بالإضافة إلى معاناتها من حملة أمنية صارمة من قبل السلطات في البلاد، تعاني جماعة الإخوان المسلمين في مصر من الاضطرابات الداخلية، مع دفع جيل الشباب فيها في تجاه تبني تكتيكات أكثر مواجهة ضد الدولة، ورفض دعوات الالتزام بعدم اللجوء إلى العنف التي يصدرها القادة الأكبر سنًا. وقد ظهرت الخلافات داخل المنظمة السرية تقليديًا إلى العلن من خلال مقالات للرأي، وبيانات، ومناقشات ساخنة على وسائل الإعلام الاجتماعية ومواقع مقربة من الجماعة الإسلامية التي تم حظرها من قبل الحكومة المصرية. ورفع ناشطو الجماعة من الشباب شعار "أي شيء إلا الرصاص"، بمعنى أن أي نوع من أنواع التخريب مقبول بشرط ألا يتم استخدام السلاح. ومؤخرًا، أعلن متحدث يدعى "محمد منتصر" ومرتبط بالجناح القيادي الشاب الجديد للجماعة، أنه تم إقرار اتباع ما وصف بأنه "الخط الثوري" بجميع آلياته، وهو ما يتضمن السماح ببعض أشكال العنف. وأضاف منتصر أن الجماعة صادقت على وثيقة وقع عليها عشرات علماء الدين من جميع أنحاء العالم تصف النظام المصري ب "القاتل"، وتطالب ب "كسر" هذا النظام من خلال جميع "الوسائل المشروعة". ويرفض القادة كبار السن أي تحرك في اتجاه المواجهة. وقال عمرو دراج، وهو وزير سابق في حكومة محمد مرسي، متحدثًا من منفاه في تركيا: "لا نقبل بأن تتحول الثورة إلى العنف أو المواجهة المسلحة". ويهدد هذا الانقسام بإضعاف التماسك الداخلي للجماعة، بعد أن حافظ هذا التماسك على بقاء الجماعة في ظل المناخ السياسي الذي لا يمكن توقعه في مصر لمدة 90 عامًا. ويقول المحللون إن أي استخدام واضح للعنف من قبل الإخوان قد يمنح النظام المصري قدرة جديدة في المعركة لكسب الرأي العام المصري والخارجي لصالحه. ومن الممكن أن يؤدي هذا السلوك أيضًا إلى ارتفاع مستويات العنف في مصر مع بدء البلاد بالتعافي من أربع سنوات من اضطرابات ما بعد الثورة. وقد استهُدفت جماعة الإخوان من قبل السلطات المصرية منذ عام 2013، عندما أطاح الجيش بمرسي على خلفية استياء واسع النطاق ضد حكمه. ومنذ ذلك الحين، تم اعتقال الآلاف من أعضاء ومسؤولي الجماعة. وحكم على المئات، بمن فيهم مرسي نفسه، بالإعدام، في محاكمات انتقدتها جماعات حقوق الإنسان واصفة إياها بغير العادلة. وترك التنظيم في حالة من الفوضى. ويتزامن هذا أيضًا مع تصاعد العنف ضد قوات الأمن في منطقة شمال سيناء تحديدًا؛ حيث قامت أنصار بيت المقدس، وهي مجموعة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، داعش، بقتل مئات من رجال الشرطة والجنود. وكانت الشرطة كذلك هدفًا لتفجيرات وإطلاق نار في القاهرة، وأماكن أخرى. وتصر السلطات على أنه ليس هناك فرق بين الإخوان والجماعات العنيفة مثل أنصار بيت المقدس. وتنتشر التقارير بصورة منتظمة عن إلقاء القبض على أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين بتهمة حيازة متفجرات أو التحريض على العنف ضد قوات الأمن في وسائل الإعلام الاجتماعي. ويقول محللون إن الجيل الجديد من جماعة الإخوان المسلمين، والذي انتخب لمناصب قيادية في العام الماضي، يتهم الشخصيات القديمة بسوء إدارة فترتها في السلطة والفترة التي أعقبت الإطاحة بمرسي. ووفقًا للمحللين أيضًا، يشعر هؤلاء بالغضب ليس فقط بسبب القمع القاسي الذي وقع على أصدقائهم وزملائهم؛ بل أيضًا بسبب ما يصفونه باستجابة القادة كبار السن القاصرة فيما يتعلق بالحفاظ على ما تبقى من هياكل الجماعة. وخلافًا لبعض القادة من الجيل الأكبر سنًا، والذين يعتقدون بأن الدولة سوف تجد نفسها مضطرة في النهاية للتوصل إلى اتفاق مع الجماعة، لا يرى القادة الجدد مجالًا لتحقيق المصالحة. وفي مقال نشر على موقع للإخوان الشهر الماضي، جادل "محمود غزلان"، وهو عضو مكتب الإرشاد السابق للجماعة، بأن رفض العنف من ثوابت الإخوان، وهو ما أثار جدلًا واسعًا، وردود فعل غاضبة. وقد تم إلقاء القبض على غزلان هذا الشهر! وردًا على ما كتبه غزلان، دافع حازم سعيد، وهو مساهم بشكل متكرر في نفس الموقع، عن "إظهار القوة"، وعن استهداف أفراد معينين لممارستهم "القتل أو الاغتصاب". وكتب سعيد: "الجيش المصري الذي يقتلنا الآن، والشرطة المجرمة، ليسوا أهلنا". وبدوره، قال الباحث في معهد بروكينغز، شادي حامد: "أعتقد أن ما تغير هو أنه أصبح ينظر إلى الدولة الآن على أنها عدو يجب هزيمته، وليس إصلاحه. لقد رأينا في الأشهر الأخيرة انفتاحًا على ما يسمى العنف الدفاعي، ولكن هذا الأمر مقلق؛ حيث إنه من غير المعروف متى قد يتحول العنف الدفاعي إلى عنف هجومي". وأما يحيى حامد، الذي عمل كوزير للاستثمار في حكومة مرسي، ويقيم الآن في تركيا، فقد قال للفاينانشيال تايمز: "أنا قلق من استقطاب شبابنا -لا أعني الإخوان المسلمين فقط، بل الثورة كلها". ويقول المحاضر في جامعة جون هوبكنز، خليل العناني: "إذا ذهبوا إلى العنف، فإنهم سيخسرون على جميع المستويات". ويضيف أن الجماعة تقف الآن على مفترق طرق، ويبدو أن النظام قد نجح في دفعها نحو الانقسامات