يسبق الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى المباركين في اليمن استعدادات خاصة تمتد لبضعة أيام لتوفير (جعالة) العيد من الزبيب والمكسرات بأنواعها مما يضفي طابع مميز على هاتين المناسبتين، حيث تكتظ الأسواق بالمواطنين ذكوراً وإناثاًَ لشراء كل ما لذ وطاب من الحلويات المتنوعة، وبدونها لا تكتمل فرحة العيد. ففي العشرة الأيام التي تسبق الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى تزين الأسواق الموائد العيدية التي تضم أنواع الزبيب المحلي والخارجي، إلى جانب اللوز والفستق وحب العزيز (الفول السوداني) والقرع والدخش (العتر)، والتي تعج بها أسواق صنعاء كغيرها من أسواق المحافظات اليمنية تعبيراً عن الابتهاج بمقدم العيد السعيد باعتبار أن المكسرات وأنواع الحلويات، هي مائدة العيد المفضلة للكبار قبل الصغار في اليمن، وسائر الدول العربية والإسلامية. وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) تحاول أن تنقل من خلال التحقيق الميداني التالي معلومات وافيه عن المعروضات المكرسة لهذه المناسبة في الأسواق والمحال الشهيرة بأمانة العاصمة مثل سوق الملح وباب اليمن والتحرير وباب السباح وهائل والحصبة والزمر وباب شعوب. خالد القطاع أحد التجار في جمرك الزبيب بسوق الملح اطلعنا على أنواع الزبيب المحلي الذي يتم تجفيفه من ثمرة العنب التي تشتهر بها اليمن وتزرع في عدد من المحافظات اليمنية وفي مساحات من أمانة العاصمة، في حين تنتشر زراعة العنب بشكل كبير في مديريتي بني حشيش وخولان بمحافظة صنعاء، ويأتي على رأس هذه الأنواع الزبيب الرازقي يليه البياض والعرقي والأسود، وغيرها من الأنواع التي تصل إلى نحو 14 نوعا من أنواع الزبيب المحلي. ويقول القطاع:" إن الإقبال يأتي في الدرجة الأولى على الزبيب اليمني بجميع أنواعه وأصنافه في عموم الأسواق اليمنية مقابل أنواع الزبيب المستورد (السوري - الصيني - الأفغاني)، الذي أصبح لها حضور واسعا ومنافساً للمنتج المحلي من ثمرة الزبيب، بالإضافة إلى أنواع أخرى من الزبيب المستورد من الخارج، والتي لا يسمح دخولها جمرك الزبيب في سوق الملح بالعاصمة صنعاء، والذي لا يتعامل إلا مع المزارعين المحليين، ويقوم بالترويج للزبيب اليمني فقط، بينما يقتصر تداول الزبيب المستورد على المروجين لهذه السلع من تجار الحلويات والمكسرات في العديد من الأسواق اليمنية وبشكل موسمي. ويشاطر إسماعيل الناشري احد تجار الزبيب بصنعاء التاجر القطاع القول:" إن الزبيب اليمني يكتسب شهرة عالمية بجميع أنواعه المختلفة نظراً للمذاق الرائع الذي تتميز به هذه الثمرة عن غيرها من الثمار المستوردة كون الزبيب اليمني لا يزال محافظاً على طرق حفظه التقليدية، ولا تدخل عليه المؤثرات الزراعية (المواد الحافظة) كما الحال مع معظم الزبيب المستورد"، مشيراً إلى أن عملية تجميع محصول الزبيب من المحافظات اليمنية المشهورة بزراعة العنب يتمثل في تسويق المحصول إلى مراكز توزيع الزبيب على التجار مثل جمرك الزبيب الكائن بسوق الملح وسوق الزمر وباب اليمن وشارع خولان، ومن ثم يتم توزيع هذه الثمرة على تجار التجزئة بمختلف أسواق اليمن في الحضر والريف لتسويقها وبيعها على المستهلكين. كما أشار الناشري إلى أن كميات الزبيب التي يتم تسويقها إلى جمرك الزبيب تتراوح بين 700 - 850 طناً تقريباً سنويا يأتي في المقدمة الزبيب الحشيشي، ويليه الخولاني من حيث الكمية وبقيمة استهلاكية تصل إلى نحو مليار ريال تستهلك غالباً في الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى. وتشتمل المائدة العيدية لجعالة العيد إلى جانب ثمرة الزبيب على الفستق واللوز بأنواعه المحلي والخارجي الذي يضفي طابعاً خاصاً لهذه المناسبة العيدية إلى جانب القرع وحب العزيز وسن العجوز وغيرها من الشوكلاته والحلويات والمكسرات العيدية التي تختلف مسمياتها من منطقة إلى أخرى. