إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد اليمني.. أين الخلل وما هي المعالجات المناسبة؟!
نشر في الوسط يوم 17 - 03 - 2010

(الحلقة الأولى) بروفيسور/ سيف العسلي مقدمة يعاني الاقتصاد اليمني من اختلالات عميقة ومزمنة، إذ أنه يعاني من تدن في الكفاءة الإنتاجية ومن عدم العدالة في التوزيع. فعجز الإنتاج يتضح من البطالة المزمنة التي يعاني منها الاقتصاد اليمني، ومن الحجم الكبير للموارد الطبيعية غير المستغلة. وكذلك من تدني إنتاجية كل من الموارد الطبيعية والموارد البشرية التي يدل عليها كل من تدنى مستويات التعليم وانخفاض العائد عليه وتدني الأجور والعائد على رأس المال. أما عدم العدالة في التوزيع فيتضح من غياب أي شكل من أشكال الضمان الاجتماعي على الرغم من العجز المزمن في الموازنة العامة والحجم الكبير في الدين العام الداخلي والخارجي ومن تدني الخدمات الصحية والتعليمية على الرغم من التضخم الكبير في الخدمة المدنية ومن غياب الأمن على الرغم من الارتفاع الكبير في نفقات الدفاع والأمن. وعلى الرغم من ذلك فإن اليمن لم يستطع معالجات ذلك نظرا للقصور الواضح في أداء مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني لوظائفها. وقد نتج ذلك عن عدم انسجام هذه المؤسسات مع بعضها البعض. ولقد ترتب على ذلك تدني مستوى الدخل الحقيقي للغالبية الكبرى من أفراد المجتمع. ولتوضيح ذلك فإنه لا بد من تحليل الاقتصاد اليمني من كل الجوانب الممكنة. إن ذلك يتطلب منهجية خاصة تمكن من الفصل بين الظواهر الاقتصادية كما يحددها علم الاقتصاد والظواهر الاقتصادية كما تناقشها النظم الاقتصادية، ذلك أنه لا يمكن تفسير عدم التشغيل الكامل للموارد مع وجود انتشار لظاهرة الفقر باستخدام مفاهيم علم الاقتصاد فقط. ولكنه قد يمكن تحقيق ذلك إذا ما تم التعرض لمكونات النظام الاقتصادي في اليمن. ومن الواضح أن هناك تداخلا وتفاعلا بين الاقتصاد كعلم، والاقتصاد كنظام. ويتضح ذلك عند دراسة الظواهر المشتركة بينهما مثل الكفاءة والعدالة والرفاهية وغيرها. فعلى سبيل المثال فإنه من الصعب تحديد المقصود بالرفاه الاقتصادي على وجه الدقة باستخدام مفاهيم علم الاقتصاد فقط. ويرجع ذلك إلى كونه مفهوما جمعيا؛ أي يجمع بين عناصر الاقتصاد كعلم والاقتصاد كنظام. وكذلك الأمر فيما يتعلق بمفاهيم أخرى مثل العدالة الاجتماعية والفقر والأمان الاجتماعي. ويمكن التغلب على ذلك من خلال استخدام منهجية خاصة غير شائعة في الدراسات الاقتصادية البحتة. هذه المنهجية تقوم على الفصل بين دلالات كل من الاقتصاد كعلم ودلالات الاقتصاد كنظام ثم دراسة عملية التفاعل بينهما. فالظواهر الاقتصادية -كما يحددها الاقتصاد كعلم- هي مساهمة الموارد الاقتصادية في العملية الإنتاجية. ويمكن تقسيمها إلى: الموارد الطبيعية والموارد البشرية. أما الظواهر الاقتصادية كما يحددها الاقتصاد كنظام تتمثل في عملية التوزيع للإنتاج والمعمليات المساعدة للإنتاج نفسه. ويمكن تقسيمها إلى: البنية التحتية الصلبة والبنية التحتية المرنة. الموارد الطبيعية هي الأرض وما فيها من موارد رأس المال وما يتعلق بها من ارتباط مع الموارد الطبيعية. أما الموارد البشرية فهي العمل والتنظيم. أما البنية التحتية الصلبة فتتمثل في الطرقات والمطارات والموانئ وغيرها من أنواع البنية التحتية. أما البنية التحتية المرنة فهي تمثل القوانين والأعراف والعادات المرتبطة بعملية خلق الثروة وعملية توزيعها. فإذا كانت عملية الإنتاج تقاس بمعيار