كلما تزايدت حدة الصراع الأمريكي الإيراني كلما انعكس ذلك على المنطقة العربية وبالذات الخليج واليمن، وعلى نفس المستوى لبنانوسوريا، وبموازاة نشر تقرير استخباراتي اميركي كشف عن قيام إيران بنشر 30 الف عنصر استخبارات حول العالم، في نطاق جغرافي يمتد من لبنان إلى الأرجنتين. وبدت السياسة اليمنية مغايرة في علاقتها مع إيران إذ خففت من وتيرة اتهاماتها لإيران وسعت للتهدئة بعدما رشح عن اتصالات رفيعة غير معلنة عبر سلطنة عمان في محاولة لحلحلة الأزمة، التي كانت اتخذت مسارا تصاعديا عقب اتهامات لإيران بالتدخل بالشأن اليمني من خلال تمويل الحوثيين والحراك الانفصالي ورصد الأجهزة لشبكة تجسس في اليمن. وكان التقرير الذي قام بإعداده عدد من أجهزة الاستخبارات الاميركية، وحصلت على نسخة منه صحيفة «الشرق الأوسط ان وزارة الاستخبارات الإيرانية توفر الدعم اللوجيستي والمالي للعملاء في حين يشرف الحرس الثوري الإيراني على العمليات الميدانية للجواسيس. وخلافا لذلك، وفيما يمكن عده تطورا لافتا في سياسة رئيس الجمهورية نحو الحوثيين، ويعد تمهيدا ضروريا لمشاركة كل الأطراف في الحوار القادم دون إقصاء لأحد، فقد مثّل لقاء الرئيس بوفد يمثل عبدالملك الحوثي بمثابة إسقاط لعداوة الدولة مع جزء من الشعب، وهي رسالة واضحة لخلق توازنات جديدة بعيدا عن العداوات المطلقة، وهو قرار سيكون له تبعاته بالتأكيد سواء على مستوى الداخل المتمثل بحزب الإصلاح وعلي محسن اللذين لم يبديا موقفا رسميا بعد، مع أن تقارباً مثل هذا سيعد ضربة قاصمة، أو على مستوى المملكة السعودية التي لن تكون سعيدة بخبر كهذا، فيما هي تعتبر الحوثيين أعداء يتوجب استئصالهم وهو اتهام مالبث الحوثيون يرددونه عن إعداد المملكة لحرب جديدة ضدهم، وكان جيشها قد دخل في الحرب السادسة مع الحوثيين، ولم يحقق نصرا يُذكر، وانتهت الحرب بناء على اتفاق بعد أن توغل مسلحي الحوثي داخل الأراضي السعودية. الرئيس بكسره حاجز القطيعة مع الحوثيين، مع أن ذلك يعد بمثابة تأكيد على تواجدهم إلا أنه بالمقابل يعد تراجعاً في موقف الحوثيين إزاء شرعية الرئيس واعترافه بها. وثانيا: يكون الطرفان قد تمكنا من خلق علاقة مباشرة بعيدا عن الوسطاء أو مايقرأه كل عن الآخر من الصحف أو من خلال تقارير حزبية أو أمنية. هادي أنهى قطيعة ظلت ممتدة منذ توليه للرئاسة، والذي تكرست بعد مقاطعة الحوثيين للانتخابات الرئاسية، وعدم اعترافهم من أن تغيير حصل بعد الثورة، حيث التقى وفدا ممثلا للحوثيين على رأسهم البرلماني عبدالكريم جدبان وعبدالكريم الخيواني وعلي البخيتي، تم فيه مناقشة ماله علاقة بصعدة وجماعة الحوثيين ومسألة دخولهم الحوار القادم. وفي تطور لافت لسياسة الحوثيين تجاه الرئيس أكد جدبان أن في اللقاء تم مناقشة كثيرا من القضايا، وكانت وجهات النظر متطابقة في كثير منها. موضحا: أن الرئيس كان لديه تشويش كبير نتيجة الدس الرخيص من قبل الصحف الصفراء، وبعض الجهات التي تسعى دائما الى النيل من أنصار الله، والتحريض عليهم ومحاولة إفساد العلاقة بين انصار الله وبين الرئيس. وفي تخفيف لوطأة رفض الحوثيين لقرار الهيكلة من قبل المكتب الإعلامي، معتبرا أنه ناقص فقط. أكد: اوضحنا لفخامة الرئيس كثيراً من الأمور الملتبسة وكانت الرؤية لديه، حسب الصحف الصفراء أن جماعة انصار الله والسيد عبدالملك ضد قرارات الهيكلة الاخيرة، فأوضحنا له: هذا غير صحيح، وان هذا دس رخيص ومغرض، واننا تفاءلنا كثيرا بالقرارات الاخيرة، إلا انها كانت ناقصة، وينبغي أن تُستكمل. وتابع: طالبناه بتغيير السياسات القديمة التي