ترددت أنباء، أمس، عن إقالة عبد الملك الحوثي لرئيس ما تسمى «اللجنة الثورية العليا»، محمد علي الحوثي، من منصبه وتعيين يوسف الفيشي بدلا عنه، ومنذ الإعلان عن هوية الحوثي في ال6 من فبراير (شباط) الحالي وهو يمارس صلاحيات الرئيس رسميا من القصر الجمهوري بصنعاء. ويعتبر محمد علي الحوثي من القادة العسكريين الميدانيين لحركة «أنصار الله» الحوثية، وتشير المعلومات إلى أنه المسؤول الأول عن كل عمليات المداهمة والسيطرة على الوزارات والمؤسسات ونهب أختامها ووثائقها وعمليات تهديد الوزراء التي تعرضوا لها عقب اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء، والفيشي من القيادات الحوثية التي كانت تمارس العمل السياسي تحت ستار بعض الأحزاب الصغيرة في الساحة اليمنية، خلال السنوات الماضية. ويستمر الجدل في اليمن حول إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية، في ضوء الحوار بين القوى والمكونات السياسية، برعاية مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن، جمال بنعمر. وتشير مصادر سياسية يمنية إلى أن حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وافق على توسيع مجلس النواب (البرلمان) الذي حله الحوثيون من 301 عضو إلى 451 عضوا، وتسميته «مجلس النواب الانتقالي»، فيما تطرح بعض القوى تسميته «مجلس الشعب التأسيسي»، وهي التسمية ذاتها للبرلمان في شمال اليمن (الجمهورية العربية اليمنية) منذ أواخر سبعينات القرن الماضي وحتى قيام الوحدة اليمنية بين شطري البلاد الشمالي والجنوبي، في 22 مايو (أيار) عام 1990. في هذه الأثناء، تعرض الحوثيون لنكسة كبيرة، خلال الأيام الماضية، عندما فشلوا في الاجتماع بأعضاء مجلس النواب الذي حلوه مطلع الشهر الحالي وفقا للإعلان الدستوري الذي أصدروه. فقد امتنعت الكتل النيابية، على مدى يومين، عن تلبية دعوة الحوثيين لحضور النواب إلى القصر الجمهوري للتشاور حول الأوضاع الراهنة في البلاد. وفي تطورات أمنية أخرى، شهدت العاصمة اليمنيةصنعاء، أمس، مظاهرات غاضبة لشباب «ثورة 11 فبراير 2011»، المحتجين ضد انقلاب الحوثيين على السلطة في اليمن، في الوقت الذي أصيب فيه عدد من الأجانب في انفجار عبوة ناسفة في جنوبصنعاء، في حين نفى قائد القوات الجوية نقل ثلاث طائرات عسكرية إلى محافظة صعدة. وقال شهود عيان في صنعاء، ل«الشرق الأوسط»، إن ميليشيا الحوثيين استخدمت الرصاص الحي والدهس بالسيارات لتفريق متظاهرين في شارعي «بغداد» و« و«جولة كنتاكي» بوسط العاصمة، وأشارت مصادر محلية إلى سقوط العديد من الجرحى في صفوف المتظاهرين وإلى اختطاف عدد آخر منهم من قبل المسلحين الحوثيين واقتيادهم إلى جهات غير معلومة. وطالب المحتجون في صنعاء جماعة الحوثي ب«سحب جحافلها الغازية من العاصمة صنعاءوالمحافظات والخروج من مؤسسات الدولة وإعادة المنهوبات وتسليم الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها». في الوقت الذي شهدت فيه محافظة الحديدة، غرب البلاد، مظاهرات ومسيرات لمواطنين رافضين لاستخدام ميناء الحديدة لتوريد الأسلحة للحوثيين، بصورة رسمية، وفي إحدى المظاهرات بالحديدة وتحديدا في مديرية باجل، على طريق صنعاء، قتل شخص وجرح آخرون برصاص المسلحين الحوثيين الذين فرقوا التظاهرة بالقوة المسلحة، وأكد عدد من المشاركين في المسيرة الاحتجاجية التي شهدتها المدينة رفضهم لانقلاب جماعة الحوثي المسلحة ومطالبتهم بخروجهم السريع من المحافظة، كما أكدوا أن «ميناء الحديدة ومطار الحديدة لن يكونا تحت تصرف أي ميليشيات مسلحة كانت لكي تستخدمهما لأغراضها الحربية ضد الشعب اليمني وضد أبناء تهامة المسالمين». وشددوا، في