يتحدث الدكتور أحمد عبد الواحد الزنداني عن المشهد السياسي اليمني الراهن من مختلف جوانبه حيث يتطرق للنظام الفيدرالي ومدى نجاحه أو فشله في اليمن ودور الإسلاميين في اليمن والعالم العربي في رسم الخارطة المستقبلية للبلدان العربية , كما يتحدث عن الدولة المدنية والجدل المثار حولها , ويتناول كذلك في هذا الحوار الذي أجرته معه صحيفة الوحدة تجارب دولية مهمة لها انعكاساتها على المشهد السياسي اليمني والعربي كالتجربة التركية وولاية الفقيه في إيران وغيرها من القضايا المهمة فإلى تفاصيل الحوار: عبده حسين الأكوع كيف تنظر إلى المشهد السياسي اليمني الراهن، وهل ترى أن الحركة الإصلاحية في العالم العربي - واليمن جزء منه - ما تزال حية ومؤثرة أم أن الجمود الديني والسياسي والفكري جراء الاستقطاب وسيادة التطرف السياسي هو سيد الموقف؟ يطيب لي في البداية أن أشكر لكم اهتمامكم بتقصي آراء المختصين وإتاحة الفرصة لنا من خلال هذا اللقاء، وبالنسبة لسؤالك فالحقيقة أن المشهد السياسي اليمني بالغ التعقيد لتعدد القوى على الساحة اليمنية وتعدد ارتباطات هذه القوى وطموح كلٍ منها اللامحدود في السيطرة على الساحة السياسية بحق وبدون حق وتحولت القوى الظاهرة على الساحة السياسية إلى قوى كل منها يدّعي الوصاية على الشعب اليمني حيث أنها لم تتخذ الخطوات الجادة لإتاحة الفرصة الحقيقية للشعب للتعبير عن رأيه من خلال انتخابات حرة ونزيهة وهذا زاد الأمر تعقيدا وبالطبع أحد أهم الإشكاليات لدى قادة القوى السياسة أنها لا تدرك أن ما أسميته أنت الحركة الإصلاحية في العالم العربي في أوج عنفوانها وهي لن تسمح لتلك القوى التي تتهمها بالتطرف والجمود ...إلخ باستعادة السيطرة مهما حاولت فالمارد خرج من القمقم ولن يستكين حتى يستعيد حريته كاملة. امتحان عسير ماذا عن الإسلام السياسي بتجلياته المختلفة.. وأين موقعه في هذا المشهد؟ وما الذي يريده الإسلاميون أو سيضيفونه إلى هذا الواقع؟ في الإسلام لا يوجد إسلام سياسي وإسلام غير سياسي ارجع إلى أي موسوعة علمية جادة واختر مصطلح الإسلام ثم اقرأ عنه ستجد أن أول شيء يذكره أنه دين التوحيد وأنه لا يفصل بين الدين والسياسة، وربما تقصد بسؤالك الأحزاب السياسية التي تعلن أن مرجعيتها الشريعة الإسلامية وأنها ستحكم بشرع الله إذا وصلت إلى السلطة ....الحقيقة أن هذه الأحزاب أمام امتحان عسير وتحت ضغوط شديدة ومطلوب منها أن تقدم تنازلات لتتمكن من الوصول إلى الحكم وهذا تحديدا ما تقوم به السفارات الأجنبية في اليمن من خلال الإشراف على تنفيذ المبادرة الخليجية وأنا كمتابع غير راض عن أداء هذه الأحزاب واعتقد أنها قد خنعت للإرادة الأجنبية وإذا لم تتدارك نفسها فإنها ستُفضح أمام الرأي العام وستسقط في أول معركة انتخابية إذا لم تزور أو تزيف تلك الانتخابات , أما الإسلاميون الذين سألت عنهم فإن جلهم لا يريدون سوى تحكيم شرع الله هذا ما ميزهم عن غيرهم ليسموا بالإسلاميين فإن غيروا وقدموا التنازلات فحتما سينبذهم الشعب اليمني المسلم ويظهر غيرهم ليقود مسيرة هذا الشعب. الجدل حول الدولة المدنية في ظل الأطروحات المتعددة والآراء المتباينة حول ماهية الدولة المدنية التي نريدها؛ أهي الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية أم الدولة المدنية ذات الأدوات المحايدة أم ماذا؟ هل استطاع جل هؤلاء الدعاة تكييف أطروحاتهم الجديدة مع مضامين فكرة الدولة المدنية وتمثلها ذاتياً في سلوكهم؟ أخي العزيز موضوع الدولة المدنية لا يمكن قراءته وفهمه دون فهم السياق الذي ورد فيه , فلقد روج لهذا المصطلح كبار العلمانيين بمصر منذ قرابة العشرين عاماً وهو التوقيت الذي ظهر فيه النظام العالمي الجديد بعد زوال الاتحاد السوفيتي والذي انتصرت فيه الكتلة الغربية على الكتلة الشرقية وأرادت أن تعمم مبادئها الليبرالية العلمانية على العالم بأسره، ويمكنك الاطلاع على نظرية نهاية التاريخ لفرانسيس فوكوياما لمزيد من الفهم والاستيعاب لهذه النقطة وطالما أن كبار العلمانيين بمصر وفي هذا التوقيت شرعوا يروجون لمصطلح الدولة المدنية ويضعون لها تعريفات إيجابية فكان من الطبيعي جدا أن يحقق في الأمر ويتثبت عن هذا المصطلح الجديد على أدبيات السياسة، بشكل عام إسلاميو مصر وبعد دراسة وتأن وصلوا إلى رأي أنهم يريدون دولة مدنية بمرجعية إسلامية , وهنا ثارت ثائرة علمانيي مصر وبدأ جدل واسع بين الفريقين ولا يزال مستمرا إلى اليوم ألقى بظلاله على العالم العربي بأسره ونسى الجميع ماهية الدولة المدنية وبدأت المعركة بين الفريقين كل يروج لمفاهيمه في السياسة والحكم من خلال هذه المعركة وهذا ما يدور في اليمن اليوم مع فارق جوهري أن عدداً لا بأس به من الإصلاحيين في اليمن متفقين مع الليبراليين في مصر بشأن الآراء الواردة حول معركة الدولة المدنية , وهذا قد يكون نوعاً من الانتصار الذي حققته المفاهيم الليبرالية في وسط إسلامي كما تنبأ بذلك فوكوياما منذ أكثر من عشرين عاما في كتابه الشهير نهاية التاريخ حيث أوضح أن المفاهيم الليبرالية انتصرت في العالم كله ما عدا في العالم الإسلامي والحل أن تتسلل مبادئنا الليبرالية إلى العالم الإسلامي من خلال الترويج لها وتسويقها ودعم مسانديها وهنا نفهم أن ابتكار مصطلح الدولة المدنية ما هو إلا أسلوب لإثارة الجدل واختراق المجتمعات وغزوها بأفكار جديدة.... حول القضية المذهبية كيف تنظر إلى مسألة صعود الطائفية والمذهبية والجهوية في الآونة الأخيرة؟ وهل ما نزال نملك القدرة على كبح جماح هذا الوباء..؟ هذا وباء خطير ومدمر للمجتمعات ولا بد أن نعمل على القضاء عليه من خلال الالتفاف حول ثوابتنا الدينية والوطنية المتمثلة بالشريعة الإسلامية والوحدة الوطنية وعلينا أن نعلم أن من يخالف الثوابت الدينية والوطنية يريد بنا شراً وعلينا أن نوحد سياساتنا ضده لا أن نعمل معه كما هو جار الآن سواء كانت قوى أجنبية تقدم لنا نصائح ملغومة أو شرذمة محلية تسمي نفسها قوى وطنية وهي تعلم جيدا أنه لولا الدعم الأجنبي والتواطؤ والوهن المحلي لما سمح لها شعبنا بالبقاء ساعة واحدة. · حول القاعدة وجماعات العنف بعد أن فقدت القاعدة و«جماعات العنف» الأمل في الوصول إلى السلطة والحكم بعد الانتصار الذي حققه أبناء القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية في أبين وشبوة.. ألا ترى أن هناك أولويات يجب التركيز عليها لحل إشكالية الإرهاب جذرياً غير الحديد والنار؟ وما تقييمك لحجم الخطر الذي تمثله القاعدة في اليمن؟! أولا يجب أن نؤكد أن من حق الدولة بسط سيطرتها على كافة ترابها الوطني، وأن أي فئة تخرج على الدولة وترفع السلاح في وجهها فهي فئة باغية ،والأصل أن يتم الحوار معها ودحض حجتها وإن لم تتراجع فقتالها وإرغامها على العودة إلى الصف الوطني يغدو واجبا على الحكومة والشعب .... ولكن بالنسبة لنا من الواضح أن حكومتنا في معالجتها لهذه الآفة بدأت بالحديد والنار وكما هو معروف أن ذلك الخيار كان أميركياً قبل أن يكون يمنيا بحتا، ولذا أعتقد أنه من الوهم أن نكون قد انتصرنا انتصارا حقيقياً لأننا دخلنا مرحلة التفجيرات المباغتة هنا أو هناك وهذا ما نخشى منه أن يستمر ويتطور لما هو أفظع، وما استطيع قوله هنا هو أننا يجب أن نبحث عن طريق للحوار ومعرفة خبايا هذا التنظيم ومن وراءه لنتمكن من معالجة المسألة بشكل جذري، لأن الأفعال التي تتم بعيدة كل البعد عن ديننا الإسلامي الحنيف، وتبقى نظرية دعم اختراق هذا التنظيم ودفعه إلى ارتكاب أفعال إجرامية لإيجاد مبررات للتدخل الأجنبي في الشؤون اليمنية هي الراجحة عندي ،وهذا خطر كبير على أمن اليمن وسلامته واستقراره. · استعمار غير مباشر كما تعرف دكتور أحمد أن النخب السياسية اليمنية والعقل السياسي يعاني من أزمات مركبة أبسطها وجود أزمة فكر سياسي.. ما تقييمك لهكذا طرح؟ أنا شخصيا لا أؤمن بأن هناك مشكلة في العقل السياسي اليمني أو أزمة فكر سياسي، فاليمنيون على مر التاريخ أهل حكمة وإيمان كما شهد لنا بذلك رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه , وماذا تعني السياسة إن لم تكن منتهاها الحكمة وعمودها الإيمان في فهمنا كمسلمين !! ولكن ما يدور في اليمن هو نتيجة طبيعية من نتائج الاستبداد الذي حكم اليمن المعاصر لأكثر من ثلاثة عقود , واليمن شأنه شأن دول ما يسمى بالعالم الثالث التي تخضع للاستعمار غير المباشر من النظام الدولي الذي تقوده الدول الغربية اليوم وهذا الاهتمام الكبير بشأن الثورات العربية والتدخل السافر كما في الحالة اليمنية ما هو إلاّ بهدف إعادة اليمن والدول العربية إلى دائرة الاستبداد التي تخدم مصالح الدول الكبرى ولذا نحذر النخب السياسية من الإنجرار وراء الاستراتيجيات الغربية فالشعوب اليوم واعية وقدمت وتقدم التضحيات التي ستمكنها في نهاية المطاف من إدارة بلدانها بنفسها بإذن الله..... إصلاح سياسي أليس جديراً بنا أن نحذو حذو التجربة التركية في الإصلاح السياسي والديني خصوصاً أن الإسلاميين هناك يشكلون نموذجاً صالحاً لا سيما كبرى الجماعات الإسلامية المسيسة؟! نحن سعداء جدا بما تقوم به الأحزاب الإسلامية في تركيا لا سيما حزب العدالة والتنمية فهو يأخذ تركيا في رحلة العودة من العلمانية إلى رحاب الإسلام الذي مكّن تركيا من سيادة العالم إبان الدولة العثمانية , أي من مستنقع العلمانية إلى روضة الإسلام بعد أن كانت قد تحولت إلى دولة علمانية بالحديد والنار مطلع القرن المنصرم , ولكن الأتراك بمجرد أن اتيحت لهم الفرصة الحقيقة اختاروا من يرفع شعار الحكمة ليقود سفينتهم إلى بر الأمان مستوعبا كل تعقيدات السياسة التركية في انتشالها من براثن العلمانية بصبر وحكمة وتأن وبالنسبة لنا فبيئتنا ليست كالبيئة التركية فلم نسقط يوما في مستنقع العلمانية ولم نخضع للاستعمار المباشر في معظم أجزاء الوطن من حضرموت إلى صعدة وبالتالي فإن التطبيق الحرفي للنموذج التركي يستدعي منا السقوط في مستنقع العلمانية ثم نعمل بجد طوال قرن من الزمان لنصل إلى ما وصل إليه الأتراك اليوم !!!! هذا