انتهجت مع جماعة انصار الله ، ومع الشعب اليمني عموما ، حتى يطمئن ويحس بالتغيير وطالبناه بإصلاح الانتقاص في نسبة التمثيل ، لأن التمثيل الذي تم ليس على أساس محافظة صعدة، ولا على أساس مذهبي، لأن انصار الله متواجدون الآن في أكثر المحافظات الشافعية والزيدية. أيضا تم طرح مسألة تسليم رفات حسين الحوثي، الذي كانت "الوسط" في عددها الماضي، قد أكدت عدم علاقة صالح بتسليم الرفات، وأن ذلك تم بتوجيه هادي، وهو ما أكده جدبان في تصريح صحفي، حيث كشف عن موقع دفن جثمان حسين بدرالدين الحوثي، الزعيم الروحي لجماعة الحوثي، والذي قُتل على يد قوات الجيش اليمني في العام 2004. وقال: إن رفاة الحوثي كانت مدفونة في السجن المركزي في صنعاء ، واوضح جدبان انه تم تسلم رفات الحوثي الاسبوع قبل الماضي بتوجيهات من رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، وانه مازالت جماعة الحوثي تنتظر نتائج فحص ال"دي إن إيه" الذي يجرى في الخارج للتأكد مما اذا كانت الرفاة هي لحسين الحوثي.. موضحا أن قضية تسليم الرفات لم تكن صفقة سياسية، لأنها مسألة انسانية اخلاقية بحتة، وكانت من البنود العشرين التي تقدمت بها لجنة الحوار الوطني الى فخامة الرئيس والمتعلقة في حل مشكلة صعدة، واصفا اللقاء بأنه كان هادئاً وودياً وحميمياً للغاية. ونفى جدبان ما ورد في ما اعتبرها "صحفاً صفراء" التي قالت مطلع الاسبوع الماضي: إن عملية تسليم الرفات تمت بعد زيارة نفذها عبدالملك الحوثي الزعيم الحالي للجماعة الى العاصمة صنعاء، حيث التقى الرئيس السابق علي عبدالله صالح، واتفق معه خلال اللقاء على تسليم جثمان اخيه حسين. وقال: تسليم الرفات كان بنداً واحداً من البنود الخاصة بصعدة، والتي قدمتها اللجنة للحوار الى الرئيس، ومنها الاعتذار الرسمي عن الحروب التي جرت على صعدة ، وتأمين الطريق الى صعدة والكشف عن المختفين قسرياً، واعتبار قتلى وضحايا صعدة شهداء في الحروب الست، واعادة المفصولين والمنقولين تعسفاً وصرف مستحقاتهم القانونية ، ورفع العراقيل عن حصة صعدة من الدرجات الوظيفية والمشاريع، لأن التنمية متوقفة عن صعدة منذ اكثر من 12 عاما والحروب جاءت لتستكمل تدمير ما تبقى من البنية التحتية. واضاف: ناقشنا مع الرئيس قضية الاعمار في صعدة فهو الآن متوقف تماما، حيث حصل إعمار بسيطاً على حساب صندوق إعمار صعدة، وهناك في صعدة اكثر من 28 الف منشأة، ما بين بيت ومدرسة ومسجد ومزرعة دمرت خلال الحروب الست، التي تمت على المحافظة وطالبنا برصد تمويلات لإعادة الإعمار تكون في مستوى هذا الدمار. إلى ذلك وفيما له علاقة بالطرف الخارجي (إيران) الذي في العادة يتهم الحوثيون بعلاقتهم بها عقد السفير الإيراني في اليمن الأحد الماضي مؤتمراً صحفياً فنّد فيه الاتهامات ضد بلاده، ونفى ضلوعها بتجنيد شبكات تجسسية في اليمن، أو بدعمها لانفصاليين في اليمن، وهو ماظلت السلطات في اليمن تتهم به إيران. وقال محمود حسن زاده: ان ما تم الكشف عنه عن تفكيك شبكة تجسس إيرانية وضبط معدات تجسس في عدن، فضلا عن اتهامات رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي للتيار المتشدد في الحراك الجنوبي بتلقي الدعم من ايران، هي نتيجة "تقارير غربية مضللة". واضاف السفير: "الاتهامات للجمهورية الاسلامية كانت من قِبَل النظام السابق بدعم جماعة الحوثي، والنظام الحالي يتهم إيران بدعم الحراك لانفصال الجنوب، وشبكات التجسس، هي تقارير غربية مضللة تلقاها الرئيس هادي". ونفى اية علاقة لإيران بضبط حاوية تحتوي معدات تجسس في عدن قبل شهرين. وردا على سؤال حول الاتهامات التي وجهت من قبل الحكومة الجديدة والرئيس هادي، قال السفير: "قد تكون هناك تقارير غير صحيحة تصل للمسؤولين في مثل هكذا اتهامات". وتساءل: "ماذا تريد إيران من التجسس على اليمن، هل على المفاعل النووي او على اقتصاد اليمن ام على معسكراته؟"