فجعت الأوساط الإعلامية والصحفية " بمشروع قانون الإعلام السمعي والبصري والإلكتروني " الذي تعتزم الحكومة تقديمه إلى البرلمان لإقراره بصورة سرية رغم ما يتضمنه من فرض رسوما بالملايين مقابل خدمات إعلامية، معتبرين المشروع يعطي للعشائرية والنافذين في المجتمع مزيدا من السيطرة على الحياة الإعلامية والسياسية، وأنه مشروع جباية وإعلان حرب غير مسبوقة على الصحافة الإلكترونية وخدمات الموبايل وإنشاء القنوات الفضائية والإذاعية ". مشروع القانون الذي من المقرر أن يحال إلى البرلمان الأسبوع القادم بحسب تصريح وزير الإعلام حسن اللوزي، استثنى الأحزاب السياسية من حق امتلاك قنوات فضائية، مُوجبا على كل من أراد امتلاك المنشأة سداد الرسوم المالية ورسوم ترخيص عملها لمدة عامين تورد إلى حساب خزينة إعلام الدولة، وحددها على النحو التالي (20 مليون ريال رسوم ترخيص إنشاء موقع الكتروني، 10 مليون ريال رسوم ترخيص استخدام جهاز البث الفضائي sng، 15 مليون ريال رسوم ترخيص خدمة الرسائل الإخبارية وبالوسائط المتعددة). نقابة الصحفيين أمس الأحد دعت إلى عقد اجتماع استثنائي للوقوف أمام مشروع القانون متعهدة بالعمل على إسقاطه عبر العديد من الفعاليات الاحتجاجية، وفقاً لتصريحات صحفية لوكيل النقابة الأول سعيد ثابت الذي شن هجوما لاذعا ضد وزارة الإعلام على خلفية تقديمها مشروع القانون لرئاسة الحكومة، واصفا إياه بمشروع قانون تجريم حق تملك وسائل الإعلام، الذي قال إنه عبارة عن قانون جباية بعقلية شمولية لم تستوعب تطورات العصر، مبديا حزنه على الحبر الذي سُفك في صياغته. وقال ثابت في تصريح صحفي إن المشروع الذي صيغ بطريقة سرية، يعد مشروعا كارثيا متخبطا مرفوضا دكتاتوريا قمعيا كُتب بعقلية غير حصيفة مسكونة بالهاجس الأمني والقيود والاشتراطات، مبينا أنه يعيد الأسرة الصحفية في اليمن إلى مرحلة ما قبل القرن الثامن عشر. وأضاف ثابت أن اليمن مطالبة بإيجاد إصلاحات تشريعية في مجال حريات الإعلام "لكن مشروع وزارة الإعلام، للأسف، جاء ليلتف على هذه المطالب ويفرغها من محتواها"، مشيراً إلى أنه يتكون من (77) مادةً، مرفقة بمذكرة إيضاحية نوقشت في 27 مارس "آذار" 2010 في مجلس الوزراء وأحيل للجنة وزارية يرأسها الدكتور رشاد العليمي- نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن. وأوضح أن مشروع القانون، الذي تقدمت به وزارة الإعلام، اشترط عدة اشتراطات على من يريد أن يفتح قناة أو موقع الكتروني في حين أنه لم يعط حقوقا في ذلك، "إذ تنص المادة (53) في رسم الترخيص بالنسبة لمنشاة تلفزيونية ب30 مليون و200 ألف ريالا كل 10 أعوام، في حين حدد رسوم الخدمة الإعلامية عن طريق الهاتف الجوال أو الانترنت لعامين ب20 مليون ريالا، كما حدد رسوم خدمة ال SNG (جهاز البث المباشر) ب10 مليون ريالا". وأشار إلى أن مشروع قانون الإعلام السمعي والبصري والإلكتروني يمثل صدمة للوسط الإعلامي والصحفي، حيث يضع قيودا لا يمكن تخيلها، ويفرض رسوما باهظة، واصفا إياه ب"مشروع جباية أموال". وقال وكيل أول نقابة الصحفيين اليمنيين إن الغريب