بدأت الأحد الماضي عملية تبادل تسلم المواقع الحدودية بين اليمن والمملكة السعودية وذلك بموجب معاهدة الحدود الدولية الموقعة بين البلدين في العام 2000 في مدينة جدة على قاعدة لا ضرر ولا ضرار، كما يحب البلدان القول دائما. فقد عاد إلى سيادة اليمن مطار البديع في المنطقة الشرقية اليمنية ومعسكر وبعض المنشآت العسكرية المجاورة له، ضمن مساحة واسعة ستعاد إلى اليمن تقدر ب 35 ألف كيلو متر مربع. ويقع مطار البديع في منطقة صحراوية نائية تبعد عن اقرب مدينة يمنية وهي مدينة المكلا حوالي 900 كيلومتر. وليست هناك طرق معبدة للوصول إلى ذلك المطار، ويقطع العسكريون اليمنيون المسافة عبر مناطق صحراوية وكثبان رملية لا يستطيع المرور بها سوى العارفين بالطريق جيدا. التعاون الأمني وبدأت اليمن والسعودية في العامين الأخيرين تعاونا امنيا وبالأخص في مجال مكافحة الإرهاب، ابرز ملامح هذا التعاون كان تبادل عدد من المطلوبين امنيا للبلدين، غير أن هذا التعاون ما زال بحسب المراقبين غير ملب لتطلعات البلدين وبالأخص السعودية التي تطرح دائما أن الأسلحة التي يحصل عليها المتشددون الإسلاميون داخل أراضيها تأتي من الأراضي اليمنية وعبر حدود البلدين الطويلة والشاسعة والتي تنتشر على الجانب اليمني منها أسواق معروفة لبيع الأسلحة. كما تمثل تلك الحدود منطقة لتهريب المخدرات وتسلل المئات من اليمنيين الطالبين للعمل إلى الأراضي السعودية أيضا. وقد أدى هذا الوضع إلى نشوب أزمة بين البلدين قبل شهور خصوصا عندما أعلنت سلطات الأمن السعودية أنها عثرت على أسلحة حكومية يمنية مرقمة بأرقام تخص وزارة الدفاع اليمنية بحوزة الإسلاميين المتشديين. غير أن اليمن تقول إن طول الحدود ووعورة بعض المناطق تظل حائلا بينها وبين قدرتها على السيطرة الكاملة على تلك المساحات في ظل شح إمكانياتها وتوجيه معظم ميزانيتها للتنمية. ويقول وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي لالسفير إن عودة هذه المساحة الكبيرة من الأرض لليمن لن تمثل أي إشكالية أمام الأجهزة الأمنية اليمنية في متابعة العناصر الإرهابية أو التهريب أو غيرهما.. المساحة تضاف إلى الأراضي اليمنية والامتداد لن يتأثر كثيرا بالمساحة الجديدة كما الجانب الأمني. ورداً على سؤال حول وجود التزام سعودي بدعم اليمن للتغلب على مشكلاتها الاقتصادية ولتواجه مشكلة الأمن على الحدود، قال إن ذلك لم ينص عليه رسميا في معاهدة الحدود الموقعة لأن القضية لم تكن قضية مقايضة بين اليمن والسعودية، إنما هناك مجلس تنسيق أعلى بين البلدين ينظر في مجالات التعاون والدعم التنموي لليمن من صندوق التنمية السعودي وهذا يأتي في إطار التعاون الثنائي بين اليمن والمملكة. وأكد القربي أن اليمن بكل تأكيد تحتاج إلى دعم الأخوة في مجلس التعاون الخليجي وضمنهم السعودية، وهذا الدعم يتم التفاهم عليه في إطار الحكومتين والأجهزة المختصة فيهما. انفصال... أم اتصال؟ وقال الصحافي محمد الصبري لالسفير انه يعتقد أن القيمة الرئيسية لحدث استعادة الاراضي تكمن في أنه يقع في ظل سخونة رئيسية على جانبي الحدود بين اليمن والسعودية ونتمنى أن يكون خطة ناجحة لتبريد هذه السخونة. ولكن ما هي هذه السخونة؟ يرد بالقول تعرفون أن المنطقة الحدودية بين اليمن والسعودية وبالأخص في صعدة تشهد منطقة مواجهات بين السلطات اليمنية ورجل الدين الحوثي، والمنطقة مهمة جدا بالنسبة لليمن أو السعودية ، وأي مواجهة فيها حتى وان كانت ذات طابع يمني لا شك في أن لها امتدادا نحو الطرف الآخر من الحدود سواء جغرافيا أو سياسيا. كما أننا نعرف أن هذه منطقة ساخنة منذ فترة طويلة مثلا في ما يتعلق بتجارة الأسلحة والمخدرات وموضوع الإرهابيين، وفي ما يتعلق بالنشاط الأمني للبلدين أو للطرف الثالث وهو الولاياتالمتحدة. ويضيف الصبري إن كان هذا الحدث خطة لتبريد سخونة المنطقة أو لإعطاء إشارات للمستقبل بأن البلدين يسيران بخطة وئام على جانبي الحدود، فنحن نتمنى ذلك.. لكن هناك مشكلة أخرى وهي أن الواجب على حكومة صنعاء وحكومة الرياض ألا تنطلقا من موضوع الحدود كفاصل جغرافي ولكن كنقطة اتصال تربط مصالح البلدين. ويقول عبد الله الحضرمي، رئيس تحرير موقع المؤتمر نت، التابع لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن، لالسفير، ان اليمن والسعودية تخلصتا من جزء كبير من مشكلة غياب الثقة المتبادلة، وهي الحدود، لكن بقي شيء مهم أن اليمن حدودها واسعة لكن الإمكانيات اليمنية اقل من الإمكانيات السعودية وهذا يؤثر على قدرتها على حماية تلك الحدود. وبالتالي يتطلب الأمر تفهما من الأخوة في السعودية للوضع اليمني والا يعتقدوا أن اليمن من مصلحتها أن تهرب الأسلحة أو المخدرات، بالعكس تماما فإن ما يسيء للسعودية يسيء لليمن. وأعرب الحضرمي عن اعتقاده أن العلاقات المستقبلية بين اليمن والسعودية مرشحة لمزيد من التعاون.