، مضيفا "اذا كانت لدى اليمن أية ادلة بخصوص ذلك فعليه تقديم تلك الأدلة". وفي إشارة للسعودية قال: "يجب أن لا نسمح لأحد او للدول المجاورة بإثارة الفوضى والنزاع في المنطقة.. مشيراً إلى أن إيران تسعى منذ ان توحد اليمن لترسيخ الوحدة اليمنية، ولم تتغير سياستها حتى الان، متمنيا أن تخرج اليمن من هذه الازمة والظروف الصعبة التي تمر بها. وتحدث السفير الايراني خلال المؤتمر عن السفينة "ماهان" التي ضبطتها السلطات اليمنية في العام 2009، بتهمة نقل اسلحة -خلال الحرب التي كانت دائرة مع الحوثيين آنذاك-. مشيرا إلى أنه عندما القت السلطات اليمنية القبض على السفينة كانت اليمن تشهد الحرب السادسة ضد الحوثيين وتم تسييس الأمر، وبأننا ندعم الحوثيين، وهذا ليس له أي أساس من الصحة.. واتهم السفير الايراني أياد لم يسمها تسعى لتخريب العلاقات بين البلدين.. مؤكدا ضرورة استيعاب ما يحدث من تضليل للعامة في نقل الاخبار. واعتبر حسن زاده ان العلاقة بين البلدين في الوقت الحالي "لا ترتقي للعلاقة بين شعبين تربطهما علاقات تاريخية". واستغرب السفير كماليان مما وصفها باتهامات السفير الامريكي بالتوسع في اليمن، وقال السفير الامريكي ليس حاكما لليمن ومتحدثا باسمها، وتصريحاته هذه تعتبر توسعا وتدخلا في شؤون اليمن. وفيما يبدو ان دولا إقليمية تسعى إلى جعل اليمن ساحة حرب ضد إيران لتدير حربها بالوكالة عنونت صحيفة الرياض السعودية مقالها الافتتاحي ب"احذروا من يمن إيراني"! حيث وصفت اليمن بالبطن الرخو مقارنة بسورياوالعراق وجاء في الافتتاحية (إيران لعبت دوراً مشتركاً مع أمريكا في ابتلاع العراق، ومع أن المؤشرات العراقية أخذت تتجه إلى الضد، أي رفض رجلها الأول المالكي وخروج الشارع لإسقاطه، فإن إيران لا تريد نهايات صعبة لها سواء في سوريا أو العراقولبنان، ويبقى البطن الرخو اليمن، وقطعاً لن تكون المعركة هذه المرة على أرض تجاور إيران بل في عمق الجزيرة العربية لتشكل طوق حصار على الدول الخليجية، وتفتح نوافذ مع الصومال مع وجود عملي على البحر الأحمر، الذي يظل ساحله عربياً بالدرجة الأولى). وأوضحت" أن (دول الخليج تدرك ما تعنيه إيران بوجودها في اليمن، فهي تسعى لجعل المذهب الزيدي، والذي ظل الأقرب بالتمازج والتواصل مع السنة في اليمن وخارجها، وترى أن تطابقاً معه في المذهب الشيعي يجعل التحالف المذهبي أساسياً ومن منطق التجانس والتلاقي أمام الكتلة السنيّة الكبيرة، وإذا ما تحقق هذا الهدف نتيجة ضعف قبضة الدولة في اليمن فإن من يدفع الكلفة الأمنية دول الخليج العربي، إذ مثلما حاولت خلق هلال شيعي يمتد منها مروراً بالعراقوسوريا، فلبنان، تريد خلق طوق بديل يحاصر دول الخليج بين كماشتي اليمن والعراق، وهنا لابد من تحرير الرؤية لهذه الدول وفهم أن المخطط ليس فقط حشد فئة من الحوثيين، بل تنصيب إيران ولياً جديداً، وهذا ما يجب أن نعرف إذا ما خرج الدور من سياسي ومذهبي، إلى تهديد أمني عسكري ونقل الحرب إلى الداخل العربي، والتعامل مع النتائج الراهنة يستدعي وضع خطط مباشرة تخرج من الأحاديث إلى العمل المشترك، وإلاّ فالمخاوف بسقوط اليمن كما العراق في الحضن الإيراني متوقعة ونتائجها ستكون كارثية). وحذرت أنه (لا يمكن بناء منظومة أمن خليجي إلاّ بإدراك المحيط الملتهب والمتربص به، وعملياً