الكفاءة فإن عملية التوزيع تقاس بمعيار العدالة، فالكفاءة تنبع من الظواهر الاقتصادية في كل من علم الاقتصاد والنظم الاقتصادية من خلال الإطار المؤسسي الذي يتكون من كل من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والأسرة ومنظمات المجتمع المدني. فالكفاءة تنبع من خلال التصرف وفقا لقيم أساسية مثل بذل أقصى جهد ممكن لتحقيق أقصى إنتاج ممكن والانضباط والاستعداد للتعامل مع المخاطر. أما العدالة فتتحقق من خلال تحديد الحقوق والواجبات لمختلف أفراد المجتمع من خلال التراضي الجمعي. وكذلك الحزم في حماية الحقوق والوفاء بالواجبات المترتبة عليها. ومن أبرز مظاهر الحزم طرق المحاسبة والرقابة بمختلف مستوياتها. فالحزم هنا يعني توفر القدر المطلوب من المساءلة والشفافية. صحيح أن المساءلة مرتبطة بمؤسسات الدولة والرأي العام ولكن ذلك لن يتحقق إلا من خلال إيجاد مؤسسات مستقلة محترفة تتولى عملية الرقابة والمحاسبة أما الشفافية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الدور الذي يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام الحرة والمستقلة في نشر المعلومات الصحيحة. ومن الواضح أن هناك علاقة عكسية بين كل من الكفاءة والعدالة وتنعكس هذه العلاقة على نوعية النظام الاقتصادي. ويمكن القول إن هناك عدداً من الأنظمة الاقتصادية في الوقت الحاضر ولعل من أهمها النظام الرأسمالي الليبرالي والنظام الاقتصادي الرأسمالي المحافظ والنظام الاقتصادي الإسلامي. وتبعا لذلك فإنه في هذه الورقة سيتم تحليل الاقتصاد اليمني من خلال خمسة محاور هي: الإمكانيات المتاحة للاقتصاد اليمني، أهم الاختلالات التي يعاني منها، أهم الأزمات التي يواجهها، المعالجات المناسبة للتغلب على الاختلالات والأزمات الناتجة منها، أخيرا الآلية المناسبة لتنفيذها وذلك على النحو التالي: أولا: الإمكانيات المتاحة للاقتصاد اليمني: يمكن توضيح الإمكانيات المتاحة للاقتصاد اليمني من خلال التعرف على كل من الموارد الطبيعية والموارد البشرية والبنية التحتية الصلبة والبنية التحتية المرنة وذلك على النحو التالي: 1- الموارد الطبيعية: تقدر المساحة الإجمالية للبلاد بحوالي 55 مليون هكتار وتبلغ المساحة القابلة للزراعة حوالى 1.67 مليون هكتار، أي بنسبة 3% من إجمالي المساحة الكلية للبلاد. أما المزروعة فعليا فتبلغ حوالي 1.14 مليون هكتار وبنسبة تتراوح بين 70% و84% من إجمالي الأراضي الصالحة للزراعة بحسب معدل نزول الأمطار إلا أنه يعاني من مشاكل مثل صغر الملكية وشح المياه. تقع اليمن ضمن الدول الفقيرة بمواردها المائية، إذ يتراوح معدل سقوط الأمطار ما بين 50 ملليمتر سنويا في الشريط الساحلي و200-400 ملليمتر في المرتفعات الجبلية الغربية وإلى أقل من 50 ملليمتر في الهضبة الشرقية والسواحل. وعلى هذا الأساس فإن معظم مناطق اليمن تقع في المناطق المدارية شبه الجافة. والمياه الجوفية المتوفرة في بعض المناطق محدودة وقابلة للنفاد خلال فترة قصيرة. إذ يصل حجم الموارد المائية المتاحة سنويا حوالي 2500 مليون متر مكعب سنويا في حين يصل حجم الموارد المائية المستخدمة في عام 2000م إلى حوالي 3400 مليون متر مكعب سنويا. يستخدم القطاع الزراعي حوالي 90% من إجمالي المياه المستغلة. ويتمتع اليمن بتنوع المناخ الذي يمكنه من زراعة محاصيل متعددة ومتنوعة، فدرجات الحرارة تتباين بحسب الاختلاف في الارتفاعات بين 15 درجة مئوية في إقليم المرتفعات و30 درجة مئوية في الوديان و40 درجة مئوية