ثائرة ومناضلة يمنية، استطاعت أن تسطر اسمها في التاريخ بأحرف من نور بعد فوزها بجائزة نوبل في مطلع هذا الشهر ، بالتقاسم مع الرئيسة الليبيرية إلين جونسون سيرليف والناشطة الليبيرية ليما غوبوي، لتصبح رابع شخصية عربية وأول إمرأة عربية تحصل على جائزة نوبل للسلام. إنها"توكل كرمان" .. أحد أبرز المدافعات عن حرية الصحافة وحقوق المرأة وحقوق الإنسان في اليمن، قيادية بارزة في الثورة الشبابية الشعبية وكانت في طليعة الثوار الذين طالبوا بإسقاط نظام علي صالح. ناشطة وكاتبة صحفية ترأس منظمة صحفيات بلا قيود.عرفت بشجاعتها وجرأتها على قول الحق ومناهضة انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي والإداري، ومطالبتها الصارمة بالإصلاحات السياسية في بلدها وكذلك بعملية الإصلاح والتجديد الديني. وصفتها مجلة تايم الأمريكية بأنها أكثر نساء التاريخ ثورية، شاركت في الكثير من البرامج والمؤتمرات الهامة خارج اليمن حول حوار الأديان والإصلاحات السياسية في العالم العربي، وحرية التعبير، ومكافحة الفساد، وهي عضوة فاعلة في كثير من النقابات والمنظمات الحقوقية والصحفية داخل وخارج اليمن. تنحدر كرمان من أسرة ريفية من منطقة مخلاف شرعب في محافظة تعز، وفدت أسرتها مبكرا إلى العاصمة صنعاء تبعاً لعمل والدها السياسي المعروف عبد السلام كرمان، والقيادي الإخواني ووزير الشؤون القانونية الأسبق وعضو مجلس الشورى. تخرجت من جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء عام 1999، وبعدها حصلت على الماجستير في العلوم السياسية ونالت دبلوم عام تربية من جامعة صنعاء، ودبلوم صحافة استقصائية من الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهى عضو مجلس شورى (اللجنة المركزية) لحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يمثل تيار الإخوان المسلمين في اليمن. السيدة الثائرة كتبت كرمان مئات المقالات الصحفية في عديد من الصحف اليمنية والعربية والدولية، كان أهمها ماكتبته في عام 2006، و2007، من دعوة مبكرة لإسقاط نظام صالح، ودعوتها له للخروج من السلطة. وقادت أكثر من 80 اعتصام في 2009 و 2010 ضد إيقاف الصحف للمطالبة بإيقاف المحكمة الاستثنائية المتخصصة بالصحفيين، و5 اعتصامات في 2008 ضد إيقاف صحيفة الوسط، 26 اعتصام في عام 2007 للمطالبة بإطلاق تراخيص الصحف وإعادة خدمات الموبايل الإخبارية. وشاركت في العديد من الاعتصامات والمهرجانات الجماهيرية في الجنوب المنددة بالفساد على رأسها اعتصام ردفان ، كما قامت بإخراج العديد من الأفلام الوثائقية حول حقوق الإنسان والحكم الرشيد في اليمن، منها فيلم «دعوة للحياة» حول ظاهرة الانتحار في اليمن، وفيلم «المشاركة السياسية» للمرأة في اليمن، وفيلم «تهريب الأطفال» ، وساهمت في إعداد تقارير عديدة حول الفساد وحرية التعبير والحريات الصحفية في اليمن ، وشاركت في وضع الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد. وأعدت العديد من أوراق العمل في عديد من الندوات والمؤتمرات داخل الوطن وخارجه حول حقوق المرأة، حرية التعبير، حق الحصول على المعلومة، مكافحة الفساد، تعزيز الحكم الرشيد. وتعد كرمان أول من دعت إلى يوم غضب في 3فبراير المماثل للثورة المصرية في عام 2011 . وكانت قد قادت العديد من الاعتصامات والتظاهرات السلمية التي تنظمها أسبوعياً في ساحة أطلقت عليها ،مع مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان في اليمن، اسم ساحة الحرية - وذلك قبل بداية الثورات العربية - وأضحت ساحة الحرية مكانا يجتمع فيه عديد من الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني والسياسيين، وكثير ممن لديهم مطالب وقضايا حقوقية بشكل أسبوعي. تهديدات ومضايقات على الرغم من تعرضها للعديد من التهديدات والمضايقات والاعتداءات من أجل إثنائها عماتقوم به، إلا أنها لم تعر ذلك اهتماماً ولا زالت تقوم بدروها لتحقيق أهدافها، وفضح الفساد، ومناهضة الاستبداد، لتنل بفضل شجاعتها وإصرارها على الدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة الفساد احترام وثقة الكثيرين من الكتاب والناشطين والنخب الاجتماعية والسياسية في اليمن، وكذا المراقبين والمهتمين إقليميا ودولياً. فقد اعتقلت مساء سبت 23 يناير 2011 من قبل القوات الأمنية، بتهمة إقامة تجمعات ومسيرات غير مرخصة قانونا، والتحريض على ارتكاب أعمال فوضى وشغب وتقويض السلم الاجتماعي العام، وتم الإفراج عنها في 24 من يناير بعد أن أثار القبض عليها موجة احتجاجات جديدة في العاصمة صنعاء. كما أعلنت أنها تلقت تهديداً بالقتل عبر اتصال هاتفي من رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح بأخيها الشاعر طارق كرمان، يطلب منه ضبطها وجعلها رهن الإقامة الجبرية مستشهدا بحديث «من شق عصا الطاعة فاقتلوه». وقد تزايدت التهديدات بعد عملية اغتيال الرئيس اليمني من قبل مجهولين في 3 يونيو 2011، حيث قالت كرمان إنها استلمت رسالة إلكترونية عبر البريد وموقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" في 16 يونيو 2011 من مجموعة تسمى "كتائب الثأر لليمن وللرئيس (علي عبد الله) صالح"، تطالبها بالاعتذار للشعب اليمني و"الاعتراف بالعمالة للولايات المتحدة الأميركية" مقابل إطلاق سراح شقيقها المختطف طارق كرمان منذ أسبوع. وقد تزامن اختطاف أخيها مع عملية اقتحام مجموعات مجهولة لمنزلها في صنعاء، ومن يومها لا تعلم توكل أي أخبار عن شقيقها. امرأة بألف رجل اليمنيون الذين خرجوا ،منذ سماع خبر فوزها بجائزة نوبل، للاحتفال بهذا الشرف عبروا عن إعجابهم واعتزازهم بهذه الجائزة التي تضاف إلى رصيد الشعب اليمني الذي أذهل العالم بسلميته وحكمته، ورفعوا صورة توكل وكتبوا عليها "إمرأة بألف رجل" ولقبوها ب"بلقيس الثانية". ومثلما كان الفرح يعم الساحات والميادين خيم الحزن على نفوس بقايا النظام الذين أدركوا أن الجائزة الممنوحة لتوكل هي إدانة واضحة لهم، تثبت تورطهم في مواجهة السلام بالعنف المفرط الذي يشهد العالم بحصوله كل يوم في مختلف الميادين والساحات الثورية . وبحصول اليمن على هذه الجائزة فإن الأنظار ستتجه حتماً إلى الثورة اليمنية، الأمر الذي سيعجل برحيل النظام من وجهة نظر يمنية بعد أن أدرك العالم أنه الأشد خطراً على السلام الإقليمي والدولي .