تعيش محافظة عدن حالة من التوتر والانتشار الأمني والعسكري الكثيفين منذ حادثة الهجوم المسلح على مبنى الأمن السياسي الأسبوع الماضي في حين لا تزال السلطات تتحفظ على نتائج التحقيقات وهو ما يزيد من حالة التكهنات ويثير عددا من التساؤلات والشكوك حول ملابسات الحادث. وكالعادة عقب كل هجوم أو أعمال عنف مسلحة تلجأ السلطات إلى شن حملة اعتقالات عشوائية تطال أشخاصاً لا علاقة لهم بالأحداث الجارية ، ومن ذلك أن نفذت قوات الأمن في محافظة عدن الخميس المنصرم حملة مداهمات واعتقالات في حي السعادة بمدينة خور مكسر طالت عشرات الاشخاص وذلك على خلفية الهجوم المسلح الذي نفذه خمسة مسلحين على مبنى الأمن السياسي بمدينة التواهي عدن وراح ضحيته ثلاثة عشر شخصاً بينهم ثلاث نساء وطفل وإصابة قرابة 15 شخصاً آخرين. ويعد حي السعادة بمدينة خور مكسر من الأحياء التي سبق وان شهدت مصادمات قبل أشهر بين عدد من شبان الحي ورجال الأمن حيث يتهم الأمن عناصر في الحي يصفها بالتخريبية بحيازة السلاح والقيام بأعمال تخريبية. وتأتي هذه الاعتقالات بعد أن كانت الأجهزة الأمنية قد أعلنت الأسبوع المنصرم عن تمكنها من إلقاء القبض على قائد المجموعة التي نفذت هجوماً على مبنى الأمن السياسي. وذكر موقع وزارة الدفاع الإخباري أن أجهزة الأمن تمكنت في عملية نوعية واستخباراتيه ناجحة بمحافظة عدن من إلقاء القبض على زعيم العصابة الإرهابية المنفذة للهجوم على مبنى الأمن السياسي بعدن ". وأوضح الموقع " أن المتهم الأول والعقل المدبر للعملية الإرهابية الذي قبض عليه بمحافظة عدن يدعى "غودل محمد صالح ناجي" وينتمي للجماعات الإرهابية, وله العديد من السوابق الإرهابية والإجرامية ومنها عملية السطو المسلح لفرع البنك المركزي عدن وسرقة 100مليون ريال أواخر العام الماضي". هذه المعلومة اليتيمة لم تخفف من شدة الانتقادات الموجهة للحكومة خاصة بعد انتشار خبر مفاده ان حراسات مبنى الأمن كانت بدون ذخيرة كافية لمواجهة المسلحين وهو ما دفع وزارة الدفاع للإعلان عن تحقيق إحراز أمني جديد تمثل في القبض على مجموعة من العناصر التي قالت إنها متورطة بالهجوم على مبنى الأمن السياسي ، غير إن ذلك لا يعني شيئاً لكونها لم تثبت فعلياً أنهم المنفذون للهجوم . وقد أثار حديث وسائل الإعلام عن الثغرات الأمنية غضب السلطة التي سخرت على لسان مصدر امني مسئول من ما وصفه ب"المزاعم الكاذبة التي تناولتها بعض وسائل الإعلام حول عدم وجود ذخيرة لأفراد الحراسة الخاصة لمكتب الأمن السياسي بمحافظة عدن عند مهاجمته من قبل العناصر الإرهابية " . وقال المصدر إن تلك المزاعم محض افتراء وليس لها أي أساس من الصحة ولا يمكن تصديقها " موضحا أن تلك العناصر الإرهابية المهاجمة كانت مجهزة بأسلحة وذخائر مختلفة ومنها قذائف أر بي جي وقنابل "ومارست اعتداءاتها بكل وحشية وعنف، حيث باشرت وبشكل غادر بإطلاق النيران على أفراد الحراسة مما أدى إلى استشهادهم بالإضافة إلى آخرين بينهم ثلاث نساء وطفل ". وقالت السلطة إن قوات الأمن داهمت منزلا بمدينة عدن خلال اجتماع ضم عددا من العناصر المشتبه بها بناء على معلومات استخباراتية دقيقة تم الحصول عليها من خلال عمليات المتابعة والرصد المستمرة التي يقوم بها رجال الأمن. ونقل موقع وزارة الدفاع الإخباري عن مصادر أمنية قولها: إنه تم خلال عملية المداهمة القبض على كل من كانوا في الاجتماع والذين وجد أن بعضهم ممن يشتبه بعلاقتهم بتنظيم القاعدة. موضحة أن عدداً من تلك العناصر كانوا قد شاركوا في الجريمة الإرهابية التي استهدفت مبنى الأمن السياسي ، بالإضافة إلى تورطهم في عمليات إرهابية أخرى من بينها السطو على البنك العربي ونهب مائة مليون ريال بالاشتراك مع الإرهابي غودل محمد صالح ناجي الذي تم القبض عليه يوم الاحد من الأسبوع الماضي , وأظهرت التحقيقات بأنه من العناصر الإرهابية الخطرة في