في إقليم الهضبة الشرقية والصحراء وقد تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر في فصل الشتاء. تتوفر للبلاد ثروة حيوانية متواضعة تتكون من 4.8 ملايين من الأغنام و4.3 ملايين من الماعز و1.34 مليون من الأبقار و0.19 مليوناً من الإبل وفقا لإحصائيات عام 2000 بالإضافة إلى ذلك يوجد في البلاد حالي 0.107 مليون خلية نحل وعدد من مزارع الدواجن. وينبغي هنا أن نشير إلى أن اليمن تتمتع بمصادر طاقة متعددة؛ أي النفط والغاز والرياح والشمس والمياه الحارة. وفي ظل استغلال هذه المصادر فإنه يمكن معالجة مشكلة المياه إلى حد كبير. يمكن لليمن أن تستغل تعدد المناخات والآثار التاريخية للترويج للسياحة في اليمن. وعلى الرغم من التطور الذي حدث في البنية التحتية للقطاع السياحي إلا أنها لا زالت أقل من المستوى المطلوب لجذب السواح. ففي الآونة الخيرة تم بناء عدد من الفنادق والمنتجعات إلا أن مستوى خدماتها إما متدن أو أن أسعارها مرتفعة مقارنة بالدخل المحلي. تتميز اليمن بطول سواحلها التي تبلغ حوالي 2000 كيلومتر على البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، وهناك عدد كبير من الجزر المنتشرة على هذه البحار. وتدل الدراسات المتعددة على غنى هذه السواحل والجزر بالثروة السمكية. إذ تقدر القدرة الإنتاجية لهذه السواحل بحوالى 400 ألف طن سنويا.. في الوقت الحاضر يبلغ الإنتاج السنوي حوالي 135 ألف طن سنويا. يتم الاصطياد في الوقت الحاضر بواسطة قوارب صيد صغيرة، حيث تصطاد ما يقارب من 80% من إجمالي الصيد. ولا توجد في البلاد أي صناعة سمكية متطورة قادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية. ومع ذلك فإن مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لا يزيد عن 0.2%. إن استغلال الثروة السمكية المتاحة محليا يحتاج إلى استثمارات كبيرة ينبغي توفيرها في ظل الموارد المتاحة. تمتلك اليمن حوالى 3 مليارات برميل من النفط الخام القابل للاستخراج، إن هذا القدر من الاحتياطي متواضع جدا مقارنة بالدول الأخرى. ومن الممكن الحصول على مخزون جديد في حال القيام باستكشافات جديدة. لكن ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن الاستكشافات النفطية في اليمن في الماضي كانت من النوع المحدود. فلم يتم حتى الآن اكتشاف أي حقول ضخمة ومن ثم فإن الاستكشافات المستقبلية قد تكون من نفس النوع. تشير التقديرات الرسمية إلى أن اليمن تملك احتياطيا غازيا يقدر بحوالى 14 تريليون قدم في الوقت الحالي يتم استغلال جزء ضئيل من الغاز المصاحب، أي حوالى 5% فقط لتغطية الاستهلاك المحلي في حين يتم إعادة ضخ المتبقي إلى الحقول مرة ثانية لعدم إمكانية استغلاله تجاريا. وقد بدأ مؤخرا استغلال الغاز المؤكد في حوض مأرب الجوف تجاريا. تشير العديد من المصادر الرسمية وغير الرسمية إلى وجود بعض المعادن المهمة مثل الذهب والبلاتينيوم والتيتانيوم والجبس والرخام وبعض المناجم الحجرية غير أنه ينبغي التنبيه إلى أن الدراسات الأولية لم تشر إلى حجم الجدوى الاقتصادية لاستغلال هذه المعادن. ونظرا للطبيعة الجيولوجية لليمن فإنه يتوفر فيه عدد كبير من الأحجار ذات الخصائص الجيولوجية والجمالية المتعددة. وقد تنبه اليمنيون لذلك منذ القدم فأقاموا المحاجر المختلفة لاستخراج الأحجار المختلفة واستخدامها في البناء. وقد طور اليمنيون أيضا أساليب للبناء متميزة تنسجم مع المظاهر الجمالية للأحجار اليمنية. تتمتع اليمن بموقع جغرافي ممتاز بأهلها لتحويل