*عبدالعزيز الويز إذ بدا معالجة أزمات ومشاكل اليمن اليوم باستدعاء أدوات من زمن ما قبل 14 قرناً أمراً محاطاً بالكثير من الغرابة والظرافة في أدمغة بعض الحضور إلا أن إصرار أصحاب الرؤية على التمسك بنجاعة رؤيتهم وصوابها ومضيهم في التأكيد عليها والحشد لها بحذر ووعي نجح في لفت الأدمغة العصرية نحوها إن لم يكن قد أصاب منها الإقناع. الخميس الماضي أعد حزب التحرير - ولاية اليمن العُدة وذهب من فندق رمادة حدة في العاصمة اليمنيةصنعاء يطلق في مؤتمر صحفي دعا إليه باكراً رؤيته في احتواء أشد المشاكل اليمنية عناءً "المشكلة الاقتصادية" تشخيصاً ومعالجة بمنظور إسلامي بحت ووفق نظرية الاقتصاد للخليفة الفاروق عمر بن الخطاب. وبرؤية بدت مغايرة فكرة ومضموناً لما سبقتها من الرؤى المقدمة من بعض القوى في الساحة الوطنية تحت مسمى "مبادرات" والمتسمة جميعها بالصبغة السياسية وتشابه معظمها والمهملة في استمرار الحاكم حتى اللحظة في إدارة البلاد برؤيته الثابت فشلها أخذ الحزب الطامح لإقامة دولة الخلافة الإسلامية ومبايعة خليفة للمسلمين يفلسف المشكلة الاقتصادية في اليمن وتروسها الفقر والجوع والبطالة والغلاء وتدهور العملة والثراء الفاحش وغيرها بوعي تاريخي يحن إلى الماضي ويرى في الحاضر مدنية الأخذ منها لا يخرج عن مفهوم "أنتم أخبر بدنياكم". الحزب في رؤيته التي قرأها رئيس مكتبه الإعلامي المهندس ناصر دحان اللهبي في الوقت الذي كان مئات الآلاف من أبناء الشعب يتظاهرون في صنعاء وتعز احتجاجاً على سياسة التجويع والإفقار والفساد استجابة لدعوة أطلقها تكتل أحزاب اللقاء المشترك هاجم النظام الرأسمالي والعلماني والاشتراكي وحملهم مسؤولية ما تعاني اليمن من المشاكل والأزمات والحروب والاغتيالات والانقلابات والفقر والبطالة وسيطرة المستعمر على إمكانيات البلاد ومقدراتها بالتعاون مع ذوي النفوذ والمصالح في البلد، وقال إنه وفي ظل النظام الحالي لا توجد أي إرادة حقيقية لتنمية البلاد ولا تدار حتى بإدارة الشركات الفاشلة. وإذا يرى في النظام الرأسمالي خروجاً عن العقيدة الإسلامية اتهم النظام اليمني الحاكم بتبني هذا النظام منذ دخوله في شمال اليمن عام 1962م أي بعد ثورة سبتمبر ورحيل النظام الإمامي وتسبب حكمه في تفاقم المشاكل في الشمال والجنوب بما فيها المشاكل الاقتصادية التي قال إن سببها النظام الاقتصادي الرأسمالي المطبق حالياً في اليمن لكونه غير منبثق من عقيدة الأمة ومخالفاً للفطرة وغير مقنع للعقل، وزاد أنه نظام يعيش على دماء الرعية ويسعى جاهداً للخلاص من غالبية سكان اليمن وتقديمهم خدماً وعمال نظافة في قصور ومزارع وشوارع الأمراء والأميرات في الخليج. وتابع أن النظام الحاكم يعطي الأغنياء ليزدادوا غناء ويحرم الفقراء من ذوي الدخل المحدود. وقال: إن اليمن كغيرها من بلدان المسلمين بما فيها دول الخليج واقعة تحت استغلال المستعمرين الرأسماليين وسيطرتهم وقوانينهم الوضعية التي تعتمد على الهبات والرشوة والقمار والتأميم والخصخصة وهو ما جعلهم بعيدون عن النظام الاقتصادي الإسلامي في معاملاتهم وجعلهم فيما هم فيه من الأزمات والمشاكل. وقال الحزب في رؤيته التي تضمنها البيان الصحفي الصادر أن النظام الحاكم والقائمين عليه وجدوا في النظام الرأسمالي ضالتهم المنشودة فعمدوا إلى خصخصة الملكية العامة إلى ملكية شخصية وحرموا الشعب من ثرواته وملكياته. وذكر في تشخيصه للحال