أفاق اليمنيون أمس، على قرارات رئاسية أطاحت قادة الجيش العسكريين من جنرالات الحرب في النظام السابق والجيش المؤيد للثورة الذين طالما شكلوا مصدر قلق نتيجة انقسام الجيش وعدم خضوع وحداته وتشكيلاته لقيادة واحدة، بعدما قرر الرئيس عبد ربه منصور هادي إرجاء بنود رئيسة في خطة إعادة الهيكلة إلى ما بعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني . ويجمع اليمنيون على أن هذه الخطوة مثلت تحولاً مهماً لبى إلى حد كبير تطلعات الشعب، حيث قلصت القرارات من هيمنة أقرباء الرئيس السابق على مفاصل الجيش وخصومه في الجيش المؤيد للثورة، وقللت من فرص تجدد أي نزاع مسلح، كما هيأت الأجواء للحوار الوطني على أساس متكافئ بين أفرقاء العمل السياسي . واستبق الرئيس هادي قرارات مؤتمر الحوار الذي كان ينتظر أن يقدم المشاركون فيه خطة توافقية تنهي انقسام الجيش وتضع أسساً وآليات وطنية لتوحيده وإخضاعه لقيادة واحدة فأصدر قراراته بعد مشاورات أجراها مع الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية التي سارعت إلى تأييدها، فيما عدها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر خطوة في الاتجاه الصحيح واعتبرها أقطاب المعادلة السياسية رسالة تطمين إلى الشارع اليمني بمضي عجلة التغيير قدماً وإنهاء للقبضة الحديدية لأقرباء الرئيس السابق . وصدر المرسوم الرئاسي في غياب الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي انتقل إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج بناء على طلب من الدول الراعية للمبادرة الخليجية، واستندت القرارات إلى توصيات لجان من الخبراء اليمنيين والعرب والأجانب، عملت على إنهاء لعبة التوازنات ومراكز القوى داخل المؤسسة العسكرية . وحظيت القرارات الرئاسية بترحيب خصوصاً أنها قضت بتعيين قادة عسكريين جدد لأكثر الوحدات العسكرية وخصوصاً التي كانت خاضعة لقادة عسكريين متهمين بالولاء للرئيس السابق علي عبدالله صالح، أو الولاء لمراكز القوى الناشئة بعد ثورة فبراير ،2011 سعياً إلى ضمان توحيد الجيش وبنائه على أسس علمية سليمة ومتطورة وتوجيه قدراته وإمكاناته لحماية الشرعية الدستورية والحفاظ على السيادة والأمن . ورغم صدور القرارات الرئاسية في ظل أجواء ترحيب داخلي وخارجي كبير إلا أن الخبراء العسكريين يؤكدون أن التحديات الباقية تكمن في الخطوات التنفيذية التي ينبغي أن تركز على تحقيق الاندماج الحقيقي للجيش وإنهاء الانقسام من طريق اعتماد خطة تنقلات تضمن تفتيت مراكز القوى الموالية للأطراف السياسية، وأكثر من ذلك الحفاظ على ترسانة هذه المواقع ومنع تسريبها كما حدث في المواقع العسكرية التي خضعت للمرحلة الأولى من خطة هيكلة الجيش التي في حال تكرارها ستشكل تهديداً قوياً خصوصاً في ظل امتلاك بعض الأطراف السياسيين قوات غير نظامية جاهزة لخوض مواجهات في أية لحظة . ويشير الخبراء العسكريين إلى أن ثمة تحديات كبيرة ينبغي إنجازها بصورة سريعة وفي المقدمة إصلاح المؤسسة العسكرية من النواحي الإدارية والمالية وإنهاء ما تعانيه من فساد، وتحديد عقيدة الجيش في تنفيذ مهمات محددة تدعم توجهات الدولة المدنية القوية في الحفاظ على السيادة وبسط السيطرة وتثبيت مقومات الأمن، وتحول دون تغول مراكز القوى وأكثر من ذلك التخلص من الإرث الذي عانته هذه المؤسسة في توجيه إمكاناتها لحماية الأشخاص والأسر والرموز، والذي انعكس بأضرار سلبية على اليمن مدى العقود الماضية .