قالت مصادر حكومية يمنية إن ما يربو على 30 شخصية من القيادات الجنوبية اليمنية عارضت «المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي رفضته الحكومة اليمنية الشرعية، وذلك تزامناً مع تجاوب شخصيات أخرى مع دعوة بيان الرئاسة اليمنية الداعي من وردت أسماؤهم إلى تبيان مواقفهم. وذكر رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عبيد بن دغر أن هناك توافقاً وطنياً صنعه الشعب اليمني ورعاه الأشقاء والمجتمع الدولي، وأن الخروج عليه سيترتب عليه أمران، الأول: سقوط الجمهورية في المحافظات الشمالية وهذا يحدث الآن، وإن لم يعلن عن سقوطها، والأمر الثاني: هو سقوط الدولة ابتداءً من المحافظات الجنوبية وانكشاف جغرافيا الوطن أمام احتمالات كثيرة، من بينها إطالة أمد الصراع وفقدان مكاسب ومصالح عظمى لا يمكن تعويضها في أمد قريب. وأكد رئيس الوزراء اليمني وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، أن «ما حدث ويحدث في عدن لا تعالجه الانفعالات الوقتية، التي استدعت خطاب المظلومية الجنوبية بصورة لافتة للانتباه، هذه المرة تبرز المظلومية مع انبعاث جديد لصراعات مناطقية محلية لم تمت جذورها بعد، واستدعاء المظلومية الجنوبية لن يقدم حلولاً كافية وشافية للأزمة العامة، وإن كان يرفع عالياً صوت المقهورين، المسحوقين بفعل الإقصاء والإلغاء ومصادرة الحقوق لربع قرن من الزمن هو عمر الوحدة... نحن في اليمن نحتاج إلى بعض الوقت لالتقاط الأنفاس والتفكير بعمق فيما نحن فيه، وللأسف العدو لا يسمح لنا بذلك». وأضاف بالقول: «ستبقى الدولة الاتحادية المدنية هي الإطار السياسي والتنظيمي المؤهل لجعل المواطنة المتساوية ممكنة التحقق، والمانع لمزيد من التفكك، والضامن للحقوق والحريات، كما أنها، ومن وحي التجربة الإنسانية، تقدم الأسلوب الأمثل في توزيع السلطة والثروة التي يتمحور خلافنا عليها الآن وفي كل حين». وحذر بن دغر من أن سقوط مشروع الدولة اليمنية الاتحادية، التي تم التوافق على شكلها ومضمونها في مؤتمر الحوار الوطني، أو استبدال الشرعية عنوة بأية شرعية غير شرعية الانتخاب وصناديق الاقتراع، من شأنه تغير مسار الأحداث والحرب في البلد وجذرياً لصالح العدو، كما سيعصف بموازين القوى على كل المستويات المحلية والإقليمية، الكثير من عناصر وقوى الصراع على الأرض سوف تفقد حجيتها وسيضغط المجتمع الدولي نحو حلول لا تنهي الانقلاب، بقدر ما تؤدي إلى التصالح معه فهذا العالم محكوم بقوانينه ونظمه، وليس بإراداتنا حتى وإن بدت عادلة. إلى ذلك، جدد مجلس التعاون لدول الخليج العربية مواقفه الثابتة تجاه وحدة وسيادة الجمهورية اليمنية والحفاظ على أمنها واستقرارها، كما جدد دعمه لجهود الأممالمتحدة الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216. وأكد الدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون أن دول المجلس تدعو جميع مكونات الشعب اليمني الشقيق في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ اليمن إلى نبذ دعوات الفرقة والانفصال، والالتفاف حول الشرعية لبسط سلطة الدولة وسيادتها واستعادة الأمن والاستقرار في جميع مناطق اليمن، وإعادة الأمور إلى نصابها حتى يتسنى للشعب اليمني استكمال تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل التي عالجت كل القضايا اليمنية، بما في ذلك القضية الجنوبية، مؤكداً أن جميع التحركات لحل هذه القضية يجب أن تتم من خلال الشرعية اليمنية والتوافق اليمني الذي مثلته مخرجات الحوار. وشبه سياسيون ومحللون يمنيون الإعلان عن تشكيل المجلس السياسي الجنوبي الذي رفضه الحكومة الشرعية، ب«خطوة في المجهول السياسي»، من شأنها أن تأخذ اليمن بعيداً عن معالم الطريق المؤدية إلى السلام والاستقرار تحت مظلة الدولة الاتحادية متعددة الأقاليم، وعدوا ذلك إرباكاً لكل الترتيبات المتصلة بالحلول العادلة للقضية الجنوبية. وقال المحلل السياسي ياسين التميمي ل«الشرق الأوسط» إن اليمن في هذه المرحلة في عهدة التحالف، ومهمة التحالف العسكرية في اليمن مقترنة بأهداف سياسية واضحة، تتركز حول «إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وبسط سلطاتها على جميع التراب اليمني والسير في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني نحو بناء اليمن الاتحادي الجديد»، كما جاء في بيان الاجتماع الاستثنائي للرئاسة اليمنية المنعقد بالرياض. وتابع أن التحرك الذي عبر عنه بعض ناشطي الحراك، يشوش على مهمة التحالف وينال من مصداقيتها، ويهز الإجماع الوطني حول أهدافها النبيلة، وهو بالإضافة إلى ذلك خروج صريح عن التسوية السياسية المؤسسة على المرجعيات الواضحة، التي تشمل اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وهي مرجعيات تعززت بقرارات من الشرعية الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، وبعضها تحت الفصل السابع. الذين أقدموا على هذه الخطوة يسيئون كثيراً لمهمة التحالف العربي التي جاءت في سياق الأهداف والمرجعيات المحترمة للعملية السياسية، وتقدم إسناداً كبيراً للمشروع الانقلابي ذي النزعة الانفصالية الذي ينفذه الحوثيون وحليفهم المخلوع صالح بدعم كامل من إيران. وقال التميمي إن التخفي خلف الشعارات المناهضة لإيران، التي وردت في بيان عيدروس الزبيدي لا يمكن أن تبدد الشكوك حول الأهداف الإيرانية الكامنة في صلب الترتيبات الداعية للانفصال، إن لم تكن في الأصل هي الثمرة المرحلية للمشروع الذي تعهدته إيران برعايتها الكاملة طيلة الفترة الماضية، ومن المؤسف أن بعضاً مما يتصدرون المجلس الجنوبي كانوا جزءاً من ذلك المشروع، ومن أدواته الفاعلة. من ناحيته، دعا الكاتب جمال حسن إلى التمسك بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لأنه يمثل الكيان السياسي الطبيعي لليمن وهو مفتاح النجاة من مشاريع، لن نستعيد بها «ماضي التشطير أو حلم الخلافة أو الإمامة، بل الحرب والتشظي». .....