القائم اليوم: إن ما أحدثه النظام الاشتراكي في الجنوب من تأميم للملكيات وأدوات الإنتاج والأراضي الزراعية استغله الرأسماليون في الشمال ونهبوه على أساس أنه ملكية دولة وهو ملك خاص فحصلت نتيجة للنظامين الوضعيين الرأسمالي في الشمال والاشتراكي في الجنوب "مشكلة الأراضي في الجنوب". وأضاف: إنه علاوة على وجود فساد النظام الرأسمالي الذي تحكم به اليمن من بعد الوحدة يوجد فساد مؤسساتي منظم وهو ما أوجد فساد الأفراد وتوغل قوى الفساد وتضخم مصالحها ونمو أرصدتها المالية واستحكام هيمنتها على مختلف الأوضاع في البلاد بعد أن أصبح جزء مهم من المقدرات الاقتصادية للبلد أصولاً وممتلكات خاصة لكبار الفاسدين. وأوضحت رؤية التحرير أن الميزانية السنوية القائمة على بنود اتفاق تذهب سرقات باسم القانون كبند الرواتب وبنود المكافآت والنثريات وبدل السفر وبدل الغذاء والمظهر إلى جانب بنود غير محاسب عليها كالاحتفالات والمشروعات المظهرية والسفريات الخارجية. وأشار إلى أن النفقات المخصصة للدفاع والأمن ترتفع باضطراد بينما تتراجع النفقات المخصصة لقطاعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية باستمرار. مؤكداً أن ما ينمو في اليمن وبدون توقف هي معدلات البطالة بكل أشكالها وأنواعها والفقر بكافة مظاهره ونتائجه المدمرة والخطيرة. وهاجم الحزب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة الجات "منظمة التجارة العالمية" واصفاً إياها أنها أدوات من أدوات الاستعمار الجديد، في السيطرة على اقتصاد الدول المختلفة لصالح الدول الاستعمارية الطامعة في بلاد المسلمين. وفي معرض رؤيته للعلاج الناجع للمشكلة الاقتصادية في اليمن قال هي في تبني النظام الإسلامي القائم على التملك والإنفاق والتوزيع للثروة لإشباع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد وتمكينهم من إشباع الحاجات الكمالية. وكونه لا يؤمن بالحدود المصطنعة بين الدول المسلمة التي يصفها إنها من صنع الاستعمار قال إن الثروة التي أودعها الله في الخليج هي ملك المسلمين جميعاً بما فيهم أهل اليمن، فالنفط والغاز في نجد والحجاز حد تعبيره لأهل اليمن نصيب منهما ولا يمكن للحدود المصطنعة ولا الأنظمة القائمة أن تمنعهم مما أسماه حقوقهم الشرعية التي شرعها الله لهم. وعن رؤيته لأسباب تدهور العملة المحلية وانخفاض سعرها قال إنه يعود لكونها غير مغطاة بالذهب، كون السياسة النقدية الإسلامية تعتمد الذهب والفضة أساساً للعملة وهو ما يوجد الاستقرار النقدي، مضيفاً أن سياسة البنك المركزي الخاطئة والترقيعية كضخه للسوق مئات الملايين من العملات، وأذون الخزانة - الذي عرفه بكنز الأموال - ولجوئه إلى إصدار نقدي جديد وغيرها كلها ساهمت أيضاً في تدهور العملة. ودعا الحزب في رؤيته إلى الأخذ بالنظام الإسلامي وأحكامه الشاملة، مؤكداً أن فيها معالجة لكل مشاكل الإنسان وأنها ليست أحلاماً وردية وفرضيات تخيلية وإنما حقائق شرعية وواقعية وتاريخية ثبت وجودها في الماضي وسيثبت وجودها في المستقبل بمشيئة الله حد تعبيره. وحذر الحزب في خاتمة رؤيته من خطورة الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية في اليمن وقال إن الأنظمة الحالية لن تحل مشاكل اليمن وأن الفيدرالية والكونفدرالية والجمهورية الرئاسية والبرلمانية ورؤية الإنقاذ الوطني وغيرها لن تحل مشاكل اليمن وإنما ما يحل مشاكلها هو نظام الخلافة.