في الوقت الذي لا تستطيع الأسرة توفير الحد الأدنى من الغذاء اللازم لأفرادها، وأن أكثر من نصف سكان اليمن لا يحصلون على الغذاء الكافي، ومعدل سوء التغذية بين الأطفال نحو 59%، ونسبة الفقر 44%، ومعدل البطالة تقارب 60%، وتدني المستوى المعيشي للأسرة وتراجع الدخل الحقيقي للفرد وعيشه على أقل من دولارين في اليوم. في الحقيقة أن جزءًا من الدعم لم يستفد منه الفقراء ومحدودو الدخل، ولكن جزءًا آخر يستفيد منه الفقراء، وتهدف سياسة رفع الدعم عن المشتقات النفطية إلى تخفيض عجز الموازنة العامة، ويمكن أن يتحقق ذلك إلى حد كبير، وستنجح في تخفيف مشكلة التوازنات الاقتصادية الكلية مؤقتًا، ولكن هذه السياسات المتبعة لخفض عجز الموازنة هي "سعرية بحتة"، وليست وفق رؤية واسعة وشاملة للآثار المترتبة على إنتاجية القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهي آثار ستظهر على المدى الطويل، وهنا تكمن خطورة تلك السياسات، بالإضافة إلى الآثار المترتبة على الأسرة والفرد، والتي سينجم عنها نقل أزمة العجز المستديم "من ميزانية الدولة إلى ميزانية الأسرة، وسيتم ترحيل العجز المالي من الدولة إلى المواطنين"، دون أن يكون هناك إجراءات عملية واضحة لمواجهة الآثار السلبية لتلك السياسات. ‒ رفع الدعم عن المشتقات النفطية تكشفت عن سراب وخيبة أمل وزيادة إحباط المواطنين من حكومة الوفاق، التي يتوقعون منها تحسين أوضاعهم المعيشية، بل يجدونها تضاعف إحباطهم وتزيد بؤسهم وتتلذذ في معاناتهم. ‒ رفع الدعم عن المشتقات النفطية من قبيل الإصلاحات الاقتصادية تضاعف دوائر الفساد الإداري والمالي.. ‒ الإصلاحات الاقتصادية المتمثلة في رفع الدعم عن المشتقات النفطية تساهم في إعاقة التسوية السياسية والنمو الديمقراطي على المستوى المحلي، وتتسع الفجوة بين الشعارات المرفوعة، والواقع الذي تعيشه الناس ويراها الناس سبب في زيادة معاناتهم.. ‒ أن مؤشرات الإصلاحات السعرية في تغطية عجز الموازنة وتقليص المديونية ومكافحة التضخم تتم على حساب الفقراء، وسحق الطبقة الوسطى وزيادة تفاوت الدخول والتفاوت في أنماط الاستهلاك.. ‒ وأن قوى السوق تتجه أكثر فأكثر إلى القيام بوظائف الحكومة وإلغاء دورها، وإحلال القطاع الخاص الذي لا يرحم محل الحكومة المتهالكة. ‒ الإصلاحات السعرية المزعومة ستؤدي إلى إنتاج قطاع تجاري طفيلي جديد وطابور جديد من التجار الطفيليين، وهو ما يشوه القطاع الخاص ويعيق دوره.. ‒ إن مؤشرات الإصلاحات الاقتصادية "السعرية" (إيديولوجية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) تأخذ أبعادها في سوق العمل اليمني، والمؤشرات تشير إلى زيادة نسبة العاطلين عن العمل إلى 42% عام 2010، وارتفاعها إلى ما يقارب 60% عام 2012، وهي المشكلة السياسية الاقتصادية الاجتماعية، وبتزامن رفع أسعار المشتقات النفطية وعودة أكثر من 200 ألف عامل يمني من السعودية، يمكن التنبؤ بحدوث كارثة اقتصادية تدخل اليمن في ظلام اقتصادي مزمن. ‒ يعتبر القطاع الزراعي مصدر الدخل لحوالى 73.5% من السكان، سواءً الذين يعملون بشكل مباشر في الزراعة أو المرتبطين بالخدمات والأنشطة الزراعية، إضافةً إلى دوره المهم في مجال الأمن الغذائي ومساهمته المرتفعة نسبيًّا في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 14%، وتوفير مقومات الاستقرار لسكان الريف والحد من الهجرة الداخلية والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عنها. ‒ تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في اليمن 1,542 ألف هكتار، والمساحة المحصولية 1,305 ألف هكتار، وتبلغ المساحة المروية بالمياه الجوفية 365 ألف هكتار تمثل 27.9% من المساحة المحصولية، وتبلغ عدد الآبار 243 الف بئر، 90% من هذه الآبار تستخرج منها المياه بمادة الديزل.. ‒ يبلغ استهلاك القطاع الزراعي (ضخ المياه) من الديزل حوالى 9,2 مليون برميل، وتبلغ التكلفة الكلية للضخ بأسعار يناير 2011م (50 ريالًا/لترًا) حوالى 88.2 مليار ريال، أي حوالي 412.4 مليون دولار، وهي تمثل ما نسبته 9.43% من قيمة الانتاج الزراعي النباتي البالغة 935 مليار ريال. ‒ أن سياسة رفع الدعم ستؤدي إلى آثار اقتصادية سلبية على القطاع الزراعي، أهمها ارتفاع تكاليف الري وزيادة تكاليف نقل المنتجات الزراعية وزيادة أسعار المدخلات الزراعية، وبالتالي ارتفاع تكاليف الانتاج الزراعي، وعليه سينتقل جزءًا من عجز الموازنة العامة إلى زيادة عجز القطاع الزراعي في تلبية الاحتياجات الغذائية المحلية والتأثير السلبي على القدرة التنافسية للمنتجات المحلية في الأسواق المحلية والخارجية. مركز البحوث والتنمية الاقتصادية - صنعاء