لا يعقل .... علينا أن ننطلق من النقطة التي وقفنا عندها، تحررنا اليوم من الاستبداد فعلينا أن نقيم دولتنا التي نريدها نحن لا التي يريدها لنا الآخر، ولذا فإننا بحاجة ماسة للإصلاح السياسي، ولكن الحديث عن إصلاح ديني مضيعة للوقت وهدر للطاقة ونكوص عن الشرع القويم، فشريعتنا الغراء واضحة كالشمس والإصلاح الديني مصطلح أطلقه المصلحون الدينيون في أوروبا في القرون الوسطى قرون الظلام الأوربية بعد أن ثبت لهم أن قساوستهم ورهبانهم اتخذوا من أنفسهم أربابا من دون الله وأنهم حرفوا الدين وادعوا القداسة والعصمة فحاربوا العلم التجريبي وهدموا العقل وأقاموا محاكم التفتيش وراقبوا حتى ضمائر الناس ...وهذا ما يحرمه ديننا الإسلامي تحريماً مطلقاً. انحراف عقدي وماذا بشأن ولاية الفقيه كنموذج إسلامي إيراني في الحكم والسياسة بعد 32 عاماً على قيامها؟ صحيح أن إيران الثورة أعلت من شأن علمائها ولكن مشكلة إيران الحقيقية هي الانحراف العقدي المتمثل بتبني المذهب الجعفري الإثناعشري وهو الذي تحول بالحديد والنار على يد الصفويين إلى مذهب رسمي للدولة وأعادها إلى عصر الكهنوت الذي يحرمه الإسلام , فهو نموذج باطل لا يصلح للتطبيق عند شعب عقيدته صافية وصحيحة بمختلف مذاهبه المعتبرة في اليمن من زيدي وشافعي على حدٍ سواء , ولكن لا يعني هذا أن لا نعلي من شأن العلماء والمجتهدين الثقاة والاعتماد عليهم في تبيين أحكام الشرع الإسلامي للأمة لتتخذ الطريق السوي في قراراتنا السياسية وهذا من وجهة نظري لا يتم إلا عن طريق الانتخابات الحرة والنزيهة التي توصل أهل الحل والعقد إلى مجلس الشعب ليصبحوا سلطة منتخبة من قبل الشعب تمارس مهامها ضمن الإطار السياسي الذي يرتضيه أبناء الشعب، أي نحن بحاجة إلى إعادة النظر في الشروط الواجب توافرها في من يترشح لعضوية مجلس الشعب بحيث تنطبق مع الشروط المتوفرة في من يعدون من أهل الحل والعقد وهم الزعماء المطاعون والعلماء المتبعون الذين ترتضيهم الأمة ويعرفهم الناس بالاستفاضة , وهذا يتطلب تعديلات دستورية يستفتى عليها الشعب في استفتاءات حرة ونزيهة. مصدر قوة وضعف أين تكمن الأزمة والخطر لدينا في اليمن هل في الخلل البنيوي في سياسة الدولة أم في طبيعة البنية القبلية للمجتمع؟! أم في المجال الجيوسياسي الذي يحيط بالبلد؟ أم في كونه أصبح محل أطماع خارجية تبحث عن موطن قدم فيه بعد تحويله إلى حلبة صراع لتصفية حسابات إقليمية؟ لا شك أن لدينا خللا واضحا في إدارة الدولة وعلى رأس هذه الأخطاء عجزنا عن توفير بيئة ملائمة لقيام انتخابات حرة ونزيهة يشارك فيها جميع أبناء الشعب ، فأي بلد تعرض لما تعرضنا له كان يجب أن نعمل أولا على قيام الانتخابات لممثلي الشعب ثم نعد بعدها لحوار وطني عن طريق ممثلي الشعب لحل الأزمات والمشكلات لكن أن نذهب للحوار أولا في رأيي أن كل خمسة أفراد سيطالبون بتمثيلهم في الحوار وأنهم يمثلون الشعب !! وهذا خلل كبير فلقد قدمنا العربة على الحصان بالذهاب إلى الحوار أولا وسينتج عن هذا خلل في بنية الدولة، أما القبيلة فهي مكون أصيل من مكونات الشعب اليمني وهي عامل أمان للشعب في مواجهة الاستبداد كما ثبت في الثورة الشبابية، وإذا أقيمت دولة القانون فالقبيلة ستخضع له راضية لأنها ستحصل على ما تريد عبر القضاء كما أن الدولة ستقوم بالتزاماتها وواجباتها تجاه المواطنين فلا حاجة للتعصب القبلي عندئذ...