولة لتكميم أفواه الناس ومنعهم من استثمار تكنولوجيا الإعلام والمعلومات المعاصرة، التي أصبحت متوفرة في كل منزل وفي يد كل شخص". وقال إن "البث الفضائي ومواقع الأخبار الإلكترونية لا تحتاج إلى قوانين تنظمها، بل تحتاج إلى أخلاقيات ومواثيق شرف مهنية، وبالتالي على الصحفيين ورجال الإعلام والبرلمانيين التصدي لهذا القانون ورفضه". مآخذ أما وكيل أول نقابة للصحفيين سعيد ثابت فقال للجزيرة نت "إن هذا المشروع كارثي، ويدل على عقلية شمولية ترفض الانفتاح على متغيرات العصر، ومشروع استبدادي دكتاتوري لا يحتمل الحريات الصحفية". ووصف من صاغ القانون بأنه "حاطب ليل، ويمثل قطاعا شموليا داخل الحكومة لم يتحرر من ربقة الماضي الشمولي، ونحن نرفضه وندينه وسنسعى بكل جهودنا لإسقاطه". وأضاف ثابت أن من وضع المشروع "أراد تفريغ دعوة الرئيس علي عبد الله صالح لتحرير وسائل الإعلام من محتواها، وهو يسيء إلى الرئيس وإلى الدولة اليمنية وإلى التجربة الديمقراطية لبلادنا". وأشار إلى أن هناك أيضا كثيرا من المآخذ فيما يتعلق بالرقابة وجعل وزارة الإعلام "كما لو أنها محكمة تفتيش من حقها أن تدخل على القنوات ووسائل الإعلام الخاصة وتفتشها، وأن تحتفظ بأرشيف هذه الوسائل الإعلامية الخاصة، ويمكن أن تستفيد منها القناة الحكومية". وربط ثابت بين توقيت المشروع والانتخابات البرلمانية المقررة في أبريل/نيسان العام المقبل، مشيرا إلى وجود "ضيق من المواقع الإلكترونية الإخبارية المستقلة". وذكر أن هناك "تبرما من الخدمات الإخبارية عبر الرسائل القصيرة، وهناك في السلطة من يريد ضرب هذه المواقع من خلال تقنينها بطريقة يصعب على أي صحفي أن يقوم بعمله المستقل داخلها".