الوقت ذاته، على رفضهم لقيام المسلحين الحوثيين بنقل الطائرات الحربية من مطار الحديدة واستخدام ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، معبرا لتدفق الأسلحة من دول أجنبية، إيران وحلفائها، وتسليمها للميليشيات الحوثية. وطالب أبناء تهامة محافظ المحافظة، العميد حسن أحمد الهيج، بوقف ما سموه بالمهزلة التي يقوم بها مع أتباعه الحوثيين، والسكوت عما يقومون به من الاستمرار في الملاحقات واختطاف الناشطين من شباب الثورة والحراك والعلماء والمحامين والشخصيات الاجتماعية في ظل سكون الجهات الأمنية في المحافظة على هذه الأعمال وانتشار القتل والفوضى. وحمل محمد يحيى، عبر «الشرق الأوسط»، محافظ محافظة الحديدة العميد حسن الهيج مسؤولية ما يجري في حق أبناء تهامة من قتل ومطاردات، وقال «نحمل المحافظ الهيج ما آلت إليه المحافظة من استمرار جماعة الحوثي المسلحة في اختطاف وملاحقة للناشطين وانتشار القتل والفوضى وخلق أزمة حقيقية في محافظة الحديدة وتصرف الميليشيات بمطار الحديدة ومينائها لاستخدامهما لأغراضها وأهدافها الحربية ضد أبناء اليمن العزل، وإخفائها من اختطفتهم في سجونها الخاصة»، مؤكدا أنهم مستمرون في نضالهم السلمي لطرد جماعة الحوثي المسلحة وجميع الميليشيات المسلحة من داخل تهامة، ورفضهم احتلال تهامة من قبل الميليشيات المسلحة، والتأكيد على التمسك بإقليم تهامة دون هيمنة أو وصاية. من ناحية أخرى، أصيب ثلاثة مواطنين يحملون الجنسية الهندية بإصابات متفاوتة في انفجار عبوة ناسفة قرب فندق «رمادا حدة»، وإحدى الشركات النفطية وأخرى لاستجلاب العمالة الأجنبية، في حي حدة السكني الراقي بجنوب العاصمة صنعاء. وأكدت وزارة الداخلية اليمنية أن العبوة زرعت في المنطقة، وأنها تجري تحرياتها، حاليا لمعرفة الجهة التي قامت بزرعها والمستهدفين من التفجير العنيف الذي سمع في أنحاء متفرقة من العاصمة وأدى إلى تضرر العديد من منازل وسيارات السكان والشركات الأجنبية. وذكرت بعض المصادر أن الانفجار كان يستهدف دورية للحوثيين تقف هناك، غير أنها لم تكن موجودة ساعة الانفجار. وقال شهود عيان في عين المكان ل«الشرق الأوسط إن دوريات الحوثي المسلحة سيطرت على مكان الانفجار ومنعت حتى ضباط الأجهزة الأمنية من الاقتراب وباشرت هي تحقيقاتها الخاصة بها في التفجير. وعادة ما يتهم الحوثيون، منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء وباقي المحافظات الشمالية، من يسمونهم ب«التكفيريين» بالوقوف وراء هذه التفجيرات. إلى ذلك، نفى قائد القوات الجوية والدفاع الجوي اليمني، اللواء الركن طيار راشد ناصر الجند، الأنباء التي تحدثت عن نقل ثلاث طائرات «سوخوي» من ميناء الحديدة إلى محافظة صعدة. ونقل موقع وزارة الدفاع اليمنية على شبكة الإنترنت «سبتمبر نت» عن اللواء الجند قوله إن «هناك ثلاث طائرات من نوع (سوخوي) وصلت إلى ميناء الحديدة ضمن صفقة تم توقيعها بين اليمن وروسيا البيضاء في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، ولا تزال في ميناء الحديدة لاستكمال الإجراءات القانونية مع الجهات المعنية ليتم نقلها بعد ذلك إلى القاعدة الجوية المخصصة لها»، مشيرا في سياق تصريحه إلى أنه قد «وصلت الدفعة الأولى من الصفقة في وقت سابق». واعتبر المسؤول العسكري اليمني أن «ما روجت له بعض وسائل الإعلام من مزاعم مغلوطة حول تلك الصفقة يصب في إطار زعزعة الثقة بين الشعب وقواته المسلحة وقواه السياسية»، داعيا تلك الوسائل الإعلامية ومراسلي الصحف والقنوات الفضائية ووكالات الأنباء إلى تحري المصداقية والبحث عن المعلومات الصحيحة من مصادرها، حسب تعبيره.