تنظيم القاعدة. وذكر الموقع أن عملية القبض على عناصر القاعدة جاءت على ضوء الاعترافات التي أدلى بها من تصفه بالارهابي ( غودل ) والذي كان قد ظهر بجانب القيادي في تنظيم القاعدة (محمد احمد عمير الكلوي) في أحد مقاطع الفيديو على شاشة قناة" الجزيرة" في شهر ديسمبر الماضي، مهددا ومتوعدا بالانتقام لقتلى الغارة الجوية على المركز التدريبي لتنظيم القاعدة بالمحفد في أبين، لكنه - الكلوي- لقي مصرعه في غارة لسلاح الجو استهدفت اجتماعا لقيادات القاعدة في وادي رفض بمحافظة شبوة . وقالت السلطة إن الإرهابي غودل محمد صالح ناجي أدلى باعترافات مهمة خطيرة مكنت أجهزة الأمن من القبض على عدد من العناصر الإرهابية في حملات مداهمة لعدد من المنازل خلال الأسبوع الجاري ، كما تم ضبط وسائل مختلفة كانوا يستخدمونها في عملياتهم الإرهابية بما في ذلك السيارة التي استخدموها في عملية السطو على مبنى البنك العربي بعدن. مؤكدة أن الأجهزة الأمنية مستمرة في متابعة كافة العناصر الإرهابية وأنها لن تتوقف عن تنفيذ مهمتها الوطنية في تعقب من تبقى من تلك العناصر حتى يتم القبض عليها وتقديمها للعدالة لتنال عقابها الرادع والعادل جراء ما ترتكبه من جرائم وأعمال إرهابية في حق الوطن والمواطنين. وكانت اشتباكات مسلحة جرت الجمعة الماضية بين قوات الأمن ومواطنين مسلحين في حي السعادة بمديرية خور مكسر اثر قيام قوات الأمن باعتقال شاب ووالده من منزله على خلفية الاعتداءات التي استهدفت مبنى الأمن السياسي أعقبها خروج مظاهرات احتجاجية تم تفريقها بمسيلات الدموع والرصاص الحي, واعتقلت قوات الأمن خلالها العشرات. كما أن عدداً من المصفحات العسكرية وقوات الأمن التي انتشرت في مدينة خور مكسر بعد المظاهرات أدت إلى قطع الطرقات في المدينة. وزاد التوتر في أوساط المواطنين بعد وفاة أحد من تم اعتقالهم الأسبوع المنصرم ويدعى أحمد الدرويش في ظروف غامضة داخل السجن والذي تضاربت الأنباء حول أسباب وفاته حيث تقول السلطات إنه مات متأثراً بمرض الربو في حين يتهم المواطنون أفراد الأمن بقتله. وفيما لا يزال عدد من المسلحين يتمركزون على أسطح المنازل داخل حي السعادة الذي يقطن فيه الشاب المتوفى داخل السجن، تفرض قوات الأمن إجراءات أمنية مشددة على مداخل الحي. وفي الغضون تمكنت وساطة محلية من احتواء وتهدئة الوضع برئاسة عوض مشبح -احد وجاهات حي السعادة وأمين عام المجلس المحلى بمديرية خور مكسر إلى جانب عدد من الشخصيات الاجتماعية من سكان الحي. وأشارت المعلومات إلى أن لجنة الوساطة كانت قد التقت بالمسلحين والذين بحثوا معها خمسة شروط للتهدئة وتكفلت اللجنة بعرضها على الجهات الأمنية التي بدورها أبدت موافقة مبدئية عليها . ومن بين الشروط الخمسة رفع الحصار الأمني على الحي والكف عن ملاحقة أي شخص من أبنائه على خلفية الأحداث الأخيرة وإطلاق جميع المعتقلين وتسليم المتسببين في مقتل "أحمد الدرويش" داخل سجن الأمن بعد اعتقاله مطلع الأسبوع الجاري مع تسعة آخرين والذي تقول الجهات الأمنية بأنه توفي جراء إصابته بمرض الربو في حين يتهم المسلحون الأمن بتعذيبه حتى الموت. وقالت مصادر خاصة إن الدرويش لم يكن يعاني من شيء ولم يشتكي من أي تعب حين اعتقاله ، مستغربة من وفاته بعد يوم واحد من سجنه ، وأشارت إلى مطالبة الأهالي بالتحقيق ومحاسبة منفذي حملات الاعتقال التي طالت أبناء المدينة ولم تستثن حتى النساء . وعلى ذات الصعيد دانت منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في مديرية خور مكسر بعدن عمليات الدهم والاعتقالات التي تنفذها قوى الأمن في مدينة عدن وخور مكسر خاصة. وطالبت المنظمة في بيان لها بالكشف عن ملابسات وفاة الشاب أحمد علي الدرويش وبتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في الحادثة ورفع المظاهر العسكرية من مدينة عدن. وأهابت المنظمة بالسلطات "البحث الجاد والمسئول عن المتهمين الأساسيين ومن يقف وراءهم في حادثة اقتحام الأمن السياسي بعدن" وإطلاق سراح المعتقلين الذين لا صلة لهم بتنظيم القاعدة ممن تم اعتقالهم بشكل عشوائي. من جانبها حثت قيادة وزارة الداخلية الأجهزة الأمنية بمحافظة عدن على التحلي باليقظة الأمنية العالية والاستعداد الدائم لمواجهة كافة الاحتمالات الممكنة. ووجهت قيادة الوزارة أجهزة الأمن في عدن بالبقاء قي حالة تأهب كامل للتصدي لأي أعمال إجرامية وتخريبية,..