بقلم/عبد الإله بن عبد الواحد أبو غانم* - تناولت بالقراءة والتحليل مقالة (دعوة العامة لأصحاب القضية للكاتب محمد حيدرة مسدوس نائب رئيس الوزراء الأسبق نشرة في جريدة الوسط العدد (176) بتاريخ 12/12/2007م )، ورأيت أنه من الواجب الوطني الرد على المقالة التي وردت وبما تقتضيه الأمانة العلمية والتحليل السياسي إنه يجب على أي كاتب يتناول أي قضية أن يتبع أسلوب الموضوعية ليكون ما يطرحه مستساغاً بدلا من الإسقاطات النفسية والمصلحية الضيقة والمناطقية، فهي توقع الكاتب المتناول لأي قضية في الجانب الخاطئ لأنه لا يرى إلا بعين واحدة وعندما يقول مسدوس في بداية المقال إنه ليس ضد الوحدة من حيث المبدأ فأنا أريد أن أسأله أي وحدة هو يقصدها لأنه قد استشهد ودلل على وحدة محددة وضرب مثلا بمحافظة أبين وهي محافظة عظيمة لها نفس وطني وتاريخ نضالي وحدوي وأبناؤها قاطبة حملوا القضية الوطنية في مقارعة الاستعمار والتخلف والتمزق وانبروا إلى الوحدة شأنهم شأن جميع المحافظات في اليمن ومنهم شخصيات وطنية كبيرة لا يختلف أحد حولهم وعلى رأسهم شخصيات سياسية وعسكرية عملت من أجل الوحدة وحمايتها وسد الطريق على أصحاب النفوس المريضة فهل المقصود عند مسدوس أن كل محافظة تمثل دويلة بذاتها وتملك إرادة سيادية ولا يمكن لتلك الأجزاء أن تكون موحدة إذا افترضنا جدلا أننا قد أعادنا التاريخ بعجلته إلى الوراء أي إلى زمن الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن عندما كان مقسماً إلى سلطنات ومشيخات وإمارات وتدفع الميزانيات الشهرية والسنوية من قبل التاج البريطاني هل يعني ذلك أن السياسة البريطانية قد أعادت نفسها ولو بشكل آخر ويعني ذلك هو السير وفق لسياسة تمزيق الممزق وتجزئة المجزأ وفقا لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يراد تطبيقه في المنطقة العربية ابتداء باحتلال العراق ومرورا بمحاولة القضاء على حزب الله في لبنان وذلك ما عرف بسياسة الشرق الأوسط الجديد من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني ومن يسير على نفس الرؤى من السياسيين والمنظرين في المنطقة، فدعوة إصلاح مسار الوحدة كما يريد مسدوس والنوبة وباعوم والأصنج برفع راية القضية الجنوبية ولا ندري ما هو علمها هل هو في إطار الوحدة وكنت أتمنى أن يوضح لنا الكاتب ما هي القضية الوطنية في نظره التي يتغنى بها أم أنها قضية انفصالية مناطقية ضيقة وأنا لا أتحامل على أحد يدعوا لرفع الظلم والغبن في أي من المحافظات ولكن بشرط عدم المساس بالثوابت الوطنية والوحدة خط أحمر ضحى من أجلها الشهداء لأن الوحدة ليست مسئولة عن أي ظلم أو غبن أو باعثة للفساد وليس لها أي ذنب في الاخطاء كبراءة الذئب من دم يوسف فالوحدة هي ناموس إلهي قال تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تفلحون"، الوحدة التي أعلنت في 22 مايو 1990م هي وحدة أمة موحدة منذ غابر الزمن ولم تتمزق اليمن إلا بوجود المستعمر البريطاني وبتوقيع اتفاقية الوحدة وإقرار دستورها الذي أقره الشعب اليمني واعترفت بها دول العالم والمنظمات الدولية والمسدوس قيادي في الحزب الاشتراكي وتولى نائب رئيس الوزراء في بداية الوحدة. الوحدة هي اندماج بعضها البعض حتى حصل الكل فالوحدة تعني اشتراك أبناء الدولة الموحدة تحت سيادة واحدة ويستفاد من ثرواتها الطبيعية لصالح التنمية البشرية والاقتصادية وليست لجهة من الوطن كما يطرح الكاتب وأمثاله دون جهة معينة من الوطن، صحيح أن هناك نسبة تقتطع لتلك المحافظة التي بها ثروة طبيعية وذلك تعويضا لما يحصل من تلوث بيئي ومن أجل عمل تنمية بشرية ومن أجل بناء بنية تحتية وهذا ما تعمله الكثير من دول العالم بتعاملها مع مواردها الطبيعية وكنت أتمنى على الكاتب أن يحترم عقول المخاطبين من أبناء الأمة حتى يلاقي القبول فيما يطرحه لان الجماهير تفرق بين الغث والسمين، إن أطروحات وقضايا الكيد السياسي لا تستطيع إخفاء الحقائق في القضايا الوطنية ومن المستغرب أن ما يطرحه