نفسها إلى مركز تجاري إقليمي مهم. فاليمن يقع على مقربة من أهم مراكز الإنتاج العالمية الحالية والمستقبلية. تحتل منطقة جنوب شرق آسيا مركزاً مهماً في التجارة الدولية. هذه المنطقة تشارك فيما يقارب من 20% من حجم التجارة الدولية, تأتي اليابان في مقدمة هذه الدول ثم الصين وكوريا وأندونيسيا وماليزيا من المتوقع أن يزداد نصيب هذه المنطقة من التجارة الدولية وذلك بسبب النمو المتصاعد في الاقتصاد الصيني مما سيؤدي إلى زيادة نصيبها من التجارة الدولية في المستقبل. لقد أدى انتشار التجارة اليمنية في جميع مناطق الجوار مثل التجار اليمنيون أهم التجار في كل من السودان وإثيوبيا واريتريا وجيبوتي والصومال والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول العالم. بالإضافة إلى ذلك فإن التجار اليمنيين يتواجدون بقوة في كل من اندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وغيرها من دول جنوب شرق آسيا. إن هذا التواجد يمثل أهم حلقة بين الدول المنتجة والدول المستهلكة يمكن البناء عليه لتحويل اليمن إلى مركز تجاري إقليمي. يجاور اليمن عدداً من الدول الأخرى. يزيد عدد سكان هذا الدول عن 100 مليون شخص ويزيد الناتج القومي لهذه الدول عن خمسين مليار دولار. 2- الموارد البشرية يبلغ سكان اليمن في الوقت الحاضر حوالي 23 مليون نسمة ويتزايد السكان بمعدل مرتفع يبلغ حوالي 3% سنوياً. ارتفع عدد السكان في سن العمل (15 سنة فأكثر) من 7.6 ملايين في عام 1995م إلى 9.3 ملايين في عام 2000 وبمعدل نمو سنوي وقدره 4.1%. وبطبيعة الحال فإنه لا يمكن تصور أن يدخل سوق العمل جميع من هم في سن العمل لاعتبارات عديدة. كما بلغت نسبة مشاركة العاملة في عام 2000 حوالي 56% وتتوزع على النحو التالي: نسبة مشاركة الذكور حوالي 35% ونسبة مشاركة الإناث حوالي 11%. ويلاحظ تغير ملموس في هيكلية القوى العاملة خلال الفترة من 1995 إلى 2000. إذ كانت نسبة المشاركة
الإجمالية في عام 1995 حوالي 46% موزعة على النحو التالي: نسبة مشاركة الذكور حوالي 37% ونسبة مشاركة الإناث حوالي 9%. 3- البنية التحتية الصلبة لقد اهتم اليمن في البنية التحتية الصلبة والذي يتضح من خلال القيام بشق الطرق وسفلتتها وبناء المطارات والموانئ وتحديث وسائل الاتصالات والمواصلات وغير ذلك, فهناك عدد لا بأس به من المدارس الأساسية والثانوية. ويتوفر لليمن عدد من الجامعات الحكومية والأهلية. لكن كل ذلك لا يتناسب مع حجم الموارد الطبيعية والبشرية, فلا زال اليمن يعاني من نقص حاد في الطاقة الكهربائية وقصور كبير في مجال الطرق وتدن كبير في التكنولوجيا الحديثة والبحث العلمي. لا يتوفر لليمن نظام مصرفي فعال ولا سوق مالية معقولة. صحيح أن هناك عدداً من البنوك التجارية والإسلامية لكن الصحيح أن هذه البنوك هي أشبه بالشركات التجارية منها بالبنوك. ذلك أنها لا تملك وسائل فعالة لجذب المدخرات ولا تقدم التمويل للمستثمرين هذه البنوك يسيطر عليها البيوت التجارية والتي تستخدمها لتمويل الاستيراد ولذلك فإن مساهمتها في التنمية الاقتصادية متدن. 4- البنية التحتية المرنة لا يتوفر لليمن القدر الكافي من البنية القانونية والممارسات واللوائح القادرة على تحقيق قدر معقول من الوضوح والعدل يوفر الحد الأدنى من الثقة في التعاملات الاقتصادية ومعالجات المنازعات والاختلافات حال حدوثها بطريقة فعالة وعادلة. فقد تعددت التوجهات الأيديولوجية والفكرية بين النخب السياسية مما تسبب في تعدد المرجعيات التعليمية