*سوء التقدير، قلة الإنصاف، ونقص الحقوق، التي مارستها فئة نافذة تعمل داخل مؤسسة الثورة للنشر ضد الأستاذ محمد العولقي رئيس تحرير صحيفة الرياضة وأدت إلى تقديم الأخير استقالته بعد مرور ستة أشهر تقريبا على تعيينه في منصبه، تذكرني بالحكاية القديمة التي تزعم أن الثعلب أراد مرة أن يختطف عنقودا من العنب فأعياه أمره وأحس بالعجز عنه، فارتد وهو يقول إنه حامض؟ *وتحقير الشيء الذي لا يستطاع إدراكه شيمة الطبائع الخسيسة من البشر، وهذه الثعلبية متفشية بيننا تفشيا واسعا، وما أن يبرز العمل العظيم حتى تجد نظرات البرود محيطة به، فإذا أثرت حديثا حوله وجدت هذا يهز كتفيه استخفافا!! *ماذا يخسر الناس إذا أعطوا كل ذي فضل فضله؟ لا شيء!! ولكن اضطراب مقاييس الكفاية عندنا أدى إلى فوضى في التقدير تركت طابعها في أعمالنا وأخلاقنا. *ونتيجة هذه الأخطاء المتعمدة أن كفايات كثيرة تموت في هذه البيئات الحاقدة، كما تموت الأزهار الغضة في التربة الحدية، لا تجد خصبا يغذيها.. مع أننا في بلادنا بحاجة ماسة إلى مواهب وكفاءات كل ذي موهبة ونبوغ، ونتيجة أخرى لا تقل شرا: هي أن القاصرين والمقصرين يفسح لهم المجال الذي خلا من أصحابه الجديرين به، والويل للأمم التي يتقدم بها أغبياؤها بالوسائط المفتعلة من مال أو جاه، ويتأخر فيها أذكياؤها المضيعون. *أجل.. البلد الذي يحارب فيه الذكاء لا تقوم له قائمة، ولا تعلو له راية، فإن حق الذكاء أن يشجع ويدفع إلى الأمام، لا أن يخذل ويوارى بريقه، وشر من ذلك أن يقلد الرجل في عمل ثم تجحد مكانته فيه، ويكون أول من جحدوه هم أول من تعلموا منه وقلدوه!! *والواقع أننا لو حللنا البواعث التي تدفع إلى الاستهانة بالفضلاء، والتطاول على الأكفاء لما وجدناها إلا المشاعر نفسها التي دفعت ابن آدم إلى قتل أخيه، والتي دفعت إبليس إلى احتقار آدم، والتي لا تزال تدفع كل مغموص في عقله أو دينه إلى أن يرفع خسيسته على حساب ذوي العقل والكفاءة، أو ذوي المهارة والخطر. وهي مشاعر لا قرار معها لإيمان في قلب.. ولا قرار معها لتدين في مجتمع.