في قوله إن الحرب قد أسقطت الوحدة لا ندري وهو الرجل العارف بخبايا السياسة البريطانية وهو قارئ جيد للتاريخ الأمريكي، فالوحدة الأمريكية لم تتم إلا بعد حرب بين الولايات الشمالية والولايات الجنوبية أفضت إلى توحيد الولايات الأمريكية بشكلها الحالي وفرضت الولايات الشمالية نظامها على الولايات الجنوبية والممثلة بالوحدة الفيدرالية الحالية وبالاسترسال إلى وضع التاج البريطاني سابقا المملكة المتحدة حاليا والتي تنطلق منها حركة التاج اللندنية من أروقة أجهزة الاستخبارات البريطانية والتي تحرك ما يسمى بالقضية الجنوبية دون فهم لحقائق الواقع للحالة البريطانية والنزعة الانفصالية للجيش الجمهوري الإيرلندي وعلى الرغم من حالة التمرد ومحاولة الانفصال للإيرلنديين إلا أن النتائج واضحة وكما يعرفها المسدوس. أنا لا أدعو إلى منطق الغلبة لكن الدعوة الانفصالية لا تلقى عادة أي نجاح لأنها ضد السنن الإلهية إلا أنها قد تثير المتاعب الاقتصادية لان الدولة تخصص من مواردها الاقتصادية للمجهود الاستخباراتي والأمني وتؤدي هذه المتاعب إلى تعطيل جزئي للاستثمار وتعكس سمعة سيئة عن البلد ويتحملها كل من يثير مثل هذه الدعوة، إن إثارة المتاعب في بعض المحافظات أمثال الضالع وبعض مديريات أبين ولحج يسبب متاعب للاقتصاد ومعيشة أبناء الأمة، إن القول بأنه لا جدوى من الحوار ما لم يعترف بقضية معينة ومن يجعل نفسه بمثابة المدعي والمدعى عليه والمحكم والذي يصدر حكماً بنفسه على غيره وبما يملي عليه الطرف الخارجي المحرك للقضية إن السير في المخطط الخارجي الذي يستهدف الأمة والمشكلة هنا يتحملها من يثيرها ومثل هؤلاء يغردوا خارج السرب وبصوت نشاز ومن الممكن القول بكل صراحة إن من حق أي مواطن أو جماعة أو حزب أو منظمة مدنية أن تطالب بأي حقوق لها أو رفع غبن أو ظلم قد يقع وقد كفل الدستور وتشريع دولة الوحدة ذلك الحق في التعبير شفاهة أو كتابة أو من خلال الاعتصامات والمسيرات السلمية وفي إطار القانون الذي كفل ذلك دون القفز على الثوابت الوطنية أو ترديد الشعارات المناطقية أو المذهبية احتراما لدماء الشهداء وأحاسيس الجماهير إن الأطروحات الغير منطقية لا يقبلها العقل إن القول بأن الحوار ليس له جدوى ما لم يتم الاعتراف بالقضية الجنوبية وما لم يكن هناك حوار مع الجنوبيين وليس حوارا حزبيا مع الأحزاب هذه المقولة تجعل القارئ والمتأمل يضع عدة علامات للاستفهام حول الغرض من هذه الأطروحات فالمعروف عادة أن الحوار مطلوب في أي قضية كما حاور الله سبحانه وتعالى -وله المثل الأعلى- إبليس اللعين كما ورد في القرآن الكريم وكما حاور الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين أقوامهم ليدخلوا في الإيمان وكذلك عندما يقود القادة الوطنيون شعوبهم من هيمنة المستعمر والتمزق إلى الوحدة وليس العكس كما هو عند الكاتب، أو عندما يحاور الأخ أخاه الذي خرج عن جادة الصواب ليؤدي الحوار إلى النتيجة الصائبة أما الاشتراط المسبق للحوار بنتيجة محددة سلفا أعتقد أنه لا داعي للحوار لأن حواراً محكوم عليه بالفشل مسبقاً إذ ما من قضية يكون الحوار فيها مع مجموعة أو أفراد يجب أن يكون في إطار رابطة صحيحة وليس هناك حاجة لمقولة شمالي جنوبي وإنما هناك يمن موحد في إطار الجمهورية اليمنية القائمة بعقد الوحدة ورغبة الأمة ودستورها المستفتى عليه بآمال وطموحات الجماهير وأما الحوار الحزبي في إطار الأحزاب السياسية الحالية والمعترف بها فهو حوار شرعي والمسدوس عضو قيادي في الحزب الاشتراكي والحزب أحد الأحزاب الرئيسية والذي يحتل المرتبة الثانية بعد التجمع اليمني للإصلاح في اللقاء المشترك وأمين عام الحزب رئيسا للقاء المشترك وهناك نقاط التقاء واختلاف فيما بينهم والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة على ما كتبه محمد حيدرة مسدوس ما هي الصفة التي يستند إليها في قضية الحوار من أساسه لأنه يتبرأ من الحزب الاشتراكي واللقاء المشترك ويتكلم بما أسماه الجنوب