والقيمية. ونتيجة لذلك فقد تعددت المسارات الاقتصادية له عبر مراحل تاريخية مما تسبب في حدوث تداخل بينها والذي لازال قائماً حتى الوقت الحاضر. ومن أهم مظاهر تصنف على القصور الواضح في قدرة المؤسسات في المجتمع اليمني بالقيام بدورها على النحو المطلوب. فالدولة ليست قادرة على إدارة شؤون البلاد وفقاً لاختصاصاتها المحددة في الدستور. لأنها لم تنجح في إقامة هيكلية تنظيمية فعالة. الدولة اليمنية تصنف على أنها اليمنية في الديمقراطيات الناشئة. فالظهور العلني للأحزاب السياسية في اليمن كان بعد تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990. لقد أثرت هذه الخلفية على التعددية السياسية التي قامت بعد الوحدة. صحيح أن الدستور قد ضمن حق إنشاء الأحزاب السياسية وفقاً للقانون لكن ما حدث فعلاً هو أن القوى السياسية التي كانت موجودة من قبل هي التي ظهرت إلى العلن غير متخلصة من التشوهات التي لحقت بها إبان العمل السري ولقد كان لذلك العديد من التأثيرات السلبية على عمل المؤسسات الديمقراطية الجديدة. فقد أصرت العديد من الأحزاب اليمنية في المحافظة على أيديولوجيتها القديمة التي لا يمكن أن تتواءم تماماً مع المفاهيم الديمقراطية. وبعض الأحزاب الجديدة حتى وإن كانت غير أيديولوجية فإنها تعمل على زيادة حساسيتها ضد الفساد وبالتالي العمل بكل جهد ممكن لمحاربته. ونتيجة لذلك فلم تنجح القوى اليمنية في الاتفاق على تحديد دقيق لوظائف الدولة وعلى وجه التحديد وظيفتها الاقتصادية. فعلى الرغم من إعلان اليمن بأنها لرئاسة صلاحيات اقتصادي الرأسمالي أي الاقتصاد الحر أي اقتصاد السوق لكن ما تمارسه مؤسسات الدولة في الواقع في الوقت الحاضر لا يتفق مع ذلك تماماً. ولذلك فإن السلطة التنفيذية في اليمن لازالت تعاني من جوانب قصور متعددة فالدستور اليمني قد أعطى مؤسسة الرئاسة صلاحيات واسعة لكنه قد حد من مسؤوليتها بشكل كبير. وعلى العكس من ذلك فإنه قد حمل مجلس الوزراء مسؤوليات المنظم وحد من صلاحياته بشكل كبير. يمتد عدم التوازن هذا إلى المستويات الدنيا من السلطة التنفيذية, فلا يوجد توازن في الصلاحيات والواجبات بين رئيس مجلس الوزراء وأعضائه وذلك لصالح رئيس المجلس ولا بين الوزير قيادة الوزارة لصالح الوزير ولا بين المستويات الدنيا الأخرى لصالح الرؤساء. ولقد ترتب على ذلك عجز الحكومة عن القيام بواجباتها الدستورية على أكمل وجه. وتعاني السلطة القضائية هي الأخرى جوانب قصور متعددة. فهي لا تتمتع بالاستقلال ولا بالاحترام من قبل غالبية المواطنين. ولذلك فإنها غير قادرة على ممارسة دورها في تحقيق العدالة بين المواطنين ناهيك عن قدرتها على ممارسة هذا الدور بين المواطنين وسلطات الدولة أو بين السلطة التنفيذية ذاتها. لقد أثر ذلك وبشكل كبير على سيادة القانون. فالعديد من القوانين لا تطبق وإذا طبق بعضها فإن ذلك يتم بانتقائية شديدة. وفي ظل قضاء كهذا فإنه لا معنى للحديث عن الحكم الصالح ولا عن احترام حقوق الإنسان ولا عن أي نوع من العدالة. وعلى وجه التحديد فإن تحقيق العدالة الاجتماعية يكون صعب المنال. مجلس النواب هو الآخر يعاني من مظاهر العجز والقصور الشديد. ويظهر ذلك جلياً من خلال ملاحظة حجم القوانين والتشريعات التي ناقشها المجلس وأقرها منذ أول مجلس منتخب وحتى اليوم. صحيح أن هناك عدداً كبيراً منها لكن تأثيرها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي محدود للغاية. تتمركز لصلاحيات والمسؤوليات في المؤسسات المركزية, فعلى الرغم من أن