دخلت الأزمة اللبنانية مسار ترقب نتائج الاتصالات العربية عشية انعقاد القمة العربية أواخر الشهر المقبل في دمشق، واجتماع وزراء الخارجية العرب في الخامس والسادس منه في القاهرة، وخصوصاً مع اشارة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى وساطة تقوم بها مصر على خط تسوية النزاع السوري - السعودي حول الملف اللبناني، وكثرت في بيروت تسريبات و"معلومات" عن "مساع هادئة"، بعيداً عن الضجيج الاعلامي، لانضاج صيغة تسوية للأزمة قبل نهاية مارس/ آذار المقبل، أي قبل موعد القمة، تزامناً مع دخول قطر، ممثلة برئيس وزرائها وزير خارجيتها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني مع كل من طهران ودمشق على خط الوساطة لتسوية الأزمة اللبنانية، وانجاح القمة العربية. وفي موازاة انقطاع الاتصالات الجدية بين فريقي الأزمة، مع مغادرة موسى بيروت من دون تحديد موعد جديد لعودته، وانتهاء "اللقاء الرباعي" من دون تحقيق أي نتائج ايجابية، قال موسى إنه سيزور دمشق خلال أسبوع، للبحث في تداعيات الأزمة في لبنان، والتحضير للقمة العربية، وسيلتقي الرئيس السوري بشار الأسد وكبار المسؤولين السوريين، في سياق التحضير للقمة العربية، وللتشاور في ما يمكن القيام به من جهود في الموضوع اللبناني، ولم يستبعد أن يقوم بزيارات أخرى لعواصم عربية معنية. وأضاف موسى، في تصريحات نشرتها صحيفة "السفير" اللبنانية أمس، أن الجامعة تمكنت من انجاز ما يمكن انجازه لبنانيا وبات الباقي يحتاج الى مساع عربية واقليمية جدية، ولاحظ أن حجم المشكلات هائل جدا، وهناك مشكلات تزداد تعقيدا لا بل تستولد مشكلات اضافية، وقال ان النيات اللبنانية طيبة، "ولكن النفوذ الخارجي بات ضاغطا في الموضوع اللبناني بدرجة غير مسبوقة من قبل". وجدد موسى التنبيه الى خطورة الموقف في لبنان، والى خطورة انعكاسات ما يحصل في لبنان على الوضع العربي والاسلامي عموما، "فالخطر الذي تنذر به الأوضاع اللبنانية بات مقلقا للغاية، ولبنان هو مجسم مصغر لكل ما هو موجود في المنطقة، ويمكن استغلاله في مختلف أنحاء الوطن العربي، أي أن التشققات اذا حصلت يمكن أن تمتد وتهدد سائر البلدان، ولذلك على كل من له صلة بالوضع اللبناني أن يستشعر بالخطر ويتحمل مسؤولياته، بدلا من التفرج، لأن أحدا لن يكون بمنأى عن اية تداعيات يمكن أن تصيب الوضع اللبناني، لا سمح الله". وقال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن عمرو موسى بذل جهودا طيبة ومشكورة في سبيل التوصل الى حل، وأنه سيسعى بكل ما أوتي من امكانات من أجل البناء على ما تم التوصل اليه بين المعارضة والموالاة، وصولا الى بلوغ الحل المنشود، ودعا الى أن تشكل القمة العربية مناسبة لصحوة عربية لانقاذ الموقف في لبنان. وفي السياق نفسه، تحدث رئيس التيار الوطني الحر النائب المعارض العماد ميشال عون أمام زواره عن تضييع قوى الأكثرية النيابية فرصة جدية للتوصل الى تسوية من خلال صيغة عشرة وزراء لكل من الأكثرية والمعارضة ورئيس الجمهورية المرتبطة فقط برعاية رئيس الجمهورية، للتوافق ضمن حكومة الوحدة الوطنية، وقال ان الأكثرية تخشى موضوع التقسيمات الانتخابية على اساس قانون ،1960 وربما سيقدمون على تطيير الانتخابات النيابية المقبلة اذا ظلوا ممسكين بالسلطة حتى ذلك الوقت. وقال رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في حديث الى وكالة "رويترز" أول أمس انه لا يرى نهاية تلوح في الأفق للأزمة السياسية. وشدد على أن الأكثرية لن تذعن لمطالب المعارضة بأن تتمتع بنسبة من الأصوات تمكنها من تعطيل قرارات الحكومة. وقال الرئيس الأسبق أمين الجميّل في لقائه أمس سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان باتريك لوران ان هناك من يؤجل الحلول السياسية ولا سيما انتخاب رئيس الجمهورية حتى عام ،2009 ولفت الى ايجابية في اللقاء الرباعي الأخير، هي استيعاب ضبط الوضع الأمني ومنع أي شيء من شأنه اثارة الحساسيات والتشنجات والمشكلات على الأرض، ورأى ان لبنان بات أسير محاور اقليمية معينة. في هذه الأثناء، دخل عامل جديد على خط الأزمة، تمثل في إعادة إحياء التحرك الفرنسي، مع وصول رئيس دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية لودوفيك بوي الى بيروت أمس في زيارة استطلاعية، تأتي تحت غطاء سعي فرنسا للحصول على تطمينات متعلقة بموضوع قواتها المشاركة ضمن قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في الجنوب اللبناني. وسوف يجري لقاءات مع كل القوى السياسية، وأبرزها مع "حزب الله".(الخليج)