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن كمية المكسرات المستهلكة في هاتين المناسبتين تقدر بنحو 900 طن ما بين إنتاج محلي ومستورد، حيث يتم استيراد اللوزيات بكميات كبيرة من سوريا وإيران وأمريكا وروسيا واستراليا، وغيرها من البلدان المشهورة بزراعة اللوز غير أن اللوز اليمني يظل محتفظاً بمكانته ومذاقه الفريد مقارنة بما يتم استيراده من الدول المذكورة إذ يتجاوز سعر الكيلو اللوز المحلي السبعة آلاف ريال مقابل ألف وخمسمائة ريال للكيلو اللوز الخارجي. وأرجع مستهلكون وبائعون أسباب عدم الإقبال على الزبيب المستورد في السوق اليمنية إلى استخدام المواد الحافظة التي يتم وضعها بغرض التجفيف، إلى جانب استعمال الأجهزة الخاصة بعملية تجفيف العنب، وتحويله إلى زبيب الأمر الذي يجعله يظهر بشكل غير مقبول للمستهلك من حيث الطعم واللزوجة، والتي بدورها تسبب الكثير من الأمراض والمضاعافات الصحية، وعلى رأسها تسوس الأسنان وغيرها من الأمراض. وأكد محمد صغير أحد بائعي الزبيب بكافة أنواعه المحلي والمستورد في سوق الحصبة عدم الإقبال من قبل المواطنين على محصول الزبيب المستورد بكافة أنواعه، مشيراً إلى أنهم يفضلون الحصول على الزبيب البلدي أياً كانت جودته، مبيناً أن نسبة مبيعاته من الزبيب المحلي تصل إلى 85 % مقارنة بما يتم بيعه من الزبيب المستورد الذي لا يقبل عليه سوى أصحاب المطاعم ومحال الحلويات، ونسبة قليلة من الناس. جمال الحيمي أحد المتسوقين في باب السباح يعلق على عدم الإقبال على شراء الزبيب المستورد بالقول:" إنه أشبه ب(الشلك) في الأسنان بسبب وجود رطوبة في الثمرة مصحوبة بليونه مقززة"، مشيراً إلى أن أجود أنواع الزبيب هو الزبيب الخولاني والحشيشي الذي يزين جعالة العيد في محله كل عام، وأضاف:" إن الحكمة الشعبية المتداولة بين اليمنيين تقول "جني تعرفه ولا أنسي ما تعرفه" تنطبق على محصول الزبيب المحلي والخارجي. وفي إطار تشجيع الدولة التوسع في الزراعة ومنها زراعة الخضروات والفواكه وعلى رأسها العنب الذي تشتهر به اليمن والحفاظ على القيمة الغذائية التي تكتسبها ثمرة الزبيب اليمني أكد رئيس الاتحاد التعاوني الزراعي المهندس محمد محمد بشير إن الاتحاد يسعى بكل الوسائل الممكنة إلى الحد من استعمال التقنيات الحديثة في عملية تجفيف العنب بغرض تحضير الزبيب بصورة عاجلة، الأمر الذي يفقد هذه الثمرة الكثير من المواد الغذائية المفيدة للإنسان ويجعلها مشابهة للزبيب المستورد الذي لا يلقى إقبالاً في السوق اليمنية نظراً للمذاق المختلف بسبب التأثيرات الكيميائية الناتجة عن عملية التجفيف الحديث. وأشار بشير في هذا الصدد إلى أن تجفيف العنب بالطريقة التقليدية (العوشه) الذي يستمر ما بين 30 - 45 يوماً يسهم بشكل كبير في الحصول على أجود أنواع الزبيب من حيث المذاق والحفاظ على المواد الغذائية التي تحتويها هذه الثمرة ويستفيد منها جسم الإنسان، ويمكن تخزينه لعشرات السنين دون أن تقل قيمته الغذائية أو يتغير مذاقه، مبيناً بأن العمل وفق نظام التجفيف الآلي الذي بدء العمل به مطلع العام الجاري بالتعاون مع الأصدقاء الفرنسيين ولا يستغرق التجفيف سوى خمسة أيام فقط الهدف الأساسي منه تجاري بحت للحفاظ على محصول العنب من التلف وتجفيفه بطريقة حديثة، وتحويله إلى زبيب بكميات تجارية، ويتلف إذا تعرض للشمس ،فطريقة التجفيف الحديثة تستهدف امتصاص الماء الموجود بداخل ثمرة العنب بصورة سريعة لا تراعي الجوانب الصحية التي قد تترتب على ذلك وتأثر على المستهلك والمنتج على السواء. * الفوائد الصحية للزبيب : وتشير الدراسات العلمية إلى أن للزبيب فوائد صحية متعددة لاحتوائه على العديد من مضادات الأكسدة ومواد غذائية وسكرية وأملاح معدنية وفيتامينات، حيث وجد أن الزبيب يحتوي على خمسة مركبات مضادة للأكسدة، وبعض المركبات تمتاز كونها مكافحة للبكتيريا المسببة لتسوس الأسنان، كما أن تناول الزبيب يساعد على تنظيم ضغط الدم، إلى جانب أن الألياف التي تحتويها ثمرة الزبيب تمنع تكون سرطان القولون وبقية الأمراض المعوية، ويحتوي أيضاً على نسبة عالية من الحديد المفيد لتكوين خلايا الدم، الأمر الذي جعل الأطباء ينصحون المصابين بأعراض فقر الدم بتناول الزبيب، وعلى وجه الخصوص الزبيب الأسود. *وكالةسبأ