أما سؤالك عن الموقع الجيوسياسي لليمن فهو مصدر قوة ومصدر ضعف في الوقت ذاته حيث أن الأمر يعتمد على حكمة وحنكة صانع القرار السياسي. · عن مستقبل اليمن ووحدته كيف تنظر إلى مستقبل اليمن ووحدته وتجربته الديمقراطية في ظل الاستقطابات المحلية والإقليمية والدولية وبالتالي إنتاج أزمات مركبة لا تزال تعصف بالبلاد؟! مستقبل البلاد سيعتمد اعتمادا كبيرا على قدرتنا على ترتيب أوضاعنا الداخلية اليوم فإذا استمرت النخب والقيادات السياسية في السير وراء الاستراتيجيات الخارجية وإهمال المتطلبات الداخلية وحقوق الشعب كما هو جارٍ اليوم فالمستقبل يعني العودة إلى الصراع أو العودة إلى قفص الاستبداد من جديد وإن تغيرت وجوه وأسماء الحكام. حول الفيدرالية والانفصال في ظل تعدد الطروح حول الحكم الفيدرالي في اليمن ثمة من يرى ان الفيدرالية صنو الانفصال والبعض يرى أن الفيدرالية بإقليمين في ظل ضعف الدولة المركزية مدخل للانفصال أيضاً، فيما يرى آخرون أن اليمن غير قادرة على استيعاب الفيدرالية كحل بديل لأزمات الدولة البسيطة أو تجاوز إشكالاتها أكثر مما هو حاصل الآن؟! الفيدرالية نظام لترتيب أوضاع البلدان التي تعاني من صراعات إثنية (عرقية، دينية..الخ) أو تلك التي إمكانياتها الديمقراطية والاقتصادية عالية فتختار هذا النظام من باب التطور السياسي أو للدول التي تريد أن تصبح دولة واحدة في إطار نظام فيدرالي وعلى العموم لا يمكن أن ينجح هذا النظام في اليمن إلاّ إذا استقر وضع اليمن السياسي بشكل كامل ثم يختار مجلس الشعب المنتخب بحرية ونزاهة لجنة من الخبراء المتخصصين لإعداد دراسة علمية دقيقة حول إمكانية تطبيق الفيدرالية في اليمن وعلى ضوء تلك الدراسة يقرر ممثلو الشعب هل نذهب إلى الفيدرالية أم لا ...أما الحديث عن فيدرالية في هذه الظروف فهو ما يزيد الطين بلة ويقودنا إلى صراعات دامية مع الأسف. · شمولية الإسلام على صعيد مناقشة جدلية الديني والسياسي أو التمييز بين الديني والسياسي، أو بين المقدس والمدنس.. تشير الدراسات إلى أن الخلاف بين الدين والسياسة خلاف فرعي وليس جوهرياً.. إلى أي مدى يمكن أن يشكل هذا القول مدخلاً لمزيد من التقارب بين الإسلاميين والعلمانيين؟! حقيقة الأمر الإسلام لا يفصل بين الدين والسياسة والحقيقة أيضا أنه لا وجود للعلمانيين في اليمن فالشعب اليمني مجمع على تحكيم شرع الله ولكن هناك دعوات من حفنة ارتبطت مصالحها المادية بالإستراتيجية الغربية التي تقوم بنشر مبادئها الليبرالية في العالم لتحقيق مصالحها ولقد استغلت هذه الحفنة الزخم الإعلامي للآلة الإعلامية الغربية التي أوصلت المبادئ العلمانية الليبرالية إلى كل أرجاء العالم , ولكنها تعتمد على التضليل من أجل تمرير مشاريعها وبمجرد أن تبيّن للناس الحقيقة فالليبرالية تهزم في عقر دارها فما بالك باليمن !! وهنا أتذكر أن صحفياً بريطانياً أجرى معي مقابلة وسألني مستغربا لماذا يؤسلم الناس هنا كل شيء ؟! أي لماذا يبحثون عن سند شرعي لأي شيء يقومون به ويقولون أنه من الإسلام رغم أنه ليس من الإسلام ؟! فقلت له لأن هذا شعب مسلم مقتنع بشريعته فإذا لم يجد سنداً شرعياً لأي قول أو فعل نبذه ....فأدرك الصحفي البريطاني أن الإسلام في اليمن وفي العالم العربي هو الأصل وما غيره زائل لا محالة !!.