كرامة الوطن من كرامة المواطن، وعندما تهدر هذه القيمة الإنسانية من قبل نافذين في الدولة، يهدر أيضاً حق المواطنة، وتتحول الدولة الى عصابة تحمي المجرمين، وتدهس على حقوق وكرامة المواطنين. وفي بلد كاليمن، يتحمل المواطن فيه جور مسؤوليه، وفسادهم، وعبثهم بقوته ولقمة عيشه، بمهانة تغلف بشعارات ديمقراطية بدت مؤخراً ملامح اليمن الجديد كبعبع يهدر الحقوق والحريات، ويدهس كرامة المواطنين وشرفهم خدمةً لنافذين تربطهم مصالح بنظام يغيب حق المواطنة المتساوية. ومن قضية حمدان درسي، وأنيسة الشعيبي، ومهجري الصفة، الى جريمة بشعة هزت المشاعر، واستصرخت القيم والمبادئ، جرت تفاصيلها في أكثر المدن اليمنية غبناً وجوراً على مرأى الجميع هذه المرة. جديد اليمن الجديد؛ جريمة اختطاف فتاة واغتصابها، ومن ثم قتلها، والتشنيع بجسدها، ودق عظامها. وبعد ذلك، فر المجرم، واحتمى بشيخ نافذ. لم يخطر على بال الفتاة سعيدة إسماعيل حسن؛ ابنة السبعة عشر عاماً، أنها تخطو صوب الموت، وهي تحمل دلوها لجلب الماء لأسرتها، في الثاني من أغسطس الفائت، من مشروع المياه بقرية الغوادر -مديرية بيت الفقيه، بمحافظة الحديدة، قبيل غروب الشمس. ولم يكن في حسبانها أنها ستتعرض للخطف، والاغتصاب، ومن ثم القتل، والتشنيع بها، وهي من لم يكن يفارق مسمعها الصوت المتشنج لرئيس الجمهورية في الانتخابات الماضية: نعم للأمن والأمان. ما حدث أن عصابة مكونة من 3 أشخاص، اعترضوا سعيدة، وخطفوها الى مكان خفي، ليرتكبوا جريمتهم البشعة باغتصابها، ومن ثم قتلها، وتهشيم عظامها، ونتف أظافرها، قبل أن بقرروا الاحتماء بأحد المشائخ الذي سبق أن انتهك كرامة مواطن في وقت سابق. وحسب أسرة الفتاة، فإنه تم العثور على سعيدة في اليوم التالي للجريمة، في إحدى مزارع الموز بقرية الغوادر. علي؛ أخو الضحية، قال في مناشدة رفعها لمنظمة هود، إن الجهات الأمنية ألقت القبض على اثنين من المتهمين، فيما المتهم الرئيس «ص. م» محتمٍ بالشيخ، وله سوابق عديدة، دون أن تطاله العدالة. لم يكتفِ المتهم الرئيس -حد قول علي- بفعلته الشنيعة، بل تمادى حد تهديد أولياء الدم، غير مبالٍ بفعلته وتهديداته السابقة التي كانت تطال الضحية، باغتصابها حية أو ميتة. وفي وطن تغييب فيه العدالة، والإنصاف، تهدر آدمية المواطن. والأسوأ من ذلك أن كرامة البسطاء والمعدمين هي التي تهدر من نافذين وعصابات مقابل خدمات انتخابية يقدمونها للحاكم. أسرة الفتاة كانت تطالب بتحويل القضية الى النيابة، وتسليم المتهم الرئيس للجهات المعنية، وإيقاف ضغوط الشيخ للإفراج عن المتهمين الاثنين الآخرين. فيما كانت تبرر الجهات الأمنية رفضها تحويل القضية الي النيابة بفرار المتهم الرئيس الذي لم تقم بإلقاء القبض عليه إلا مؤخراً، بعد حملة شنها خطباء الجوامع ضد هذه الجريمة. الثلاثاء الماضي، شيع أهالي قرية الغوادر بمديرية بيت الفقيه، جثمان الفتاة سعيدة إسماعيل حسن، بعد إلقاء القبض على المتهم الرئيس، واعترافه بفعلته في التحقيقات الأولية حسبما تفيد المعلومات. فيما كانت جثة القتيلة متحفظاً عليها في مستشفى الثورة بالحديدة، من الخامس والعشرين من سبتمبر المنصرم. وكان خطباء الجوامع في مدينة الحديدة، شنوا الجمعة قبل الماضية، حملة على فعلة هذه الجريمة، مستنكرين صمت الجهات الأمنية حيالها.