رفض ملتقى التشاور الوطني الدعوات التي تسعى لاستجلاب الماضي والعودة بالشعب اليمني إلى ''مشاريع قزمة وصغيرة تشبه في مضمونها مشروع السلطة العائلي''. وحذر اللقاء التشاوري تلك المشاريع من الدفع بالوطن نحو المزيد من التوتر والقلق، مؤكدا حاجة اليمن اليوم إلى إعادة صياغة عقد اجتماعي جديد يؤسّس لبناء مؤسسات هذه الدولة على أسس صحيحة تتوفر فيها ضمانات كافية لإقامة دولة مؤسسية حقيقية تعمل وفق مشروعية دستورية وقانونية، ووفق مبدأ الفصل بين السلطات، ويسمح نظامها بالتداول السلمي الفعلي للسلطة، ويحول دون انفراد فرد أو أسرة بالسلطة، ويجعل محاسبة الحكام أمراً ممكناً، ويجسّد الشراكة الوطنية بصورة حقيقية بما فيها الشراكة العادلة في السلطة والثروة، ويوفر أسس واقعية لإقامة حكم لا مركزي يجسد الشراكة الوطنية الحقيقية ويحترم الفرد ويجسد مبدأ المواطنة المتساوية ويضمن الحقوق والحريات. وقال اللقاء التشاوري إن السلطة فشلت في إدارة مشروع الوحدة وتصر على التعامل مع أوضاع وتحديات ما بعد حرب 94 بخفة وتعال، وترفض أي مشروع سياسي وطني يأخذ بعين الاعتبار تصفية أثار الحرب ومعالجة جروحها، كما تصر على تقويض أسس التعددية السياسية والحزبية ومرتكزات الشراكة الوطنية التي قامت عليها الوحدة السلمية في 22 من مايو/ أيار ,1990 والتي كانت هي وحدها القادرة على الاضطلاع بخلق شروطها وحماية البلاد من التفكك السياسي والعرقي والطائفي، بل ذهبت السلطة إلى تسريح عشرات الآلاف من أبناء المحافظات الجنوبية مدنيين وعسكريين دون مراعاة للحد الأدنى من حقوقهم المشروعة ناهيك عن خصخصة مؤسسات القطاع العام من خلال عملية نهب فاسدة كان المتنفذون هم المستفيد الوحيد منها فيما قذف بالغالبية فيها الى سوق البطالة بدون حقوق وبالمثل طرد الفلاحون من أراضيهم وصودرت مزارع الدولة وأعيد توزيعها على حفنة من الملاك الجدد، ونهبت أراضي الدولة لصالح فئة صغيرة من المتنفذين. وأكد أنه وفي مجرى هذه الممارسات، وتداعيات الأزمة الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية، نشأت حالة غليان جماهيرية غير مسبوقة في المحافظات الجنوبية وتبلور هذا الغليان إلى حراك سياسي واجتماعي يطرح بقوة موضوع القضية الجنوبية كتعبير عن حاجة حقيقية لتسوية تاريخية تعيد بناء منظومة الحكم على أساس شراكة وطنية حقيقية في السلطة وفي الثروة تضع هذا الجزء من الوطن في المكان الملائم كطرف في المعادلة الوطنية الأمر الذي يوجب وضع القضية الجنوبية في صدارة الأولويات التي يتم الحوار الوطني حولها بإشراك القوى الفاعلة في الحراك السياسي.