أفاد محللون عسكريون أن صفقة التسلح الضخمة التي تنوي السعودية ابرامها مع الولاياتالمتحدة تهدف الى تعزيز التفوق الجوي للمملكة إزاء ايران، فضلاً عن سد بعض الثغرات الدفاعية التي ظهرت خلال حرب القوات السعودية مع المتمردين الزيديين على الحدود مع اليمن. وبموجب الصفقة التي تبلغ قيمتها 60 مليار دولار على عشر سنوات، سيسمح للسعوديين بشراء 84 مقاتلة جديدة من طراز "اف 15"، فضلاً عن تحديث 70 مقاتلة أخرى من الطراز نفسه تملكها السعودية، إضافة إلى شراء 178 مروحية هجومية وعدد من الصواريخ المتنوعة. وبحسب المحللين، تمنح هذه الصفقة السعودية تقدماً حاسماً تجاه إيران وباقي دول المنطقة، باستثناء إسرائيل. وقال خبير سعودي في مجال الدفاع إن الصفقة، التي كشف عنها مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية الإثنين الماضي، "ستمثل نقلة نوعية في قدرات السعودية العسكرية"، مع العلم انه يمكن أن تضاف إلى هذه الصفقة صفقة أخرى تشمل شراء عدد من السفن الحربية وأنظمة الدفاع الصاروخية بقيمة تتراوح بين 24 و27 مليار دولار. وأكّد الخبير السعودي أنها "صفقة ضخمة جداً لإننا بكل بساطة بحاجة إلى اجراء عملية تحديث شاملة لقواتنا المسلحة". وتشمل الصفقة المنتظرة التي يجب أن تحصل على موافقة الكونغرس الأميركي، 70 مروحية آباتشي و72 مروحية "بلاك هوك" و36 مروحية "ليتل بيرد" ونظام "اتش.ايه.ار.ام" للرادارات المضادة للصواريخ، وقنابل "جي.دي.ايه.ام" الذكية، إضافة إلى صواريخ "هيل فاير" وخوذ متطورة جداً لطياري المقاتلات. ويرى المحللون العسكريون أن هدف هذه الصفقة هو تكريس تفوق عسكري نوعي للسعوديين مقابل جيرانهم، بما في ذلك مقابل حلفائهم العرب. وقال الخبير السعودي الذي لم يكشف عن إسمه، "نحتاج إلى ضمان أمننا وأمن حلفائنا". ولعل أكثر ما يقلق السعودية في المجال الدفاعي هو برامج إيران لصناعة صواريخ دقيقة وطويلة المدى، مع امكانية حصول الجمهورية الإسلامية على السلاح النووي. وتشتبه الولاياتالمتحدة وإسرائيل ودول غربية أخرى بأن إيران تستخدم برنامجها النووي المدني غطاء لبرنامج تسلح نووي، الأمر الذي تنفيه طهران. إلا أن تفوق السعودية الجوي موجود أصلاً بفضل مقاتلات "أف 15" السبعين التي تنوي المملكة تحديثها، إلى جانب حوالي 80 مقاتلة "تورنادو" الاوروبية تملكها، و72 مقاتلة "تايفون يوروفايتر" تتسلمها حالياً تدريجياً، وذلك بحسب تيودور كاراسيك، المحلل في معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري. وقال كاراسيك "إن الطيران الإيراني لا يتمتع بقدرات كبيرة. أنا أعتقد أن السعوديين أو الإماراتيين يمكنهم القضاء على هذا الطيران بسرعة". وأي نزاع مسلح مع إيران سيشكل خطراً على المنشآت النفطية السعودية، وصفقة التسلح المنتظرة ستعزز قدرات المملكة الدفاعية، فضلاً عن قدراتها على شن هجمات مضادة. وقال كاراسيكك إن "الصفقة تهدف أيضاً إلى سد بعض الثغرات الدفاعية التي تبينت خلال حرب القوات السعودية مع المتمردين الحوثيين الزيديين، على الحدود مع اليمن نهاية العام 2009 وبداية العام 2010". وبالرغم من تفوق كبير بالقدرات العسكرية، خسرت المملكة 109 رجال في هذه المعارك، التي اتخذت طابع حرب العصابات في مناطق جبلية وعرة، واستمرت أكثر بكثير من المتوقع. وأوضح كاراسيك إن "القوات السعودية لم تكن مستعدة لهذا النوع من الحروب. لقد عانت كما عانت القوات السوفياتية في أفغانستان". وبحسب المحلل، فإن تزويد القوات السعودية بالمروحيات الهجومية وبالقنابل الذكية وبتقنيات متطورة للرؤية الليلية، سيعزز قدراتها في سيناريوهات مشابهة للحرب مع الحوثيين. وذكر محلل عسكري آخر، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن السعوديين "أرادوا الحصول أيضاً على طائرات من دون طيار قادرة على حمل صواريخ شبيهة بطائرات "بريداتور" التي تستخدمها القوات الأميركية في افغانستان"، إلا أن من غير المرجح بحسب الخبير أن يحصلوا عليها. وتعود جذور هذه الصفقة إلى عهد الرئيس الاميركي السابق، جورج بوش الإبن، الذي وضع عام 2007 الأسس لصفقات تسلح ضخمة لحلفاء أميركا في الخليج، وذلك لمواجهة تنامي النفوذ الإيراني ولتعزيز الروابط بين واشنطن والخليجيين. وقال الخبير العسكري السعودي إن "هذه الصفقة تتوج 15 سنة من التعاون العسكري الوثيق" مع واشنطن.