رسميًا، أعربت السعودية عن سرورها لرؤية إيران محدودة الطموحات النووية مقابل رفع العقوبات؛ لكن وراء ذلك الحجاب الرفيع، يرتفع التحذير من التعزيز المحتمل للصراع الطويل بين المملكة السنية مع الجمهورية الشيعية. يحذر عمود في صحيفة الشرق الأوسط، الصحيفة اليومية التي تعكس توجهات الحكومة، بالقول: "النظام الإيراني أشبه بوحش كان مقيدًا في شجرة وتم إطلاقه". الآراء الخاصة ليست أقل ظلامية؛ إذ يقول رجل الأعمال والمحلل السعودي حسين شبوكشي: "إيران قبل الاتفاقية كانت عدوًا، ونظامًا قويًا جائعًا، أما بعدها فقد أصبحت وحشًا غاضبًا شيطانيًا بعيون خضراء". الكلام المجازي شيء، والأفعال شيء آخر. في 14 تموز/ يوليو، بعد إتمام الصفقة بجنيف بيوم، وجهت القوات المدعومة سعوديًا ضربتها الأقوى للتمرد الذي تعتقد أنه مدعوم إيرانيًا في اليمن. مدعومين بغطاء جوي سعودي، وسيارات مصفحة جديدة وقوات خاصة من التحالف الذي تقوده السعودية؛ سيطر المقاتلون اليمنيون -الموالون للحكومة التي أسقطت في آذار/ مارس- على مدينة عدن. خلال ثلاثة أيام، طردوا آخر المتمردين من ثاني أكبر المدن اليمنية، منهين أربعة شهور من الاحتلال الفوضوي لها. هذه الحركة ليست أولى أكبر الهزائم للحوثيين، لكن موطئ القدم للتحالف السعودي في عدن قد يعيد إعادة تقسيم البلاد التي اتحدت في 1990 لشمالية وجنوبية، وهو ما تفضله السعودية. أولى الطائرات التي هبطت في مطار عدن الذي أعيد افتتاحه في 22 تموز/ يوليو، كانت طائرة عسكرية سعودية تحمل المساعدات، والمزيد من الأسلحة، وقائدًا في البحرية السعودية. اليمن ليست المسرح الأخير الذي تقاتلت عليه السعودية وإيران خلال ثلاثة عقود ونصف منذ الثورة الإيرانية. السعوديون وحلفاؤهم مولوا صدام عندما هاجم إيران في 1980، بينما واجه وكيل إيران في لبنان، حزب الله، الميليشيات المدعومة سعوديًا في الحرب الأهلية اللبنانية خلال أعوام 1975 - 1990. في 2011، السعودية وحلفاؤها أرسلوا قوات برية للبحرين الشقيقة للمساعدة في إيقاف ثورة هناك. المطالب بالديمقراطية بالدولة التي يمثل الشيعة 60٪ اعتُبرت مخططًا إيرانيًا للوصول للسلطة. الحروب الجارية في العراقوسوريا فتحت المزيد من الجبهات الدامية. بينما أنفقت إيران ما يقارب 20 مليار دولار، بحسب بعض التقديرات، لدعم نظام بشار الأسد، فإن ارتفاع الدعم السعودي للثوار هو ما ينظر له كتفسير أحيانًا لهزائم النظام المتزايدة في سوريا. متهمين إيران بدعم الشيعة عبر المنطقة، بما في ذلك الأقلية الشيعية في السعودية التي تمثل 10٪ منها؛ أعطى حكام السعودية لعقود الزمام المفتوح، بالإضافة للتمويل عبر العالم، للشيوخ السنة بمهاجمة الشيعة. عدد من الوثائق السعودية الدبلوماسية المسربة كشف خوفًا شبه مرضي من التأثير الشيعي؛ إذ أظهرت إحدى الوثائق تحذير السفارة السعودية في مصر من أن تغيير أحد الأغطية الخضراء إلى اللون الأسود لأحد الأضرحة الصوفية يعكس موجة شيعية قادمة. هذه المخاوف مشتركة؛ إذ يعتبر الإيرانيون أن الدولة الإسلامية والتنظيمات الجهادية الأخرى هي امتدادات سعودية. نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي السابق المدعوم إيرانيًا، الذي يُعتبر قمعه للسنة كتمهيدٍ للطريق لظهور تنظيم الدولة، قال، بشكل سخيف، إن السعودية يجب فرض وصاية أممية عليها؛ لأنها "فقدت السيطرة" على الوهابية، جذر الإرهاب. وبدل النظر لتقليل التهديد الإيراني كميزة، تبدي السعودية تضايقها من حليفها الأقدم، أمريكا، باعتبارها ساعية للتخلي عن المملكة وتعيين إيران كشرطي جديد للمنطقة. هذه المخاوف تفسر سلسلة من الرسائل الأمريكية الرسمية والزيارات الساعية لتخفيف هذه المخاوف. جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، يخطط للاجتماع مع زعماء الخليج الشهر المقبل، بعد زيارة وزير الدفاع آشتون كارتر الذي كان هناك الأسبوع الماضي. قال كيري مدافعًا عن الصفقة: "نعتقد أننا سندفع إيران؛ إذ إنه من الأفضل دفع إيران بدون سلاح نووي من أخرى معها". السعوديون، الذين أعطى ملكهم الجديد سلمان ابنه محمد صلاحيات كبيرة للقيام بعمليات عسكرية، سيريدون الدفع بشدة، كما يريدونه بسرعة، قبل أن تحصل إيران على أصول مجمدة بقيمة 100 مليار دولار بعد انتهاء رفع العقوبات؛ مما ينذر بتخفيف قليل في مناطق مثل سورياواليمن.