اليمن قد بدأ تجربة الحكم المحلي أو السلطة المحلية منذ ما يزيد عن عشر سنوات إلا أن العلاقة بين مؤسسات الحكم المحلي والسلطات المركزية لا تزال غير واضحة. ونتيجة لذلك فلا زال اليمن يعاني من المركزية الشديدة وكذلك من الفوضى وعدم الانضباط في عمل مؤسسات الحكم المحلي. تعاني الدولة في اليمن من منافسة قوية من قبل مؤسسة القبيلة, هناك ازدواجية بين وظيفة الدولة في اليمن ووظيفة القبيلة. ولا شك أن ذلك قد انعكس سلباً على عمل مؤسسات الدولة الحديثة التي تقوم على أساس المواطنة المتساوية والتعاون بين أصحاب المهن وبين المستفيدين من الخدمات العامة واللجوء إلى مؤسسات الدولة المختصة لتوفير الأمن وتطبيق العدالة وغيرها من المؤسسات الأخرى. اليمن لم تنجح في تطوير مؤسسات القطاع الخاص. فلا زال اليمن في الوقت الحاضر غير قادر على القيام بوظائفه على النحو المطلوب. فهناك تنافس غير عادل بين مؤسسات القطاع العام ومؤسسات القطاع الخاص. فالقطاع الخاص في اليمن لازال يعاني من عدد كبير من العقبات. إذ يتكون القطاع الخاص في اليمن من مكونين: القطاع الخاص المنظم والقطاع الخاص غير المنظم. وتقدر المصادر الرسمية حجم القطاع غير المنظم بحوالي 25%. غير أن هناك اعتقاداً واسعاً بين عدد من المتخصصين بأن نسبة القطاع غير المنظم تصل إلى 40%. وهذه نسبة لا شك كبيرة. ويتواجد القطاع غير المنظم في معظم القطاعات الاقتصادية. أما القطاع الخاص المنظم فيتكون من المنشآت الصغيرة التي توظف حوالي واحد إلى أربعة عمال وتمثل حوالي 95% من من إجمالي عدد منشآت القطاع. أما عدد المؤسسات المتوسطة الصفوف أكثر ما بين 5-9 عمال فتمثل حوالي 4%. في حين أن المنشآت الكبيرة والتي توظف أكثر من عشرة عمال تمثل حوالي 1%. يأخذ الشكل القانوني للنسبة الكبيرة من هذه المؤسسات شكل الملكية الفردية ونسبة ضئيلة تأخذ شكل الشراكة ونسبة ضئيلة جداً تأخذ شكل الشركات المحدودة وتكاد تنعدم الشركات المساهمة وذلك يعني أن القطاع الخاص يعاني من التشتت وقلة رأس المال وضعف الإدارة. فصغر المؤسسات الخاصة وتشتتها يؤدي إلى تخلف الأساليب المحاسبية التي تتبعها هذه المؤسسات. وفي هذه الحالة فإنه من الصعب تحديد تكاليف وعوائد أنشطة هذه المؤسسات بالدقة المطلوبة مما قد يتسبب في إهدار الموارد النادرة ومن ثم فإنه لا معنى لأي شراكة مع قطاع غير رشيد. تعاني مؤسسات المجتمع المدني في اليمن من الضعف الشديد. ولذلك فقد تقلص دوره في الضغط على الحكومة لتبني قدر كبير من الشفافية واللامركزية. وكذلك فإنه لا توجد آليات محايدة تعمل على إثارة النقاش العام الهادف حول سياسات وإصلاحات الحكومة بهدف العمل على إيصال الحقيقة للمواطنين وعلى تمكين الحكومة من التعرف على مواقف المواطنين وآرائهم بالخدمات التي تقدمها لهم. يمارس الإعلام دوراً ضعيفاً في الحياة الاقتصادية. صحيح أن هناك تنوعاً في بعض وسائل الإعلام وخصوصاً المكتوبة منها ولكن الصحيح أنه لا توجد وسائل إعلام محايدة تهتم قط بمعرفة الحقيقة وإيصالها إلى من يبحث عنها حتى يكون قادراً على اتخاذ القرار المناسب. فوسائل الإعلام الرسمية هي المسيطرة. فالإذاعات المحلية تتبع وزارة الإعلام وكذلك القنوات التلفزيونية. ونفس الأمر ينطبق على الصحف الرسمية. وفي ظل أوضاع كهذه فإن الشفافية تصبح نادرة أو منعدمة مما يؤثر سلباً على تعامل المجتمع مع العديد من القضايا والموضوعات والتي تشكل الجوانب الاقتصادية أهمها.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.