ويهاجم ما أسماه بالشمال هل يملك صكاً شعبياً يمثل هذه المناطق رغم أنه لا يمثل المنطقة التي ينتمي إليها، إن ثقافة أبناء المحافظة التي يتكلم عنها هي ثقافة وطنية عالية أما قوله بأن الحوار الحزبي هو حوار شطري فالذي يرأس اللقاء المشترك ويدير الحوار مع المؤتمر الشعبي هو أمين عام الحزب الاشتراكي والحزب له أعضاء في كافة المحافظات، إن العلاقة هي علاقة طبيعية والحوار شرعي لأنه قائم على عقد سياسي واجتماعي قائم على دستور دولة الوحدة وتشريعاتها إن الاعوجاج بالسياسة كما تقول المعارضة في سرد مقالة مسدوس إنما سببها الحرب ونتائجها التي عطلت مسار الوحدة إن السياسة التي اتبعت تجاه المحافظات الجنوبية هي تحصيل حاصل نتائج الحرب وهي نتيجة لتعطيل مسار الوحدة وليست سببا لذاتها والكلام هنا لمسدوس ولو كانت ا لوحدة قد سارت على ما يرام لم تحصل الحرب ويأتي هنا التناقض بين ما يقوله في نفس السياق عندما قال إن الأساس الموضوعي للوحدة قد سقط بظهور النهج الاشتراكي في الجنوب عام 1969م وبأن الأساس الذاتي لها قد سقط في الحرب عام 1994م، نتيجة وجود اختلاف اقتصادي بين الشطرين في ذاك الوقت وإن هذا الاختلاف يترتب عليه اختلاف ثقافي واجتماعي .. والمتأمل في هذه الأطروحات يدرك أنها أطروحات مفلسة هل معنى إن الاختلافات لا يمكن أن تتقارب أو تتفق وهناك أمثلة واضحة بأنظمة سياسية خرجت من المنظومة السوفيتية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وغيرت نهجها الاقتصادي والفلسفي من نظام اشتراكي شمولي إلى نظام رأس مالي حر وأصبحت هذه الدول أعضاء في الاتحاد الأوروبي حتى أن روسيا الفيدرالية قد غيرت في نظامها الاقتصادي والثقافي أي ان الفلسفة الاقتصادية للدولة عادة ما تتغير بتغير السياسيين فالاقتصاد عامل متغير وليس قوالب جامدة كعقول بعض المنظرين ومن باب المصارحة يفترض أن يكون قد أعلن عن تلك السياسة في بداية عهد دولة الوحدة وليس بعد ردح من الزمن كما أن ادعاءه أن هناك خطأ في التفكير في قيادة الحزب لمعالجة آثار الحرب وتحميله اعوجاج السياسة وليس تعطيل مسار الوحدة هل يعني ذلك أن قيادة وقواعد الحزب لا يفهمون أبجديات السياسة وإنما حصر الفهم السياسي في رأسه وأنا لا أتحدث نيابة عن الحزب فهم إخواننا ولهم من السياسة الكثير ولا أدري هنا من يخلط ويخطئ في التفكير هل هو الحزب أو المسدوس، أما تنظيره للانفصال وإنكاره للوحدة حتى يوم قيامها وإسقاطه لشرعية إعلان الوحدة وادعاؤه لهذا الفهم وسخريته من الجماهير ومطالبته بإزالة الوحدة من أجل الوحدة أمر لم يفهم بعد في أبجديات السياسة التي يتحدث عنها، إن اللحمة الوطنية الواحدة هي حقيقة تاريخية معاصرة وإن من لم يقرأ التاريخ اليمني قبل الميلاد وبعده وفي بداية الإسلام وحتى تاريخنا الراهن ومن لم يدرس تاريخ الأمة المعاصر والمتغيرات في العالم والتي تدعو إلى التكتل وبالذات بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتهاوي زمن القطب الأوحد ومحاولة تنفيذ السياسة الماسونية العالمية والتي تصدر إلى المنطقة العربية والتي تحاول جاهدة تمزيق أجزاء الأمة إلى جزئيات صغيرة حتى يسهل لها تنفيذ سياسة الشيطان الأكبر ومن يخطط لها في أروقة أجهزة المخابرات العالمية ومن يعمل على تنفيذها، هنا يجب على الوطنيين والسياسيين والمثقفين والعلماء ورجال الحل والعقد في المنطقة العربية واليمن أن ينتبهوا لمثل هذه الدعوات التي جاءت ضمن بروتوكولات حكماء صهيون إن من يدعو إلى الانفصالية يجب أن يحاكم في ظل دستور دولة الوحدة والتشريع الذي أقر من قبل الهيئة التشريعية، إن قضية المتقاعدين والمسرحين قد تم معالجة الجزء الأكبر منها وهم أبناؤنا وأحباؤنا وإخواننا وكما قال الشاعر: "ليس منا أبدا من فرق... ليس منا من يسكب النار في أزهارنا كي تحرق). إن راية الوحدة ستظل ترفرف عاليا مرفوعة على كل تراب اليمن وتحت نهج القيادة الحكيمة لفخامة الأخ الرئيس/ علي عبد الله صالح. *اسبوعية الوسط اليمنية9-1-2008م