أن القانون ينص في مادته (51) على إحالة كل الرسوم إلى الخزينة العامة للدولة، في حين أجاز التصرف بأجزاء منها لصالح المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون. داعيا في ختام تصريحه كل الزملاء ومالكي وسائل الإعلام وكل منظمات المجتمع المدني وكافة القوى والبرلمان على أن يصطفوا لإسقاط المشروع الذي تقدمت به وزارة الإعلام، "وهو مرفوض حتى من أن يصل للبرلمان". وفيما شدد النقيب السابق في نقابة الصحفيين اليمنيين محبوب علي على أن يعرض مشروع القانون للمناقشة وإثراءه وألا يقدم بهذا الاستعجال للبرلمان . . قال في تصريح لإخبار اليوم: في تقديري أن يكون مشروع القانون ليفصل بين الصحافة المكتوبة والمرئية،. وأضاف محبوب علي أنه فوجئ بتقديم المشروع على عجل إلى البرلمان قبل مناقشته في الوسط المهني ومؤسسات المجتمع المدني باعتبار أن أصحاب المهنة هم المعنيون أكثر من غيرهم حد قوله. من جهته قال رئيس تحرير صحيفة الأهالي والمسؤول الإعلامي بنقابة الصحفيين سابقا" على الجرادي فيما يخص مضمون مشروع القانون فهو تعبير عن العقلية البدائية التي تدير البلد والتي يعتقد أنه لا يزال بإمكانها أن تضع اليمنيين داخل صندوق مغلق". وأنتقد الجرادي مواقف الأحزاب السياسية في اليمن تجاه إنتهاكات السلطة للحريات. قائلا "أنها تكتفي بالدفاع عن الحريات في البلد بالبيانات لذلك تمكن السلطة باستمرار من الانتقاص منها دائما". وسخر الجرادي من حديث المشروع عن منع الأحزاب من امتلاك قنوات فضائية على غرار ما هو موجود في بريطانيا، مشيرا إلى أن "وسائل الإعلام في هذا البلد محررة من سيطرة الجميع سلطة ومعارضة"، مشيرا إلى أن الأمر في اليمن يختلف حيث أن الحزب الحاكم يمتلك كل شيء ويريد أن يبيح ملكية القنوات التلفزيونية والإذاعية وغيرها للمشايخ والعسكر ورجال المال ويفترض فيهم الرشد على الحياة العامة أكثر مما يفترض الرشد في الأحزاب السياسية التي تمثل مصدر المشروعية السياسية في البلد بموجب الدستور. وأكد الجرادي أن "هذا المشروع يعطي للعشائرية والنافذين في المجتمع مزيدا من السيطرة على الحياة الإعلامية والسياسية ويعيدنا إلى إقطاعيات تخلصت منها البشرية منذ قرون طويلة، معتبرا فرض مبالغ باهظة لإنشاء هذه الوسائل الإعلامية تأكيدا على ما ذهب إليه من أن كبار التجار والنافذين والمشايخ المدعومين داخليا وخارجيا هم من يستطيع امتلاك هذه الوسائل الإعلامية، أما الصحافيين فلا يقدرون على ذلك. إلى ذلك قالت رئيس منظمة صحفيات بلا قيود، توكل عبد السلام كرمان، إن مشروع البث المرئي والمسموع يكشف النزعة الديكتاتورية للنظام الذي يعد العدو الأول لحرية التعبير، ويكشف مزاعمه وعدم جديته في الإصلاح السياسي والمطالبات بتوسيع الهامش الديمقراطي. وأكدت رئيسة صحفيات منظمة بلا قيود أن حرية التعبير هي المقدمة الأولى للديمقراطية، داعية جميع الأحزاب السياسية والصحفيين والمهتمين باستقرار اليمن إلى النضال من أجل انتزاع حرية التعبير كاملة مطلقة بغير حدود، واسعة بغير سقف، ومن العبث الحديث بدونها عن إي إصلاحات سياسية.