مؤكدة على ضرورة رصد العناصر الإرهابية وملاحقتها على مدار الساعة وبما يكفل عدم وقوع أي جريمة إرهابية بمحافظة عدن. مشددة على أهمية إبقاء محافظة عدن العاصمة الاقتصادية لليمن عصية على أي عمل إرهابي من خلال الحفاظ على حالة الأمن المثالية التي تتميز بها هذه المحافظة. وطالبت الأجهزة الأمنية بإحكام قبضتها على سواحل عدن وإبقائها تحت رقابتها الدائمة منعاً لتسلل أي عناصر إرهابية إلى داخلها, أو تهريب أسلحة إليها. لم يعد لدى السلطة ما تقوم به إزاء تواصل أعمال العنف المسلح في المحافظات الجنوبية، فجل انشغالها يتمثل بقمع نشاط الحراك السلمي ، بل إنها وجدت في ممارسات العصابات المسلحة مبرراً لضرب الفعاليات والاحتجاجات السياسية في الجنوب ، وإذا ما دققنا في تصرفات السلطة إزاء كل فعل مسلح سيبدو ذلك أكثر وضوحاً ، حيث تكتفي الأجهزة الأمنية بإعلانها الكشف عن هوية منفذي الأعمال المسلحة دون أن تبذل أي جهد للقبض عليهم. مؤخراً قالت وزارة الداخلية إن الأجهزة الأمنية كشفت هوية منفذ الكمين الذي استهدف قائد فرع شرطة النجدة بمحافظة الضالع المقدم جميل أحمد عقلان أمام لكمة صلاح أواخر الأسبوع الفائت . وذكر مركز الإعلام الأمني إن منفذ الكمين يدعى فهمي محمد قاسم من أهالي مديرية سناح ويبلغ من العمر 29 عاماً موضحاً بأن التحريات في الحادثة كشفت عن إصابة المتهم بطلق ناري في رجله ، وأن عملية البحث عنه متواصلة لإلقاء القبض عليه. والأحد المنصرم عثر على جثتين مرميتين على طريق جحاف تعود إحداها لشخص من أبناء جحاف يدعى"محمد محسن الهدياني والملقب بكباس" والأخرى لشخص مجهول ، حيث يعتقد أنهما قتلا في الاشتباكات المسلحة بين مسلحين وأفراد موقع البيضيع العسكري المرابط في المنطقة. وفي منطقة كرش التابعة لمحافظة لحج أقدمت مجموعة من المسلحين على احتجاز أحد النحالين, وينتمي لمحافظة الحديدة, وقامت بأخذ دراجته النارية وطرده من المنطقة واتهامه بالتجسس لصالح جهات أمنية, كما سلبته أموالا كانت بحوزته. وذكرت المصادر المحلية أن ماجد الزبيدي تعرض الأسبوع المنصرم لاحتجاز من قبل أربعة مسلحين، حيث اقتادوه إلى منطقة نائية وأجبروه على إعطائهم دراجته النارية ونقودا كانت بحوزته, واتهموه بأنه عميل وجاسوس لجهات أمنية في السلطة. وأضافت المصادر إن كثيرا من المواطنين في كل من كرش, والمسيمير التابعة لذات المحافظة, استنكروا الحادثة, فيما أعلنت مكونات الحراك الجنوبي في كلا المنطقتين رفضها القاطع لأشكال التقطع والسلب والنهب , مؤكدة أن المواطنين أيا كانوا من المحافظات الشمالية أو الجنوبية, يظلون في أمان وسلام, مشيرين إلى أن الخلاف هو مع نظام صنعاء وليس معهم. وفي حال استطاع الحراك الجنوبي ترسيخ هذا المبدأ لدى أتباعه فإنه سيكون عندها قد أعاد الروح لنشاطه السلمي وهو ما يجب أن يتجه نحوه في الفترة الحالية . وتشير المعلومات إلى أن أعمال التقطع كثرت في الطريق الواصل بين منطقتي كرش وعقّان في الآونة الأخيرة, موضحة أن طول الطريق بين المنطقتين يتراوح ما بين 25- 30 كم فقط ما يعني سهولة تأمينها من قبل قوات اللواء 33 مدرع المرابط في المنطقة . وبحسب المصادر المحلية فإن الأعمال المشينة والتقطعات ترتكب بالقرب من مواقع عسكرية ونقاط أمنية مستحدثة لقوات اللواء 33 مدرع, ومع ذلك لا تحرك ساكنا تجاه ما يحدث وهو ما يثير الشك والريبة.