يتميز مشوارها الإعلامي بالخبرة والثراء، نتيجة تنقلها بين كافة فروع الإعلام من المطبوع إلى المسموع الى المرئي، بدءا من صحيفة العالم اليوم، ومرورا بإذاعة وتليفزيون ال بي بي سي. ورغم ان ظهورها على شاشة قناة الجزيرة الإخبارية لم يتجاوز الشهر،فإنها استطاعت خلال تلك الفترة وبهدوئها المعهود أن توجد لها مكانها المرموق بين الكبار. ويرجع ذلك لما تتميز به المذيعة المصرية الشابة نوران سلام من المهنية العالية، والبساطة، والالتزام، نتيجة إيمانها الشديد بسمو عملها، وإعدادها الجيد لكل ما تقدمه على الشاشة. ولا تكتفي المذيعة الشابة بذلك، بل تتطلع الى تقديم كل برامج الجزيرة التي طالما ارتبطت بمشاهدتها، ولكن في الوقت المناسب إلى جانب سلسلة لقاءات مع زعماء العالم. الإعلامية لبنى الشعلان الصحفية بصحيفة الشرق القطرية تلتقي المذيعة المصرية نوران سلام في أول حوار صحفي عقب انضمامها لقناة الجزيرة الإخبارية بعد استقالتها من تليفزيون ال بي بي سي، لتتعرف على شخصيتها عن قرب، وتجربتها الجديدة، وآرائها في العديد من القضايا الإعلامية.. فكان الحوار التالي: *عرفينا بنفسك أكثر؟ - أنا حاصلة على ليسانس ألسن من جامعة عين شمس المصرية وتخصصي الانجليزية بشقيها اللغوي والأدبي، كما كانت الفرنسية تخصصي الثانوي، أما الايطالية فدرستها خارج الجامعة ولكن في اثناء الدراسة الجامعية. وبلغت إجادتي لها درجة تفوق إجادتي للفرنسية بكثير. كان المدرس الذي يعلمنا في المعهد الايطالي يقول نوران تفاجئني بطلاقتها في الايطالية التي لا تتاح إلا لمن عاش في روما وتعامل مع ساكنيها في الشوارع والأزقة. *ومن أين اتتك هذه المعرفة الجيدة بالايطالية إذن؟ - هو مثال عملي على صحة النظرية القائلة إن من يحب شيئا يجيده وأنا لم أكن أحب الفرنسية كثيرا لكن اختيارها جاء منطقيا لان درجاتي بها كانت عالية في المدرسة. بالصدفة كان كثير ممن صادقتهم في الجامعة يدرسون الايطالية وكانت إدارة الجامعة ترسلهم في بعثات لروما طوال أشهر الصيف لتفوقهم وكانوا بالتالي معتادين على التحدث معا بالايطالية وهكذا اكتسبتها وأثرت اندهاش أستاذي! *متى بدأ مشوارك الإعلامي.. وما أهم المحطات التي مررت بها؟ - البداية كانت أثناء دراستي الجامعية، حيث كنت في شهور الصيف أتدرب في صحيفة العالم اليوم وهي صحيفة اقتصادية يومية. بالمناسبة كثيرون عملوا في العالم اليوم والى اليوم قد أقابل زميلا أو زميلة في مكان إعلامي ثم يتبين لكلينا أننا عملنا معا في العالم اليوم. أما المحطات فكثيرة ولكن أهمها على الإطلاق ال بي بي سي التي انتقلت بفضلها من الصحافة المطبوعة إلى المسموعة وفي ما بعد المرئية. من المحطات المهمة أيضا ولو أنني لم اعمل بها في النهاية الأممالمتحدة التي نجحت في اختبارها وجاء ترتيبي التاسعة من بين من اجتازوا الامتحان في العالم. عقد الامتحان في القاهرة وبيروت وجنيف في نفس الوقت. وسعدت جدا بأنني سأحقق حلمي في الحياة في أميركا من خلال العمل في نيويورك في مقر الجمعية العامة. لكن المفارقة أن الأممالمتحدة لم ترسل لي للانتقال إلى نيويورك إلا بعد أن طال انتظاري وقبلت الانتقال الى ال بي بي سي في لندن. والعاصمة البريطانية مدينة لم أفكر يوما أن أعيش بها وكانت مرتبطة في ذهني بالسياحة والشوبينج وربما الملكة والأميرة ديانا! طبعا الأمر اختلف الآن والمقربون مني يعرفون كم اشعر بالحنين إلى بريطانيا منذ غادرتها. *ما الذي حدث إذن مع الأممالمتحدة؟ - عندما اتصلوا بي من نيويورك بعد أسابيع قليلة من وصولي للندن شعرت بأن الانتقال أول مرة من القاهرةللندن كان صعبا بما فيه الكفاية واستخرت الله وانتهيت إلى أن الخيرة في ما اختاره الله لي. *وما أهم الأعمال الناجحة في كل محطة؟ - في وكالة الأنباء الألمانية بدأت لأول مرة في تحرير مقالات بنفسي بعد أن كنت في السابق اكتفي بالترجمة وكتبت أكثر من مقال عن الموضوعات التي تهمني كموضوعات نقدية عن الأدب الأمريكي من خلال عرض لأعمال ستيفن كينج وبالإضافة إلى موضوعات علمية عن الجينوم البشري. *من الواضح انك تفضلين التنقل ما بين فروع الإعلام المختلفة من صحافة مطبوعة، وإذاعة، وتليفزيون على عكس من يركزون على التخصص بأحد الفروع.. بماذا تردين على هؤلاء؟ - لا بأس في التخصص في نهاية المطاف في مجال واحد ولكن الأفضل أن يسبق هذا تنوع يثري التجربة الإعلامية ويكمل الصورة، أنا بالمناسبة لم أتنقل فقط من الصحافة المطبوعة للمسموعة للمرئية بل في كل مجال من هذه عملت في كل المواقع. مثلا في البداية عملت كمحررة أخبار ومترجمة ومراسلة صحفية في وقت واحد. ثم في الإذاعة عملت كمحررة نشرة ومخرجة أستوديو ورئيس تحرير ومقدمة برامج إخبارية. أنا اعتز كثيرا بكل موقع عملت فيه. في عالمنا اليوم أغلب نجوم الصف الأول في التلفزيون مثلا أتوا من خلفيات صحفية كحمدي قنديل وتشارلي بروكر وليز دوسيت وغيرهم. * في بداية مشوارك بالجزيرة.. ما الفرق بينها وبين المحطات المختلفة التي مررت بها من قبل؟ - الوقت لا يزال مبكرا لا تعرف على الفرق من الداخل في نظام العمل مثلا فلم يمض على التحاقي بالجزيرة سوى شهر واحد. لكنها بطبيعة الحال مؤسسة ضخمة ومما شهدته حتى الآن يمكن أن أقول أنها على أعلى درجات التنظيم. * بحكم عملك السابق في قناة غربية ناطقة بالعربية.. ما رأيك في ظاهرة إطلاق الدول الغربية لقنوات عربية؟ - هي ظاهرة ليست بجديدة، فالبريطانيون اهتموا بالعالم العربي منذ أكثر من سبعين عاما عندما أطلقوا البث العربي الإذاعي عام ثمانية وثلاثين. إطلاق الفضائيات التلفزيونية الآن هو مجرد مواكبة لعصر التلفزيون. عندما كنا نعمل في ال بي بي سي العربية كنا نتندر بان أول خمسة أخبار في نشرات الأقسام الأخرى من ال بي بي سي أي في الخدمة الاسبانية مثلا أو الصينية او الفرنسية غالبا تكون أخبارا عربية. إذا تابعت أية محطة أخبار في العالم عدا طبعا المحطات المحلية الطابع فستجدين نفس الظاهرة. العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي دائما في بؤرة الأحداث. الملفات الأهم إخباريا اليوم وأمس وغدا هي الصراع العربي - الإسرائيلي، العراق، السودان، لبنان، أفغانستان، إيران. لذلك كان من الذكاء أن تسعى الدول الغربية لمخاطبة من يقطنون هذه البلدان بلغتهم وبثقافتهم. *هل ترين أن تلك القنوات تركت أثرا أو سدت فراغا في الساحة الإعلامية العربية؟ - المشاهد أو المستمع العربي يعرف ما يريده من كل مصدر إخباري. إذا أرادت قناة قريبة من قضاياك بمعالجة تتوغل في تفاصيل التفاصيل فعلى الأرجح ستختار الجزيرة. أما إذا أرادت متابعة من منظور غربي لنفس هذه القضايا فربما تلجأ لل بي بي سي أو الحرة أو فرانس 24 إلخ. ستكون في هذه الحالة مدركا أن هذه محطة غربية وأنها تعالج الخبر من منظور غربي. لكن على الأغلب لن يفعل هذا إلا النخبة ممن يعتبرون أن متابعتهم للأحداث لا يجب أن تقتصر على مصدر واحد. *وهل ترين أن تلك القنوات حققت تأثيرات متبادلة بين الشعوب العربية والغربية؟ - للأسف، لا اعتقد ذلك. المسافة بين الثقافتين لا تزال موجودة. على كل الكلمة الأخيرة هي لنسب المشاهدة. إذا كانت نسب المشاهدة للمحطات الغربية متدنية فقد يرجع هذا لأكثر من عامل مثلا ضعف التسويق، ولكن قد يكون من بين العوامل أيضا أزمة في ثقة المشاهد بالمحطة. * لو انتقلنا للحديث حول صورة العرب في الإعلام الغربي.. هل ترين انها ما زالت كالسابق من حيث السلبية؟ - صورة العرب في الأغلب الأهم هي سيئة في الإعلام الغربي اليميني وهو الأوسع انتشارا والأكثر شعبية لدى رجل الشارع العادي. يعني لن تجد سائق شاحنة في لندن يقرأ غير جريدة الصن مثلا. طبعا التعميم هنا لمجرد توضيح النقطة فهناك مثقفون يتقصون وجهة النظر الأخرى في كل الفئات. * وبرأيك ما الدور الواجب على العرب القيام به في هذه الفترة لتكوين رأي عام غربي ايجابي تجاههم؟ - بالمناسبة هذه الصورة السلبية ليست دائما متعمدة. وأفضل لفظ يوضح ما أريد أن أقول هو لفظ (الاستسهال). فالصحفي البريطاني يقولب العرب في صورة الإرهابي أو الفظ أو، أو لان هذا هو النمط الشائع. أما أفضل طريقة لمحاربة هذا هو محاولة مخاطبة الغرب بلغتهم. خير مثال على هذا هو إطلاق الجزيرة الانجليزية. فمنذ أن أتيحت هذه القناة للمشاهد البريطاني العادي مجانا عبر خدمة (فري فيو) ارتفعت نسبة مشاهدتها واتصل بي بريطانيون كثر يعربون عن استغرابهم للمستوى العالي من التغطية الصحفية الذي على ما يبدو لم يكونوا يتوقعونه! * ولكن ما المطلوب من الجزيرة الانجليزية تقديمه خلال المرحلة القادمة لتنافس القنوات الغربية الكبرى؟ - في رأيي - وأنا مدمنة لمشاهدتها بالمناسبة - مطلوب منها أن تكون أكثر شبابية فالغرب مفتون بالشباب ويتحرك إعلامه في هذا الاتجاه كل سنة أكثر من سابقتها. بأفكار أكثر جنونا ومخاطبة لجمهور أصغر سنا سترسخ الجزيرة الانجليزية أقدامها في فضاء الأعلام الإخباري في الغرب. * بشكل عام ما ردود الفعل الغربية تجاه شبكة الجزيرة بشكل عام؟ - الجزيرة اسم يعلمه رجل الشارع العادي في الغرب وهذا انجاز في حد ذاته. في ألفين وخمسة كان شعار الجزيرة خامس شعار على مستوى العالم في قائمة الشعارات المعروفة لدى الرجل العادي. سبقتها في القائمة أسماء ضخمة كأي بود وستاربكس وأيكيا. إذن فالجميع يعرفون ما تعني كلمة الجزيرة وهي - القناة - بهذا وضعت العالم العربي كله على خريطة جديدة لم يكن له موطئ قدم فيها. أما ردود الفعل فتختلف باختلاف درجة الثقافة والتعليم والتسامح أيضا. يعني شخص مثقف أو يريد معرفة وجهة نظر (الآخر) بالتأكيد سيكون لديه أفق واسع للتفكير في الجزيرة كمصدر موثوق أو على الأقل سيمنح هذا المصدر فرصة اختبار. وعلى الجانب الآخر هناك من يرفض أصلا مجرد منح هذه الفرصة. * وهل من برامج معينة تتمنين تقديمها على شاشة الجزيرة خلال الفترة القادمة؟ - كل برامج الجزيرة التي ارتبطت بها كمشاهدة على مدى الأعوام أتمنى أن أقدمها في الوقت المناسب. وعلى فكرة تقديم نشرة الأخبار في رأيي المتواضع هو رسالة سامية. مسألة (إخبار) الناس بكسر الألف هو أمر أؤمن به إيمانا مطلقا. لم يحدث مرة أن قدمت نشرة أخبار وشعرت بأنه شيء عادي أو روتيني رغم أنني أفعل هذا من عشرة أعوام. ففي كل مرة أكون مدركة أن هناك من يسمع هذا الخبر لأول مرة وأنه خبر يمس حياته بشكل ما. من طموحاتي في الجزيرة أن أقدم سلسلة لقاءات مع زعماء العالم. * في رحلتك مع الأخبار قدمت الكثير من التغطيات الخاصة لأحداث مهمة كالحرب على العراق، وحرب إسرائيل وحزب الله.. كيف تعدين نفسك لهذا النوع من العمل؟ - الإعداد متنوع ولكن لو طلب مني أن احدد أمرا واحدا فسيكون بالتأكيد الوقت. أنا أفضل أن آتي للعمل قبل الموعد لأقرأ واقرأ. وحتى في الظروف الاستثنائية التي لا يتاح فيها وقت للإعداد يساعدني مخزون قراءاتي السابقة أن استفيد من المخزون الذهني لدي. مثلا في لندن كنت اخصص رحلتي إلى العمل في القطار لقراءة الغارديان. وكنت اشعر بالضيق لو وصل القطار مبكرا عن موعده بدقائق لأنني اعلم أنها فرصة قد لا تعوض بسهولة في بقية اليوم. هنا في الدوحة نفس الشيء مع اختلاف أسلوب الحياة. أتوجه للعمل الآن بالسيارة وبدلا من القراءة استمع للجزيرة وال بي بي سي على الراديو. استغلال الوقت لأقصى حد أمر في منتهى الأهمية. * يبدو انك تتابعين الأخبار بكثرة؟ - لا أبالغ لو قلت أنني فعلا مدمنة أخبار. ففي وقت فراغي ليس غريبا أن تكون مواقع الغارديان وسكاي نيوز والجزيرة وال بي بي سي مفتوحة كلها أمامي على اللابتوب أتنقل من واحد لآخر في نفس الوقت الذي استرق فيه النظر على شاشة التلفزيون التي أيضا تكون مفتوحة على قناة أخبار، بل إنني كثيرا ما أصل إلى غرفة المعيشة وكلي تصميم على الخروج من دائرة العمل بمشاهدة فيلم مثلا أو متابعة مسلسل درامي ثم أقول لنفسي. فقط سألقي نظرة على الجزيرة لا أعرف العنوان الرئيسي. وإذا بساعتين أو ثلاث تمضي وأنا جالسة أتابع النشرات على الجزيرة وغيرها. الأخبار بالنسبة لي ليست عملا. هي بالفعل موضوعات شيقة ولو أنني متأكدة أن كثيرين قد لا يوافقون مع ذلك! *ولكن إذا طلبت منك إجابة أكثر تحديدا لسؤالي السابق... كيف تستعدين ليوم من العمل في التلفزيون؟ - بطريقتين: أحاول الحصول على قسط وافر من النوم في الليلة السابقة واحرص على الوصول قبل ظهوري على الشاشة بوقت طويل نسبيا *كم مرة زرت الدوحة من قبل وما رأيك فيها؟ - لم أكن محظوظة بزيارة الدوحة من قبل إلا وقت التعاقد مع الجزيرة وكانت زيارة خاطفة لكنها كانت كافية لإقناعي. فقد وجدت في الدوحة مدينة هادئة وحديثة في نفس الوقت وهذا بات أمرا نادرا. فالتقدم والحداثة مرتبطان بالصخب في أكثر الأحيان. أتمنى أن تظل الدوحة على هدوئها! *من هي الشخصية العامة التي تثير إعجابك؟ - نيلسون مانديلا. هذا الزعيم يجسد معاني كثيرة احترمها كثيرا. يكفي تضحياته من أجل إيمانه بحق مواطنيه في العيش الكريم *وشخصية عامة تثير استياءك؟ - عادة لا أفكر كثيرا فيمن يثيرون الاستياء ولكن المفارقة ان هذا السؤال تطرحينه وأنا كنت قبل أيام قليلة فقط أفكر - ربما بمناسبة انسحاب القوات القتالية الأمريكية من العراق بعد سبع سنوات من الغزو. كنت أفكر قبل يوم أو يومين في أن دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي إبان الغزو من أكثر الساسة الذين اشعر بالغضب كلما فكرت في ما تسبب فيه للمنطقة وأبنائها *احكِي لنا سرا عنك أو أمرا خاصا لا يعلمه كثيرون؟ - عملت كمدرسة لمدة سنة دراسية واحدة وكنت ادرس الأطفال في سن الثامنة والتاسعة. ولدي الكثير والكثير من الذكريات الرائعة عن هذه السنة فضلا عن بضع ذكريات مؤلمة! أهمها حالة الإرهاق المزمن التي لم تفارقني إلا أيام الإجازة!! الله يكون في عون المدرسين والمدرسات!