خيمت أجواء الانقسام السياسي بين كتل الائتلاف الحاكم البرلمانية على نقاشات ومداولات مجلس النواب خلال دورته الحالية، حيث شهدت معظم جلسات البرلمان مشادات كلامية ومناكفات حزبية بين أعضاء البرلمان، وتطورت في بعضها الى ملاسنات بين النواب أو بين النواب وممثلي الجهات الحكومية. وفيما سادت عدداً من الجلسات البرلمانية أجواء التوتر بين الكتل البرلمانية خلال الأسابيع شهدت جلسة البرلمان يوم أمس مشادات كلامية بين رئيس كتلة المؤتمر سلطان البركاني وعضو كتلة العدالة والبناء عبدالعزير جباري على خلفية انتقاد الأخير أنباء تعيين محمد صالح الضنين قائدا لقطاع المخاء بمحافظة تعز، وأبدى النائب جباري شديد انتقاده لاقتصار التعيينات في المنافذ البرية والبحرية على القادة العسكريين من منطقة سنحان قائلا: "بعد قيام الثورة والتضحية بالدماء والأرواح لا يجوز تعيين الأسوأ"، مناشداً الرئيس حسن اختيار قادة المنافذ قائلاً:" اتقوا الله، سنحان وحاشد قتلونا.. هناك كفاءات في هذا البلد فلنمنحهم الفرصة، ألا يوجد قادة من غير سنحان". من جهته حاول البركاني إقناع جباري والمجلس أن ما قيل عن تعيين محمد صالح الضنين، الذي ينتمي إلى سنحان، ليس سوى خبر تناولته بعض الصحف والمواقع المحسوبة على حزب الإصلاح ، حد تعبيره، مدللاً على عدم صحة الخبر بتواصله مع رئيس الجمهورية ومحافظ محافظة تعز الذين نفوا الخبر، وأنهى البركاني مداخلته بوصف جباري بأنه "غير منصف وغير صادق". وفي نقطة نظام بادر جباري إلى الرد على مداخلة البركاني بالقول:" أنا دائما أتحاشى الرد على البركاني لاعتبارات عديدة، ومنها أنني لا أريد أن ازيد على جرحه جرحا آخر". وأضاف مخاطبا البركاني: "أنت دائما تتهم كثيرا من الناس، ونحن لم نتهم يوما بنهب المال العام ولا بتسميم الحياة السياسية وقلع العداد، فلا تحاول الإساءة لزملائك.. اكتشفت بعد ثلاثين سنة ان سعيك ذهب هباء لأنك لا تتبع إلا مصالحك الشخصية". فرد عليه البركاني بالقول: جباري كان يأتي إلى المجلس وليس لديه تلك السيارات الفخمة والبدلات الأنيقة وكان فقيرا مثلما هو حالنا في المؤتمر، لكنه اليوم بعد أن انتقل إلى مكان آخر أصبح يلبس ملابس الملوك والوزراء والتجار". مناكفات الآمس ليس سوى امتداداً لما يشهده البرلمان اليمني من مناكفات ومشادات عقيمة خلال الدورة البرلمانية الجارية، فما ان يفتح النقاش حول قضية معينة إلا وذكر الطرف الآخر بأنه يحمل أوزارا لا تقل عن أوزار الآخرين، فقضية التجنيد الوهمي والمخالف للقانون التي تم مناقشتها تحت قبة البرلمان أثارت ردود أفعال أشبه بالمناكفات بين نواب المؤتمر والمشترك، ففي حين طالب النائب عن حزب الإصلاح وزير الدفاع للحضور للرد على أسئلته عن صحة رفض قائد الحرس الجمهوري تسليم صواريخ (سكود) لقيادة الدفاع، معتبراً المؤسسة العسكرية تابعة لليمن وليس لأحمد علي أو علي محسن، ويجب إخضاع الحرس والفرقة لقيادة الدولة لا ان تظل قوات عائلية تهددنا بالحروب بين الحين والآخر". انتقد نواب عن كتلة المؤتمر أسئلة الهجري، واعتبر النائب عزام صلاح الأسئلة الموجهة من النائب الهجري وقال: "إن هذه الأسئلة لا تفيد القضية الوطنية، وإنما هي مكايدة سياسية".. مبدياً استغرابه من مطالبة بعض النواب بسحب الصواريخ من قيادة الحرس قائلا: "منظومة الصواريخ هي جزء من الدفاع اليمني فما الضرر من ان تظل تحت قيادة الحرس الجمهوري" مطالباً وزير الداخلية للحضور الى البرلمان للرد على سؤاله حول تجنيد وزارة الداخلية (16) ألف فرد بالمخالفة للدستور ووفقا لمعايير حزبية ضيقة وبالمخالفة لجميع القوانين. بالمقابل أبدى عضو كتلة الإصلاح النائب عبدالرزاق الهجري استياءه من انتقادات زملائه النواب لسؤاله بخصوص صواريخ (سكود) وقال:" أعيب على زملائي الذين يريدون تعليمنا أبجديات العمل البرلماني بعد عشر سنوات أمضيناها