بدأ كثير من الشباب اليمني يقصد «اللوكندات» للقاء الاصدقاء والزملاء وتخزين القات وتدخين الشيشة بعيداً من أعين الاهل أو حتى متابعة مباريات في كرة القدم بعدما انحسرت ظاهرة ارتياد فنادق الدرجة الثالثة لمشاهدة قنوات تبث أفلاماً خليعة. وعلى رغم شدة برودة ليالي الشتاء، الا أن عبد القوي (33 سنة) ظل يواظب على الذهاب الى «لوكندة» الدوحة في صنعاء لمشاهدة مباريات دوري اندية أوروبا. اكثر من كيلومترين يجتازهما عبد القوي سيراً احياناً، في عودته الى المنزل، خصوصاً حين يصادف موعد بث المباريات في وقت متأخر من الليل تتوقف فيه وسائل النقل العام. وثمة من يمضي الليل كله في «اللوكندة»، خصوصاً أولئك الذين يحرصون على تعاطي القات اثناء مشاهدة المباريات، او ممن اعتادت اسرهم على غيابهم عن المنزل. وتقدم «اللوكندات» الشعبية أساساً خدمة المقيل والنوم، ومنذ سنوات ادخل كثير من «اللوكندات» اجهزة تلفزيون وفيديو وبعضها يعرض افلاماً أجنبية لا سيما الهندية التي ما زالت تحظى باهتمام كثير من الزبائن. غير أن خدمة مشاهدة المباريات ما زالت محصورة بعدد محدود من الأماكن و «اللوكندات» التي نشأت منذ سنوات قليلة مثل «هاواي» و «النادي العراقي»، اللذين لا يقدمان خدمة المبيت بل تنحصر خدماتهما تحديداً في تقديم الشيشة والعصائر والاطعمة بالاضافة الى مشاهدة التلفزة. اما «لوكندة» هاواي فتضم مقيلاً يتيح تناول القات ومشاهدة المباريات في آن. وقال محمد (28 سنة) أنه يقصد «هاواي» لأنه يقدم معسلاً للشيشة اعتاد عليه منذ أيام الدراسة في الاردن. وباتت مألوفة مشاهدة عشرات الشباب من عشاق كرة القدم يتزاحمون في بعض «اللوكندات» حيث تقدم خدمة القنوات التلفزيونية المشفرة التي تحتكر عادة حق بث المباريات الكبيرة. وتتفاوت رسوم الدخول لمشاهدة المباريات من «لوكندة» إلى أخرى، فتتراوح بين 70 أو 200 ريال (أي ما يعادل دولاراً واحداً). وقال عبدالقوي: «أحرص على مشاهدة المباريات العالمية لانني اجد فيها متعة كبيرة»، مشيراً الى أنه قلما تابع مباريات محلية. وبحسب عبد القوي فإن الاقبال على هذا النوع يبلغ اشده اثناء المباريات بين فرق شهيرة مثل ريال مدريد الاسباني، وعندما يشارك نجوم كرة بارزون مثل البرازيلي رونالدو. وأحياناً يصل عدد الذين يقصدون «لوكندة الدوحة» لمشاهدة المباريات نحو 200 شخص. وذكر لؤي (18 سنة) انه يضطر الى الكذب على اسرته زاعماً انه ذاهب للمذاكرة عند صديقه في حين انه يذهب إلى «اللوكندة». وكانت صنعاء وعدد من المدن الرئيسية في اليمن عرفت للمرة الاولى شاشات عرض عامة قدمتها السفارة الالمانية في صنعاء لمناسبة استضافة المانيا المونديال العالمي عام 2006. وعلى رغم الاهتمام الكبير الذي تحظى به كرة القدم في اوساط الشباب اليمني لم يحد ذلك من استمرار بعض العادات العامة مثل تناول القات والتدخين خلال المشاهدة. ولا يقتصر الامر على متابعي اللعبة الذين عادة ما يمضغون القات في ميادين الكرة، بل إن كثيراً من اعضاء الفرق المحلية يتعاطى القات أيضاً. وسبق للجنة الاولمبية ان حرمت المنتخب اليمني من المشاركة في دورة الاولمبياد التي اقيمت في قطر عام 2006 بسبب اكتشاف تعاطي أعضائه عشبة القات المنشطة. وفي اليمن 300 ناد رياضي ينتسب اليها نحو مئة الف عضو، غير أن هذه النوادي لا تبدو قادرة على تغيير سلوكيات اعضائها ومشجعيها. ويأخذ خلدون (29 سنة) على جهاز الرياضة اليمني تقليديته و «مشيخيته» غامزاً بذلك من قناة تسلم الشيخ احمد العيسى رئاسة اتحاد كرة القدم. ويرى خلدون ان الامر لا يقتصر على استمرار عادة مضغ القات بين اللاعبين، بل الأسوأ على حد قوله، يكمن في التعصب المناطقي الذي باتت تكرسه الرياضة أيضاً. وكانت محافظة ابين الجنوبية شهدت العام الماضي حادثة شغب ومواجهات اندلعت عقب مباراة بين فريق شمالي وآخر جنوبي وجرى خلالها الهتاف بشعارات مناطقية. كما يعمل معظم النوادي تحت شعارات السياسة، وعادة ما تمنح الرئاسة الشرفية للنوادي الكبيرة إلى شخصيات حكومية بارزة وصاحبة نفوذ.*نقلا عن الحياة