إذا لم توضع خطط عملية، وليس على الورق فقط، أو عقد المؤتمرات ورفع التوصيات، فإن الأزمات المحيطة قد تنتقل نيرانها إلى هذه الدول وإن كان بنسب مختلفة يقاس تأثيرها وفقاً لنتائجها.. وفيما بدا تنصل من رجل السعودية الرئيس السابق فقد حملته افتتاحية صحيفة الرياض السعودية تبعات كل مايجري اليوم مشيرة { أن اليمن واقع بين حكومة تريد استعادة دورها، وتنظيف البيت من بقية ما علق به، وقد ورثت تركة ثقيلة من رجل خلق عداوات راسخة بين المجتمع اليمني حين سلط القبيلة على الأخرى، ودفع بمتطرفين إسلاميين محاربة غيرهم، وعمّقَ الفرقة بين جنوب وشمال، وتغاضى عن تنامي دور الحوثيين وتحالفهم العلني مع إيران، وهذا التراكم من القضايا المعقدة خلق أكثر من جبهة داخل اليمن سواء القاعدة وتناميها ودخول أمريكا طرفاً بحربها، وعلى الجانب الآخر تغلغل إيران وبقوة لتعويض دورها الذي تلاشى في سوريا إلى اليمن حيث رمت بكل ثقلها لخلق بؤر عمل لها صارت تتسع بفعل ضعف السلطة والفراغ الكبير الذي تسببت به الثورة في حالتها الانتقالية الجديدة.. الافتتاحية السعودية جآت مستبقة لأي محاولة للتقارب مع إيران ومع بداية تفاهمات بدأت تلوح في الأفق مع الحوثيين. يشار إلى أن موقع انصار الله التابع للحوثيين كان قد نشر عن مصادر محلية بمحافظة الجوف أن حرس الحدود السعودي استحدثوا "8" مواقع عسكرية جديدة في الأراضي الحدودية، التي خصصت للرعي بموجب اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين. وأكدت المصادر أن حرس الحدود السعودي استحدثوا ستة مواقع جديدة إلى جانب الموقعين السابقين، اللذين تم استحداثهما الشهر الماضي. ولفت المصدر إلى أن الموقعين السابقين كانا عبارة عن عدد من الجنود وخيمة واحدة في كل موقع، إلا أن تعزيزات جديدة وصلت إلى الموقعين السابقين والمواقع المستحدثة. وأوضح المصدر أن المواقع زودت ببيوت متنقلة للجنود، وعتاد عسكري ثقيل ومتوسط، بينها عربات مدرعة ورشاشات ومدافع مختلفة العيارات. وأشار المصدر إلى احتمال زيادة المواقع العسكرية في الأراضي الحدودية، التي تقول قبائل يمنية إنها تابعة لها، وذلك في ظل التحركات العسكرية السعودية، من وإلى المواقع السعودية المستحدثة. وأكد الشيخ حسن بن ناصر أبو هدرة رئيس ملتقى شباب بكيل وأحد مشائخ الشريط الحدودي في محافظة الجوف، في اتصال هاتفي مع "يمنات" صحة الأنباء حول استحداث المواقع السعودية الجديدة. وطالب أبو هدرة الحكومة بتحمل مسؤولياتها في حماية الأراضي اليمنية من الانتهاكات السعودية المتكررة للسيدة اليمنية. وكانت اتفاقية الحدود مع السعودية التي وقعها النظام السابق في منتصف تسعينيات القرن المنصرم، قد قضت بالإبقاء على مسافة (40) كم كمناطق مخصصة للرعي، وخالية من القوة العسكرية للطرفين. وبسبب الاستحداثات العسكرية السعودية في هذه المناطق، يشهد الشريط الحدودي مع السعودية في محافظة الجوف حراكا شعبيا، حذر السلطات اليمنية من التلاعب بالورقة الحدودية، والسلطات السعودية من مغبة الاستمرار في خروقاتها. وزادت حدة الغليان الشعبي بعد استدعاء السعودية لمشائخ من الشريط الحدودي إلى الرياض ومطالبتهم بالتوقيع على وثيقة تنازل عن هذه الأراضي لصالح المملكة، ما استدعى وجهاء ومشائخ قبائل دهم وذو حسين لتوقيع وثيقة تعتبر من وقع على الاتفاقية لا يمثلهم، وجددوا الدعوة لقبائل "يام" السعودية في نجران لترسيم الحدود، وفق الاتفاقيات بين الطرفين، والتي تعود لمئات السنين. المستقبل القريب بالتأكيد سيحمل مفاجآت جديدة في ظل سياسات لاتعرف عداوات أو صداقات دائمة.