في المجلس". وفي خضم المناكفات شعر بعض أعضاء البرلمان بأن وجودهم كعدمه، كون القضايا التي يعرضونها على البرلمان لا تحظى بتأييد أي طرف من الأطراف بل يتم تجاهلها، وهو ما حدث مع عضو البرلمان عن محافظة صعدة عبدالسلام هشول زابية، قدم استقالته رسمياً من البرلمان، واصفاً البرلمان بأنه لا يتعامل مع أبناء اليمن، بصورة متساوية، ولأن أبناء صعدة لديهم حقوق لدى الدولة، لم يستجب لها البرلمان والحكومة وأضاف:«لا يشرفني البقاء في برلمان لا يحترم نفسه ولا يحترم الشعب». ويطالب هشول منذ عام بحقوق لأبناء محافظة صعدة، من الشهداء والجرحى، والجنود الموقوفة رواتبهم، والتي رفض وزير الدفاع اعتمادها، حسب قوله. وكان هشول قد أغلق البوابة الرئيسية لقاعة مجلس النواب في وجه وزير الدفاع الأسبوع قبل الماضي احتجاجاً على عدم النظر في القضية كما لم يرد على سؤاله، مما اضطر وزير الدفاع الخروج من القاعة الخلفية للقاعة، ومن ثم قدم زابية اعتذاره للوزير عما بدر منه . وتؤكد قضية رفض ومن ثم إقرار اتفاقية قرض مشروع مزرعة الرياح في المخاء ان بعض القضايا التي تم تداولها في البرلمان، وأثارت خلافات واسعة بين الكتل البرلمانية تخرج عقيمة، ففي الأمس -أيضاً- أقر مجلس النواب في اتفاقية قرض مشروع إنشاء مزرعة للرياح بقدرة (60) ميجاوات في المخاء، المبرمة بين حكومة بلادنا والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، بمبلغ (18) مليون دينار كويتي ما يعادل 65 مليون دولار أمريكي ، وجاء إقرار البرلمان للاتفاقية بعد أيام من رفض كتلته البرلمانية إقرار القرض احتجاجاً على عدم حضور وزير الكهرباء للالتزام بتوصيات المجلس بشأن الاتفاقية رغم حضور وكيل وزارة الكهرباء ورئيس المؤسسة العامة للكهرباء وإعلان الأول التزامه بالتوصيات الواردة في تقرير اللجنة البرلمانية الخاص باتفاقية القرض، غير ان كتلة المؤتمر اشترطت حضور وزير الكهرباء المحسوب على اللقاء المشترك للتصويت على القرض وانسحبت من الجلسة ، كما شهدت الجلسة نفسها انسحاب عدد من نواب للتعبير عن رفضهم للاتفاقية التي قالوا إن اتفاقية القرض تندرج في إطار القروض المحرمة كونها تتضمن فوائد ربوية. موقف كتلة المؤتمر قوبل باستهجان عدد من الأعضاء، معتبرين ان هذا الموقف يأتي في إطار المكايدات السياسية بين الأحزاب، كما انتقد النائب فؤاد واكدة ضعف فاعلية أعضاء البرلمان في المواضيع الاقتصادية والتنموية وتفاعلهم في صعيد المناكفات والمكايدات السياسية، واتفق معه في ذلك النائبان المستقلان سالم منصور حيدرة ومحمد مقبل الحميري. كما دعا النائب عبدالرزاق الهجري إلى الكف عن المناكفات والوقوف الى جانب الحكومة ودعمها للقيام بواجباتها وقال: "من المعيب ان تصل بنا المناكفات السياسية الى حد الإضرار بمصالح الوطن". من جانبه قال النائب عبدالعزيز جباري: "ان مصالح البلاد ستضيع بين فرقاء العمل السياسي داخل المجلس"، معاتبا كتلة الإصلاح على انسحاب ثلاثة من أعضائها مع كتلة المؤتمر من الجلسة، ودعا جباري العقلاء في كتلة الإصلاح والمؤتمر الى "عدم الاستماع لما يقوله البركاني وأصحاب الفتاوى الذين يحرمون كل شيء". داعيا في الوقت ذاته بعض نواب الإصلاح الى الاختيار بين العمل السياسي او العمل الدعوي. مبدياً موافقته على اتفاقية القرض، كون المشروع سيقام في المخاء وليس في مأرب ، حد تعبيره. وفي المقابل استغرب النائب المؤتمري عبدالعزيز كرو الانتقادات الموجهة لكتلة المؤتمر واعتبر انسحابها مناكفة سياسية وقال:" المناكفات السياسية في هذا المجلس أصبحت في كل شيء، حتى في الأسئلة الموجهة للحكومة من قبل نواب المشترك والتي توجه فقط للوزراء المحسوبين على المؤتمر. الحروب الكلامية التي تطغى على البرلمان قللت من دور البرلمان في النظر للقضايا الوطنية المهمة التي تتهدد امن واستقرار الوطن والمواطن.