طالب حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن أمس، أحزاب المعارضة المنضوية في إطار تكتل “اللقاء المشترك” ب”التعاطي الايجابي مع مبادرة الرئيس علي عبد الله صالح بإجراء حوار وطني موسع وغير مشروط يسهم في إنهاء الاحتقان السياسي في البلاد” . واعتبر رئيس الدائرة الإعلامية في حزب المؤتمر الحاكم طارق الشامي في تصريح ل”الخليج” أن “المبادرة الرئاسية الأخيرة تضمنت تلبية لكافة طلبات أحزاب المعارضة الرئيسية كونها أقرت بحوار شامل غير مشروط لا يستثني أحداً ويرتكز على بنود اتفاق فبراير” . وأعرب الشامي عن تفاؤل الأطر القيادية في الحزب الحاكم ب “التقاط أحزاب المعارضة للمبادرة الرئاسية والتعامل الإيجابي مع مضمونها”، مشيراً إلى أنه “في حال بادرت أحزاب المعارضة لتلبية الدعوة المفتوحة للحوار فسيتم بالضرورة التوقيع على المحضر الثابت المتفق عليه بين حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المشترك المعارض” . من جهتها، قررت المعارضة اليمنية إعطاء نفسها مهلة إضافية لدرس المبادرة التي أعلنها صالح، إلا أن مصادر مقربة أوضحت ل”الخليج” أن حالة من عدم الثقة بجدية المبادرة قد تجعل المعارضة تتخذ قراراً برفضها أو على الأقل عدم التجاوب معها إذا لم تكن هناك آليات حقيقية لتنفيذها على أرض الواقع ومن أبرزها إطلاق سراح المعتقلين من دون استثناء ورفع الحصار العسكري عن مناطق الجنوب وتغيير لغة الخطاب الهجومي على المعارضة . وكانت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التي تضم أحزاباً في المعارضة، وشخصيات سياسية ومنظمات مجتمع مدني استبقت موقف المعارضة الرسمي ببيان طالبت فيه بحوار وطني لا يستثني أحداً، وأن يكون تحت رعاية إقليمية وعربية ودولية . ودعت اللجنة السلطة إلى “الاعتذار للشعب وتقديم التنازلات اللازمة لأجل الوطن بدلاً من المضي قدما في استقوائها بالجيش والأمن اللذين تثق كل الثقة في أنهما لن يكونا ضد أبناء وطنهما مهما حاولت السلطة استعداءهما على إخوانهما” . من جهته، هاجم رئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس مبادرة صالح، ووصفها بأنها عبارة عن “تكتيك يحاول من خلاله الرئيس صالح تفكيك المعارضة في الداخل”، وقال إن صالح لم يعترف بوجود أزمة في الجنوب، ولهذا فإن أية مبادرة تخرج عن الاعتراف بوجود أزمة في الوحدة لن يكتب لها النجاح . وأعلن العطاس رفضه لمشروع “فك الارتباط” والانفصال، مشيراً إلى أن “هناك طرقاً كثيرة لمعالجة القضية الجنوبية ممكن أن تحقق الهدف بعيداً عن فك الارتباط أو الانفصال”، لكنه قال إن “على الحراك الجنوبي والمشترك توحيد النضال السلمي لإسقاط السلطة التي لم تعد قادرة على تقديم أي شيء وإنما تدفع بانهيار البلاد والعباد بشكل كامل” . في غضون ذلك، أعلن محافظ تعز خالد حمود الصوفي أن صالح أصدر عفواً عن جميع الصحافيين الذين لديهم قضايا منظورة أمام القضاء، لكنه اشترط أن “يكرس الصحافيون أقلامهم لصالح اليمن ووحدته” . ورحب الأمين العام المساعد لحزب اتحاد القوى الشعبية ذو التوجه الإسلامي محمد عبد الملك المتوكل بمبادرة صالح إطلاق سراح جميع المعتقلين على ذمة حرب صعدة، وأتباع الحراك الجنوبي . ونقل موقع “نيوز يمن” المستقل عنه قوله “إن أمر صالح بإطلاق المحتجزين مرتبط بمدى تنفيذه على أرض الواقع لأن الناس أصبحوا يشكون في كل شيء” . ورحب بدعوة صالح لحوار وطني شامل، واعتبر حصر الحوار بالأحزاب الممثلة في البرلمان “أمراً غير منطقي” . وقال المتحدث باسم الحوثي إن مبادرة صالح للإفراج عن معتقلي الحوثي ستساهم، إذا ما تحققت، في تثبيت السلام في صعدة (شمال) وفي إغلاق ملف الحرب بشكل نهائي . وقال محمد عبد السلام في اتصال مع وكالة فرانس برس “نرحب بما جاء في خطاب الأخ رئيس الجمهورية بالنسبة للتوجيه بالإفراج عن جميع المعتقلين” . وذكر أن المعتقلين على ذمة الأحداث في صعدة هم حوالي ألف شخص بعضهم معتقل منذ الحرب الأولى عام 2004 . ميدانياً، استمر التوتر في المناطق الجنوبية، حيث منعت قوات الأمن المنتشرة في مدينة عزان بمحافظة شبوة التجول وأقامت ثلاث نقاط أمنية عند مداخل المدينة بحثاً عن مطلوبين ومحاولة لمنع أنصار الحراك الجنوبي من إقامة مهرجان لهم . وتجددت الاشتباكات المسلحة ليلا بين الأمن وعناصر من الحراك تمكنت من التسلل إلى عزان، وقالت مصادر محلية إن مجاميع مسلحة هاجمت نقطة الرحيل التي تبعد 5 كيلومترات عن مدينة عزان، كما هاجمت مجموعة مسلحة أخرى نقطتين أمنيتين عند مدخل المدينة واستولت على طقم عسكري . في الأثناء، حذر الشيخ طارق الفضلي أحد زعامات الحراك الجنوبي من تحول ما سماه “شعب الجنوب” إلى كتائب مسلحة لمقاومة السلطة، داعيا المجتمع الدولي إلى التدخل، وقال بيان صادر عن الفضلي بمناسبة ما سماه الذكرى “ال16 لفك الارتباط” الهيئات الدولية ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية إلى التدخل لوقف “جرائم الإبادة الجماعية التي تمارسها السلطة” .